إشادة بجهود الإمارات الإنسانية في العالم ونجاحها في مواجهة «كورونا»

سفير الجزائر بالإمارات لـ «البيان»: مشروع الدستور سيؤسس للجزائر الجديدة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد عبد الكريم طواهرية سفير الجزائر بالإمارات في حوار خص به «البيان»، أن التعديلات العديدة، التي تضمنها مشروع المسودة المعروضة على التصويت يوم الفاتح من نوفمبر المقبل سيؤسس للجزائر الجديدة التي تحترم الحقوق الأساسية للشعب حيث تحتوي بنوده على أغلب مطالب الحراك الشعبي المبارك، بإنشاء هيئة وطنية لمحاربة الفساد، وكذا استقلالية القضاء كلياً عن السلطة التنفيذية، مشيراً إلى أن مشروع الدستور الجديد يهدف إلى الفصل بين المال والسياسة حتى تكون الجزائر في مأمن عن التهديد، الذي كان يستهدف كيانها، مضيفاً أن الجزائر الجديدة هي فعلاً ليست مجرد شعار، بل هي إرادة صادقة نابعة من قناعة راسخة لدى مسؤولي الدولة بضرورة إحداث القطيعة مع ممارسات النظام السابق، والتكفل التام بالمطالب الشعبية المشروعة، مؤكداً أن الوثيقة الأساسية تصبو إلى الديمومة أكثر حتى لا تكون على مقاس رئيس محدد لفترة معينة، فيما أشاد بجهود الامارات الانسانية في العالم ونجاحها في مواجهة تداعيات «كورونا»، وإلى نص الحوار:

الجزائر ستكون بعد أسبوعين على موعد سياسي مهم وهو تنظيم استفتاء شعبي على الدستور الجديد بعد الجمود الذي فرضه وباء (كوفيد 19)، هل انخفاض المنحنى الوبائي سيشجع الجزائريين على المساهمة في انجاح الاستحقاق؟

في ما يخص سؤالكم بربط إقبال المواطنين الجزائريين على صناديق الاقتراع نتيجة تراجع وباء «كورونا»، فإن الأمر يبدو أكثر من ذلك، لأن السلطات الجزائرية قامت بكل الخطوات والإجراءات العملية للحد من انتشار الوباء، وبالتالي جعل الساكنة الجزائرية في منأى عن الآثار السلبية لهذا الوباء العالمي.

إن إقبال المواطنين على صناديق الاقتراع مرهون أصلاً بالقيام بعملية تحسيسية واسعة النطاق يتم من خلالها شرح وتبسيط العناصر الجديدة، التي يحتويها مشروع مسودة الدستور الجديد، والتي تشكل لا محالة قطيعة مع الممارسات السابقة بوضع دستور جديد يتميز بالديمومة ويختلف مضموناً عن سابقيه حتى لا يفسر على أنه مجرد وثيقة صالحة لمرحلة سياسية معينة.

تم اختيار تاريخ الفاتح من نوفمبر المقبل المصادف للذكرى السادسة والستين لثورة التحرير من الاستعمار الفرنسي لإجراء الاستفتاء، ويؤكد البعض أن التاريخ يحمل رسالة تعبر عن رغبة في إحداث ثورة جديدة ضد القوانين السابقة، ما تعليقكم على ذلك؟

إن اختيار الفاتح من نوفمبر من قبل رئيس الجمهورية لم يكن قراراً غير مدروس وإنما هو منبثق عن إرادة قوية أساسها الاستلهام من مغزى وعظمة هذه الذكرى الخالدة في تاريخ الجزائر.

إن قرار الرئيس عبد المجيد تبون بتنظيم هذا الاستفتاء في اليوم المصادف لاندلاع الثورة المباركة لهو دليل قاطع على الحس الوطني، الذي يمكن الجزائر من ربط الماضي بالحاضر، لأننا نعيش مرحلة جديدة في تاريخ الدولة الجزائرية الحديثة دعامتها إرساء دولة القانون واحترام الحريات الأساسية للمواطنين .

يُجمع أغلب المتتبعين أن الرئاسيات كانت أول انتخابات نزيهة وشفافة في الجزائر، هل نرتقب تعبئة شعبية كبيرة لهذا الحدث في ظل عودة الثقة بالإدارة؟

إعلان رئيس الجمهورية عن تنظيم انتخابات تشريعية مسبقة مباشرة بعد الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد يندرج في إطار مسعى وطني يهدف إلى إحداث قطيعة نهائية مع أساليب تسيير شؤون الدولة التي كانت سائدة في السابق، فالوعد الذي قطعه الرئيس على نفسه أثناء الحملة الانتخابية يتجسد يومياً في الميدان من خلال المبادرات والإجراءات العملية، التي مافتئ يتخذها لتحسين المرفق العمومي ، فهذا النوع الجديد من التسيير، من شأنه أن يشجع الشعب الجزائري على الإقبال الكثيف على صناديق الاقتراع للإدلاء بصوته، لأن الوثيقة المعروضة تم تعميمها على مختلف الشرائح للمناقشة والإثراء، وعليه فإن نزاهة الانتخابات الرئاسية السابقة تعتبر مؤشراً واضحاً لتشجيع فئات الشعب بضرورة الإدلاء بأصواتهم لتقرير مصيرهم بأنفسهم دون وصاية من أي جهة .

تشييد جمهورية الجزائر الجديدة حلم كل جزائري شارك في الحراك الشعبي، كيف ستسهم التعديلات الدستورية في تحقيق هذا المبتغى؟

إن التعديلات العديدة التي تضمنها مشروع المسودة المعروضة على التصويت تحتوي على أغلب مطالب الحراك الشعبي ، فإنشاء هيئة وطنية لمحاربة الفساد وكذا استقلالية القضاء كلياً عن السلطة التنفيذية وتبسيط إجراءات رفع الحصانة عن النواب كلها عناصر، من شأنها أن تمكن من إقناع المواطنين الجزائريين أن الجزائر الجديدة هي فعلاً ليست مجرد شعار، بل هي إرادة صادقة لدى مسؤولي الدولة بضرورة إحداث القطيعة مع ممارسات النظام السابق والتكفل التام بالمطالب الشعبية المشروعة.

هل التعديلات التي طرأت في مسودة الدستور تهدف إلى تكريس النظام شبه الرئاسي؟

إن التعديلات الكثيرة التي جاء بها مشروع الدستور الجديد والتي تمس أغلب المحاور الكبرى للحياة السياسية في الجزائر لا سيما ما تعلق منها بتقليص،  بصورة جذرية صلاحيات رئيس الجمهورية لهو دليل واضح وصريح على أن هذه الوثيقة الأساسية تصبو إلى الديمومة أكثر حتى لا تكون على مقاس رئيس محدد لفترة معينة، إن التعهد الذي ما فتئ السيد الرئيس يؤكده في كل المناسبات يندرج في هذا الإطار الذي يصبو إلى وضع وثيقة أساسية تسير منظومة الحكم في الجزائر في إطار إحترام الحريات الأساسية وحقوق المواطنين وكذا ضمان نزاهة أجهزة العدالة وكذا الحفاظ على الملكية العامة خدمة للشعب الجزائري وكذلك الحد من هيمنة السلطة التنفيذية على باقي السلطات.

هناك قوانين عدة صادق عليها البرلمان في ما مضى لم تطبق أبداً بسبب غياب نصوص تطبيقية، ألا تعتقدون أن الإشكال لا يزال قائماً حول نجاعة الآليات الضامنة لاحترام مواده ؟

الدستور الجديد يهدف فعلاً إلى الفصل بين المال والسياسة حتى تكون الجزائر في مأمن عن التهديد الذي كان يستهدف كيانها، وقد نادى الرئيس عبد المجيد تبون حينما كان رئيسا للحكومة بفصل المال عن السياسة حتى ننقذ مؤسسات الدولة من المال الفاسد.

وأؤكد أن حرص الرئيس على تكريس هذه القناعة ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج سياسة واضحة ترمي الى إحداث ثورة حقيقية ضد الفساد ، وما تقديم عدد كبير من المسؤولين السامين السابقين في الدولة أمام المحاكم بسبب قضايا الفساد إلا خير دليل على هذه الإرادة الحقيقية .

يؤكد البعض أن الاستفتاء اختبار للرئيس تبون بعد 9 أشهر من توليه الرئاسة، هل نجح في تقديم وصفة علاج لمشاكل الجزائريين؟

إنه من السابق لأوانه أن نتكلم عن اختبار في ظل فترة عصيبة يشهدها العالم جراء الانتشار الرهيب لوباء كورونا (كوفيد 19) وانطلاقاً من هذا لا يمكن بأي حال من الأحوال إبداء حكم مجحف في حق الرئيس بعد أقل من سنة من توليه الرئاسة لأن كل الجهود كانت منصبة على توفير الإمكانات المادية والبشرية لحماية المواطنين من الآثار المدمرة لهذا الوباء العالمي، خاصة مع انكماش الوضع الاقتصادي وتراجع مداخيل المحروقات.

وبالرغم من هذه الصعوبات، فقد نجح الرئيس في إحداث أسلوب جديد في تسيير شؤون الدولة بإشراك كل الفاعلين السياسيين في المنتديات التي تهدف إلى تحريك العملية الاقتصادية، وكذا إيلاء الأهمية اللازمة لعنصر الشباب.

هذه الطريقة الجديدة في الحكم خلقت بيئة مناسبة لإقناع المواطنين بأن المستقبل سوف يكون إيجابياً مع اندثار هذا الوباء وانطلاق العجلة الاقتصادية من جديد.

بصفتكم سفيراً للجزائر في الإمارات العربية المتحدة، ما الترتيبات التي تم اتخاذها مع الجالية لضمان نجاح الاستفتاء.؟

بمجرد إعلان الرئيس عن استدعاء الهيئة الناخبة لاستفتاء مشروع تعديل الدستور، قمنا بالتنسيق مع منسق السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، بفتح المراجعة الاستثنائية للقائمة الانتخابية للسماح للجزائريين غير المسجلين بتسجيل أنفسهم في القائمة الانتخابية لتمكينهم من الإدلاء بأصواتهم في الموعد الانتخابي القادم. وموازاة مع ذلك بدأنا بحملة تحسيسية على مستوى الموقع الإلكتروني للسفارة بأبوظبي والقنصلية العامة بدبي، وكذا على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي بإدراج أهم التعديلات التي جاء بها مشروع الدستور الجديد.

وبغية السماح للجزائريين المقيمين في الدولة ،والذين يتعذر عليهم الإدلاء بأصواتهم يوم الانتخاب لسبب أو لآخر، فقد قمنا بفتح فترة زمنية ما زالت سارية المفعول لإعداد الوكالات التي تتيح للموكل إليه التصويت ، كما قمنا بإخطار السلطات في الدولة بتواريخ الانتخابات والتنسيق معها من أجل ضمان التصويت في أحسن الظروف من الجمعة 30 أكتوبر إلى الأحد 01 نوفمبر، وعليه، أغتنم هذه الفرصة لأوجه نداء لكل أفراد الجالية بالدولة للتوجه بكثافة إلى مكاتب التصويت.

تتصدر الإمارات دول العالم في مكافحة فيروس «كورونا» على الجبهات كافة، ما تعليقكم على هذه الإنجازات والنجاحات ؟

إن الجهود المبذولة من قبل القيادة الإماراتية الرشيدة كان لها بالغ الأثر الإيجابي في التصدي لوباء فيروس «كورونا» في الإمارات، وذلك بفضل القرارات الحكيمة والإجراءات العقلانية المتخذة على كل الصعد من أجل الحد من الآثار السلبية لهذا الوباء على كل القطاعات وخصوصاً القطاع الاقتصادي، وهو ما يظهر جلياً في الميدان من خلال تزايد حالات الشفاء وتسجيل معدل وفيات من بين الأقل انخفاضاً في العالم، إضافة إلى الكشف المبكر للمصابين بفيروس «كورونا» ، حيث وصلت الإمارات إلى تحقيق إنجاز مهم تمثل في تجاوز عدد الفحوصات لعدد السكان وهذا دليل على الإمكانات الهائلة للأمارات التي لا تدخر أي جهد في سبيل راحة مواطنيها والمقيمين على أراضيها.

كما لا تتوانى دولة الإمارات العربية المتحدة في تأكيد أهمية العمل الإنساني على الصعيد الدولي وتعزيز روح التكاثف والتعاون بين جميع دول العالم في مواجهة هذا الوباء، وتنسيق الجهود العالمية للخروج من أزمة وباء فيروس «كورونا» في أقرب وقت ممكن.

تكفل

أكد السفير الجزائري في الدولة أن قضية العالقين في الدولة جراء تداعيات فيروس كورونا تم التكفل بها على أحسن وجه من قبل السفارة والقنصلية العامة بالتنسيق الدائم والمتواصل مع السلطات المعنية في الجزائر ودولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، حيث تم تنظيم ثماني رحلات لإجلاء الرعايا الجزائريين العالقين بالإمارات، رحلتان على متن طيران الإمارات، وست رحلات على متن الخطوط الجوية الجزائرية، وقد مكنت هذه العملية من إجلاء أزيد من 2000 مواطن جزائري عالق.

وأغتنم هذه السانحة لأتوجه بجزيل الشكر والامتنان لدولة الإمارات العربية المتحدة في تأكيد أهمية العمل الإنساني على الصعيد الدولي

كما بذلت الدولة الجزائرية جهوداً جبارة من أجل التكفل بهؤلاء الرعايا العالقين بداية بتوفير طائرات النقل على عاتق الدولة، إضافة إلى التكفل بنفقات الإيواء عند وصولهم إلى الجزائر وقضائهم لفترة الحجر الصحي.

Email