«المجلس العسكري» لن يسمح بالإقصاء في الفترة الانتقالية

الفريق أول عبد الخالق لـ«البيان»: إيران مهدّد حقيقي لأمن السودان

ت + ت - الحجم الطبيعي

كشف رئيس اللجنة الفئوية والاجتماعية بالمجلس العسكري الانتقالي الفريق أول طيار صلاح الدين عبد الخالق عن أبرز نقاط الخلاف بين المجلس وقوى الحرية والتغيير، ولوح بالتنصل عن الاتفاقات السابقة معها، وقال إن الاتفاق حول النسب والأرقام ليس مقدساً، ولا داعي له إذا ما كان سيقود إلى حرب أهلية، وأعلن عبد الخالق في حوار مع (البيان) رفض المجلس القاطع لأي نقاش حول سحب القوات السودانية المشاركة في عمليات استعادة الشرعية في اليمن، وأكد أن القوات ستبقى إلى أن يعود الحوثيون إلى حجمهم الطبيعي، وقال إن وجود إيران في جنوب البحر الأحمر مهدد للأمن القومي السوداني ولن يسمحوا به. وأكد أن المجلس العسكري لا يسعى للسلطة، وقال إن وجوده تقتضيه المهددات الأمنية لا سيما في ظل وجود ثمانية جيوش و47 حركة متمردة في دارفور وحدها، وأكد أن مهمة المجلس المحافظة على الأمن القومي للسودان، وقال «البلد مقدمة على حرب أهلية ولا يمكن أن تترك السلطة دون مشاركة المؤسسة العسكرية». وحول مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بتسليم الرئيس المخلوع عمر البشير أكد عبد الخالق أنهم لن يسمحوا بمحاكمة أي سوداني خارج البلاد، مشدداً على أن البشير سيحاكم داخل السودان على كل الاتهامات الموجهة ضده بشأن جرائم دارفور وستنقل محاكمته علناً وعلى الهواء مباشرة.

فيما يلي نص الحوار:

ماهي رؤية المجلس العسكري لإدارة الفترة الانتقالية؟

المهمة الأساسية للفترة الانتقالية حسب رؤيتنا تتمثل في تهيئة المناخ لإجراء الانتخابات، والمهمة الثانية محاكمة رموز النظام السابق عن الفساد والتجاوزات، وأهم مهام الفترة الانتقالية تتمثل في تحقيق السلام، هناك حركات مقاتلة رغم أن هناك وقف إطلاق نار ولكن ينبغي أن توقع معهم اتفاقية سلام ويكونوا جزءاً من إدارة البلاد من ناحية سياسية، وكذلك عودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم من دول الجوار حتى يشاركوا بأصواتهم في العملية الانتخابية، بجانب البدء في الإصلاح الاقتصادي.

 

لماذا تعثر التفاوض بينكم وقوى الحرية والتغيير ؟

قوى الحرية والتغيير طالبت بوجود مجلس تشريعي بالرغم من أن الفترة الانتقالية لا ينبغي يكون فيها مجلس تشريعي لأن المجلس التشريعي يجب إن يكون منتخباً، ولكننا اتفقنا معهم على أن يكون هناك مجلس تشريعي منقوص الصلاحيات، مهمته الرقابة على أداء الحكومة الانتقالية وليس من مهامه التشريع، وافقنا على إعطائهم 67% من المجلس بأغلبية الثلثين وهذا كان تنازلاً كبيراً منا، كما أننا وافقنا على أن يرشحوا كامل مجلس الوزراء. وعندما طلبنا منهم أن يكون المجلس العسكري الانتقالي بأعضائه السبعة ضمن المجلس السيادي بإضافة اثنين من المدنيين وهذا أيضا تنازل كبير، ولكن بعد خروجنا من التفاوض هم طالبوا بتنحي كل العسكريين وأن يكون المجلس التشريعي كامل الصلاحيات، على أن يسنوا ما شاءوا من قوانين وهذا سيؤدي إلى مشاكل كبيرة جداً.

 

مجلس تشريعي لا يشرع

هل تم الاتفاق فيما بينكم حول صلاحيات المجلس التشريعي المنقوصة؟

نعم اتفقنا، وطلبت قوى الحرية والتغيير أن يكون ذلك ضمن الأحكام العامة على أن تكون مهمة المجلس التشريعي التشريع للفترة الانتقالية مثل قانون الانتخابات والدوائر الجغرافية وقانون العدالة الانتقالية المختص بمحاكمة رموز النظام المخلوع، وهذا كان اتفاقنا وأنا كنت رئيساً لوفد التفاوض، وطلبوا منا أن يترك الأمر للقانونيين من الجانبين لصياغتها في الأحكام العامة، ولكنهم عند مناقشة ذلك في إطار التفاوض بشأن مجلس السيادة رفضوا الأحكام العامة تلك حيث طالبوا بمجلس تشريعي كامل الصلاحيات وهذا لن نوافق عليه، كما أنهم طالبوا بتمثيل رمزي للعسكريين وهذه هي النقطة التي توقف عندها التفاوض.

 

كيف تنظرون للتصعيد من جانب قوى الحرية والتغيير؟

هم بدأوا في التصعيد السياسي رغم أنهم حصلوا على 90% من هياكل الحكم، وأصروا على أن تكون السلطة مدنية كاملة، وهذا هو رأي الحزب الشيوعي تحديداً، عملوا إضراب ونفذوا محاولات لعصيان مدني، واغلقوا الطرق، وهذا تصعيد ليس له داعٍ، بالرغم من فشل الإضراب والعصيان المدني وإغلاق الشوارع هم متمسكون بآرائهم.

 

ولماذا تتمسكون أنتم بالأغلبية في المجلس السيادي؟

نحن طالبنا بوجود المجلس العسكري بأعضائه السبعة في المجلس السيادي وذلك باعتبار أن الأجهزة الأمنية وعلى رأسها الجيش لا ينبغي أن يتم التدخل في شؤونها، نحن مسؤولون عن الشؤون الأمنية، بجانب أن السودان محاط بثلاث دول تدور فيها رحى الحرب الأهلية الآن (جنوب السودان وأفريقيا الوسطى وليبيا) وهناك دول مرشحة لحرب أهلية لا داعي لذكرها، هذا بجانب أن هناك ثمانية جيوش في السودان وفي دارفور وحدها هناك 47 حركة مسلحة هذا غير جنوب كردفان والنيل الأزرق، وغير القوات المسلحة والدعم السريع والدفاع الشعبي وغيرها، ومن الخطورة بمكان أن يترك الشأن لحزب سياسي بعينه مع وجود هذه الكميات من الأسلحة، وهذا سيشعر الآخرين بغبن مما يؤدي إلى الحرب الأهلية مباشرة.


أمن قومي

أليس هذا تعنتاً من جانب المجلس العسكري؟

بالتأكيد لا.. نحن مهمتنا المحافظة على الأمن القومي للسودان، والبلد مقدم على حرب أهلية ولا يمكن أن تترك السلطة دون مشاركة المؤسسة العسكرية، الإقصاء السياسي دائما ما يقود إلى حروب أهلية وانقلابات عسكرية فالحرب هي السياسة بلغة عنيفة خاصة وأن هناك جهات مسلحة كثيرة جداً في السودان كما ذكرت.

 

ولكن تلك القوى هي التي قادت الحراك الذي انتهى بالتغيير؟

التغيير الذي تم لم يحدث بهم وحدهم، الجزء الأكبر من التغيير قامت به القوات المسلحة، ولم يكن التظاهر ولا الاعتصام هو الذي جعل الرئيس السابق يتنحى، القوات المسلحة هي التي أخبرته على التنحي وهي التي سمحت للمحتجين بان يعتصموا في القيادة العامة وهذه منطقة عسكرية ممنوع الاقتراب منها والتصوير، وسمحنا لهم بالاعتصام لأننا نحن أيضا كنا نعاني من النظام السابق، ولكن كقوات مسلحة لا نستطيع التعبير عن ذلك صراحة، وسمحنا لهم بذلك ليدرك رأس النظام السابق مدى الحال الذي وصلت إليه البلاد، وأن الشعب يرفضه خاصة وهو يسكن ويقيم داخل القيادة العامة، فنحن لنا ضلع في هذا التغير وبالمقابل مفترض يكون لنا مكان في الترتيبات السياسية للفترة الانتقالية.

 

إحباط انقلابات

ذكر المجلس العسكري أنه أحبط محاولتين للانقلاب هلا أعطيتنا مزيداً من التفاصيل؟

نعم صحيح هناك محاولتان انقلابيتان وهناك قيادات من قوى الحرية والتغيير كانوا ضالعين في إحداها، والأمر لا يزال خاضعاً للتحقيق، الآن تم اعتقال عدد من المشاركين في المحاولتين، وليس هناك عسكريون يمكن أن يقدموا على الانقلاب دون سند سياسي، هناك جهتان وراء المحاولتين إحداهما قام بها عناصر من الإخوان، والأخرى بتخطيط من بعض قيادات قوى اليسار.

 

هل تتوقعون محاولات انقلابية جديدة ؟

أجهزتنا الأمنية والاستخباراتية متطورة جداً وتستطيع كشف أي محاولة، ولكن الجو السياسي العام يدعو للانقلابات العسكرية، خاصة في ظل الفراغ الذي تعيشه البلاد الآن، وهذه واحدة من الأسباب التي تجعلنا ندعو الطرف الآخر لتعجيل تقديم تنازلات للتفاوض لأن التصلب في المواقف لا يفيد، ونحن لدينا خيارات أخرى قد نلجأ إليها.

 

ما مدى صحة الحديث حول مقترحات بشأن نسب التمثيل في المجلس السيادي طرحت من الوسيط الإثيوبي ؟

كل الوساطات تأتي في إطار الوساطة الإفريقية ونحن نقبلها جميعاً، طالما هي تسعى لتقريب وجهات النظر، فنحن مصرون على تمثيل القوى السياسية الأخرى بحيث لا يحتكر طرف واحد السلطة وهذا هو الأهم، وليس موضوعنا نسب التمثيل في مجلس السيادة فحسب فنحن نسعى لضمان تمثيل لكل القوى السياسية ونريد اتفاقاً مرضياً للجميع.

 

انتقال بلا مشاكل

هل هذا يعني نفض أيديكم من الاتفاق السابق؟

لا بالتأكيد، ولكن الاتفاق السابق لم يتم التوقيع عليه، والغرض الأساسي منه هو الخروج بمرحلة انتقالية دون مشاكل، وما اتفقنا عليه من نسب وأرقام ليست قرآنا منزلاً، نحن لا نقول إننا تنصلنا عن التزام أخلاقي، ولكن إذا كان ذلك الاتفاق سيقودنا إلى حرب أهلية فلا داعي له، ويجب على الطرف الآخر أن ينظر ألي الوطن وليس للمصلحة الحزبية الضيقة.

 

هل هناك أي اتصال غير مباشر بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير؟

لا، هم رفضوا أي اتصال مباشر معنا، وأعلنوا ذلك، رغم أننا نرحب بالذهاب إليهم، وربطوا ذلك بفض الاعتصام.

 

على ذكر فض الاعتصام أين وصل التحقيق حتى الآن ؟

هناك جهات عدلية وطبية تدرك الحقيقة الكاملة، ويؤخذ رأيها وشهادتها في التحقيقات التي تجري الآن على قدم وساق.

 

مهددات

طالبت بعض مكونات قوى الحرية والتغيير بسحب القوات السودانية من اليمن؟

أي وجود إيراني في جنوب البحر الأحمر مهدد للأمن القومي السوداني، المجلس العسكري مع بقاء القوات السودانية في اليمن وفي السعودية إلى ان تنتهي أسباب بقائها بعودة السلطة إلى الشرعية وإلى أن يرجع الحوثيون إلى حجمهم الطبيعي فهم مخلب قط لإيران في المنطقة، ونحن ننظر للوجود الإيراني كمهدد لأمننا القومي مباشرة، لن نسمح بانسحاب قواتنا من اليمن بل بالعكس إذا استدعى الأمر يمكن أن نزيد تلك القوات سواء في اليمن أو السعودية، ولن نسمح بأي حديث عن سحب قواتنا من اليمن، القضية بالنسبة لنا قضية أمن قومي لا نقبل فيها أي النقاش.

 

المحكمة الجنائية طالبت بتسليم البشير ما تعليقكم؟

مدعية محكمة الجنايات الدولية طالبت السلطات السودانية بتقديم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية أو محاكمته داخل السودان.

 

هل أنتم مع هذا الطرح؟

نحن نرحب بالمحاكمة داخل السودان على جرائم حدثت في دارفور، ولكن نحن لن نسمح بمحاكمة أي مواطن سوداني في الخارج على جرائم ارتكبت في السودان.

 

يعني ذلك أنكم ستحاكمونه داخلياً على جرائم دارفور ؟

بالتأكيد، ونحن الآن بدأنا محاكمته، وسيحاكم البشير على كل القضايا التي يواجه فيها اتهامات، وستكون محاكمته منقولة على الهواء مباشرة، فالقضاء السوداني قادر على ذلك يتمتع بالنزاهة والاستقلالية الكاملة والقضاة الأوروبيون ليسوا بأفضل من السودانيين لا علماً ولا أخلاقاً، وليسوا أكثر حرصاً منّا على حقوق السودانيين.

علاقات استراتيجية

قدمت دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية دعماً للسودان كيف تنظرون لذلك الدعم ؟

على مر تاريخ البلدين هناك احترام وتقدير متبادل بين الشعب السوداني والشعب الإماراتي، وعلى المستوى الرسمي دعمت الإمارات السودان دعماً مادياً ومعنوياً من خلال المواقف الإيجابية التي تصب في مصلحة الشعب السوداني، وكذلك المملكة العربية السعودية، وهذا هو الوضع الطبيعي، فالسعودية جغرافياً أقرب للسودان، وهي بلد الحرمين الشريفين، وفي وجدان أي مواطن سوداني تشكل قيمة مهمة جداً، العلاقات بين السودان والسعودية والإمارات، أبداً لم تنقطع في كل العهود، ونحن نشكر دولة الإمارات العربية المتحدة وقفتها مع السودان ليس في هذه الفترة بل في كل الفترات الماضية حتى في أيام اختلافها مع نظام الإنقاذ المخلوع دولة الإمارات ظلت تقف مع شعب السودان.

 

هل يمكن أن يمثل تعيين مبعوث أميركي خاص للسودان ضغطاً على المجلس العسكري؟

لا بالتأكيد.. كون يتم تعيين مبعوث أميركي خاص للسودان هذا يعني أن الولايات المتحدة مهتمة بأمر السودان، المجلس العسكري لا يمثل النظام السابق وبالتالي ليس هناك مصلحة لأي دولة في الضغط عليه، لأننا أعلنا أننا مجلس انتقالي ولا نسعى للسلطة، ونحن قضينا على كل التوجهات في العلاقات الخارجية التي يتبعها النظام السابق، ولم يعد للإسلام الراديكالي وجود في السودان بجانب أن علاقات الخارجية أصبحت تمضي مع مصلحة الشعب السوداني ومصلحة دول الجوار، ونقف مع الأمريكان في مكافحة الإرهاب ومكافحة الهجرة غير الشرعية ونحن مع كل المواقف التي تدعو لها الولايات المتحدة.

اتهام

عن اتهام المجلس العسكري بفض الاعتصام، قال الفريق صلاح عبد الخالق: ليس لدينا ما نخشى عليه، لأننا لسنا حُكماً ديكتاتورياً ولم نكمل الشهرين بعد، و أضاف لم نأت لنقتل الناس في سبيل الحكم، نحن أتينا أصلاً لمنع قتل المتظاهرين، ولكن مشيرا الى ان ما حدث هو وأثناء التعامل مع البؤرة الإحرامية في منطقة (كولمبيا)، انحرفت القوات المكلفة بالمهمة ودخلت إلى منطقة الاعتصام، وفي تلك الليلة كان العدد ليس كبيراً، وحصل ما حصل، وإجمالي الخسائر اسألوا عنها وزارة الصحة والمستشفيات لمعرفة العدد وأسباب القتل، فالعدد الرسمي الإجمالي لا يتجاوز الستين شخصاً وفيهم بعض الجنود.

Email