رئيس الوزراء الفلسطيني السابق يطرح رؤيته للخروج من الوضع الراهن

سلام فياض لـ «البيان»: فشل «أوسلو» يحتم تطوير منظمة التحرير

ت + ت - الحجم الطبيعي

اللقاء المغلق الذي عقد خلال الآونة الأخيرة، بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء السابق الدكتور سلام فياض، أعاد الأخير مجدداً إلى دائرة الترشيحات لشغل منصب رئيس حكومة وحدة وطنية، لاسيما وأن هذا اللقاء جاء بعد قطيعة طويلة بينهما.

لم يكن هذه اللقاء السبب الوحيد وراء دخول فياض بقوة بورصة الترشيحات للعودة مجددا لمنصب رئيس الحكومة، بل هناك متطلبات ملحة فرضتها المرحلة الحالية، ومن بينها بناء اقتصاد قوي، يُعين الفلسطينيين على الصمود، في ظل تعمد تجفيف منابع الدعم، من قبل أميركا، والقرصنة الإسرائيلية المستمرة للعائدات الفلسطينية من الضرائب.

إذ لا يخفى على أحد، أن فياض عُرف في بداية مشواره السياسي، بالرجل الاقتصادي، وصاحب النفوذ الواسع في المجتمع الدولي، علاوة على ذلك، فإنه قد يكون الأقرب في هذا التوقيت الحساس، لاستعادة وحدة الفلسطينيين، بالتزامن مع التحركات المصرية الأخيرة في هذا الاتجاه، ومرد ذلك لأنه ليس فتحاوياً ولا حمساوياً، وإنما رئيساً لكتلة برلمانية صغيرة، في المجلس التشريعي تُدعى «الطريق الثالث».

ولعل ما يزيد من شعبية فياض، أنه دائم الحضور، حتى لو لم يكن في منصب سياسي، فهو ما لبث أن توارى عن الحلبة السياسية، حتى ظهر بثوب البطل، عندما أشهرت الإدارة الأميركية «الكارت الأحمر» في وجهه، وحالت دون تعيينه في منصب أممي، العام الماضي، الأمر الذي تردد عنه شعبية طاغية، بعد أن ظن البعض، بأن عهده انتهى إلى غير رجعة.

«البيان» التقت الدكتور فياض، في محاولة لإزاحة الستار عن رؤيته للخروج من الوضع الراهن، مؤكدا أنه لا بد من حوار وطني شامل، يتم من خلاله توسيع عضوية منظمة التحرير، سواء كان ذلك عبر الانتخابات أو التوافق على آلية موضوعية بين مختلف الفصائل الفلسطينية، لافتا إلى أن مقاومة الاحتلال توحد الفلسطينيين، وسيظل الخان الأحمر، وكافة الأراضي الفلسطينية المهددة بالاستيطان والتوسع الاستعماري،عنوان المرحلة في مقاومة المشروع الإسرائيلي.

وأضاف فياض إنه لا يمكن تجاهل الحاجة لتطوير برامج منظمة التحرير الفلسطينية، لا سيما بعد فشل «أوسلو» في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وتآكل مساحة الأراضي الفلسطينية، تحت وطأة الاستيطان، وبالتوازي مع ذلك، لا ينبغي التوقف عن تفعيل المقاومة الشعبية لدحر الاحتلال، منوها بأن مسيرات العودة التي انطلقت في غزة ترسم استراتيجية الكفاح الوطني.. وإلى نص الحوار:

الحصار الخانق على غزة لم يترك خياراً أمام أهالي القطاع | أ.ف.ب

 

 

اللقاء المفاجئ مع الرئيس الفلسطيني، محط اهتمام المراقبين.. ماذا دار في هذا اللقاء؟

لا أفضّل الخوض في التفاصيل حالياً، وكل ما في الأمر أن الرئيس «أبو مازن» في هذه المرحلة الحرجة، يحتاج لتضافر الجهود، وتجنيد الطاقات، وهو بحاجة إلى خبرة مساعديه، القادرين على مواجهة التحديات، وسبق وأن تقدمت بورقة عمل ضمن رؤيتي السياسية، لاستيعاب التغييرات وآخر المستجدات، ولا أريد الحديث أكثر قبل أن تنضج الأمور.

 

تحدثتم عن رؤية سياسية، للخروج من الوضع الراهن، على ماذا تقوم رؤيتكم؟

تقوم على مبدأ الحوار الوطني الشامل، من خلال توسيع عضوية منظمة التحرير، سواء كان ذلك عبر الانتخابات أو التوافق على آلية موضوعية بين مختلف الفصائل الفلسطينية، بما يشمل تفعيل الإطار القيادي الموحد، الذي يضم كل فصائل منظمة التحرير، والفصائل الأخرى غير المنضوية تحت لوائها، والتفرغ لإعادة بناء وتوحيد المؤسسات الرسمية للدولة، والتوجه لإجراء انتخابات حرة وشاملة، وإعادة تفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني، وتمكينه من القيام بدوره كاملاً، إلى جانب توسيع دائرة المشاركة السياسية من خلال الوسائل الديمقراطية.

الحوار الوطني، وتوسيع إطار المنظمة، قبل استعادة الوحدة الوطنية.. هل هذا ممكن؟

لا يخفى على أحد، أن أبرز عوامل الضعف في الموقف الفلسطيني، يكمن في استعصاء حالة الانقسام، التي اعترت المشهد السياسي الفلسطيني، منذ أكثر من قرن، ونحن قدمنا بعض الأفكار والمقترحات للخروج من هذه الحالة، وكمدخل لأولويات العمل الوطني في هذه المرحلة، والعمل على بلورة مشروع وطني، يحظى بتأييد وإسناد شعبي وجماهيري، ومع التسليم بأهمية كل الجهود المبذولة في هذا الاتجاه، إلا أن هناك عقبات وتعقيدات، حالت في مناسبات عديدة، دون نجاح هذه المساعي، لكن علينا ألا نيأس، في معالجة هذه الصعوبات، حتى نتفرغ لمواجهة التحديات التي تواجه شعبنا وقضيتنا.

 

لكن هناك من حملكم مسؤولية الفشل في إنهاء الانقسام حينما كنتم على رأس الحكومة ؟

سمعت الكثير من الأقوال عني في تلك الفترة، مثل: فياض رجل أميركا في المنطقة.. «إسرائيل وأميركا راضيان عنه».. وكثيرون قالوا طالما بقي فياض رئيساً للحكومة، لن ينتهي الانقسام، الآن ومنذ خمس سنوات، فياض لم يعد موجوداً، فهل انتهى الانقسام؟.. ولماذا لم ينته؟.

ما هي المكونات الرئيسية لبرنامج وطني يناسب المرحلة الحالية للقضية الفلسطينية؟

في ضوء تآكل العملية السلمية، وفشل المفاوضات مع إسرائيل، وإزاء الضغوط التي تواجهها القيادة الفلسطينية، لتقديم تنازلات جديدة، والقبول بصفقة القرن، ما من سبيل أمامنا سوى التمسك بحقوقنا الوطنية الراسخة، كما أقرتها الشرعية الدولية، وفي المقدمة منها حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم، وحق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة، على كامل التراب الفلسطيني المحتل عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

رسالتنا في هذا الإطار واضحة، برفض الاستمرار في التفاوض مع دولة الاحتلال على أساس النهج القديم، بل يجب أن تتبنى هذه المفاوضات مبدأ ومنطق النديّة في التعامل، وأن تقوم على أساس الاعتراف بالحقوق الوطنية للفلسطينيين، كمدخل لا يمكن تجاوزه، أو القفز عنه، هذا لجهة العلاقة مع إسرائيل، أما في بيتنا الداخلي، فلا سبيل في غير إنهاء حالة الانقسام والتشظي في نظامنا السياسي.

في حال استمر الانقسام وتصاعدت غطرسة الاحتلال.. هل من خيارات وبدائل؟

نرد على ذلك بمزيد من الالتفاف والدعم الشعبي للحكومة الممنوحة الصلاحيات، ومشاركة كل القوى السياسية، والعمل على توحيد المؤسسات الرسمية الفلسطينية، والتوجه للانتخابات العامة، كي يتم تفعيل المجلس التشريعي كواحد من الروافع الأساسية، لمنظومة الإدارة السليمة، لما تواجهه القضية الفلسطينية من أزمات.

يجب أن تشمل الأولويات توفير مقومات الصمود لأبناء شعبنا، وخصوصاً في القدس المحتلة التي تواجه مخاطر التهويد والاستيطان، والتوافق بين فصائل المقاومة، على موضوع الهدنة مع الاحتلال، والتوجه إلى مجلس الأمن الدولي، لتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال.

وبطبيعة الحال، لا يمكن تجاهل الحاجة لتطوير برامج منظمة التحرير الفلسطينية، لا سيما بعد فشل «أوسلو» في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وتآكل مساحة الأراضي الفلسطينية، تحت وطأة الاستيطان، وبالتوازي مع ذلك، لا ينبغي التوقف عن تفعيل المقاومة الشعبية لدحر الاحتلال، والتصدي لمخططاته، فضلاً عن تسخير الدعم لصمود المقاومين على الأرض الفلسطينية.

هل صحيح أن إسرائيل هي من عرقلت تعيينكم في الأمم المتحدة؟

هناك تساؤلات عديدة ظهرت بشأن هذا الرفض، إسرائيل لمست تعاطفاً دولياً في تلك الفترة مع الجانب الفلسطيني، وكانت تدرك أن تعييني بهذا المنصب، من شأنه تعزيز الحضور الفلسطيني على الساحة الدولية، وهذا الأمر يزعج إسرائيل، وترفضه، وتلا ذلك حديث متكرر عن «صفقة» للتراجع عن هذا الموقف، ومنها سحب التوجه الفلسطيني إلى المنظمات والمحاكم الدولية، ومحاسبة إسرائيل على جرائمها، وكان موقفي الراسخ بالرفض المطلق لهكذا صفقات.

 

كيف تصف المشهد المُقاوم على الأرض الفلسطينية؟

مقاومة الاحتلال هي من توحدنا، وسيظل الخان الأحمر، وكافة الأراضي الفلسطينية المهددة بالاستيطان والتوسع الاستعماري، عنوان المرحلة في مقاومة المشروع الإسرائيلي، ولن تنتصر سوى إرادة الحياة لأبناء شعبنا، وحقهم في العيش الكريم على أرضهم وفي منازلهم.

نعم، بإمكاننا مواجهة جرائم المحتلين بالوحدة الوطنية، والمقاومة الشعبية، وستظل القدس عاصمة فلسطين الأبدية، وانظروا إلى مسيرات العودة في غزة، التي ترسم استراتيجية كفاحنا الوطني منذ الثلاثين من مارس، في يوم الأرض الخالد، هناك فقط الوحدة الوطنية والشعبية هي العنوان في الدفاع عن الأرض، واستنهاض قدرة أبناء شعبنا العظيم في مواجهة آلة الاحتلال القمعية، على طريق استعادة حقوقنا في الحرية والعودة، وتقرير المصير واستقلالنا الوطني الكامل.

Email