رئيس الائتلاف السوري المعارض عبد الرحمن مصطفى لـ«البيان»:

سياسات نظام الملالي تقود المنطقة نحو كارثة محقّقة

عبد الرحمن مصطفى

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكّد رئيس الائتلاف السوري المعارض، عبد الرحمن مصطفى، أنّ سياسات نظام الملالي تقود المنطقة نحو كارثة محقّقة، ما يستدعي تشكيل تحالف كبير في مواجهته، مشيراً إلى تمسّك الائتلاف بالحل السياسي الشامل الذي يضمن انتقالاً إلى نظام تعدّدي، يستثني الأسد ومن تلطّخت أيديهم بالدماء من رموز نظامه.

ولفت مصطفى في حوار مع «البيان»، إلى أنّ دعوة الروس إلى سحب القوات الأجنبية من سوريا، تحتاج التفعيل الحقيقي على أرض الواقع، موضحاً أنّ الدور الأميركي في التوصّل إلى حل حقيقي، وانتقال سياسي لا يزال غائباً، على ضوء عدم وجود الإرادة الكافية لمواجهة المخاطر التي يمثّلها نظام الأسد على المنطقة والعالم.

وفي ما يلي، نص الحوار بين عبد الرحمن مصطفى و«البيان»:

في البدء، ما خطة الائتلاف بتشكيله الجديد خلال المرحلة المقبلة؟ وما النقاط التي تركزون عليها، ونصيب الداخل السوري منها، عسكرياً وسياسياً وإنسانياً؟

نحن متمسكون بالحل السياسي الشامل، الذي يؤمّن الانتقال إلى نظام تعددي، لا مكان فيه للأسد ورموز النظام ممن تلطّخت أيديهم بالدماء، لذا، نتمسك بقرارات الشرعية الدولية، لاسيّما بيان «جنيف 1»، والقرار 2254 وقرارات الأمم المتحدة، ونؤكد على ضرورة تكريس الانتقال السياسي، نركز حالياً على العمل المباشر مع الفعاليات، ودعم المؤسسات والمنظمات العاملة على الأرض، وهذا سيشمل كل فعاليات وقوى الثورة، بما فيها العسكرية والسياسية والإنسانية، ويجري حالياً الإعداد لخطط عمل طموحة، لكنها واقعية أيضاً.

نركّز كثيراً على الوجود في الداخل، وبفعالية، وضمن أوساط شعبنا، ودعم وتقوية الحكومة المؤقتة، لتقوم بدورها الكبير في عموم الميادين، وكذلك الأمر في دعم وحدة تنسيق الدعم وصندوق الائتمان، وتقوية وتحسين أداء المجالس المحلية، واعتماد الانتخابات الحرة سبيلاً لاختيار أفضل الممثلين فيها، والعمل على تقديم نموذج يليق بالثورة، ويوفر الأمن والأمان للمواطنين، ويكرّس مبدأ الحرية والكرامة في التعامل، وتعزيز سلطات الشرطة والقضاء والمحاكم العادية.

إنّ كل السوريين على امتداد الجغرافيا السورية، جزء من هذه الخطة، الأمر الذي يؤكد رفضنا لأي عمليات تقسيم أو فصل، وهو ما ينبع انطلاقاً من إيماننا بوحدة الشعب بمختلف فئاته ومكوناته، خطابنا وعملنا موجه إلى كل السوريين في الداخل والخارج، وخطتنا تعمل على الاستفادة من جميع الإمكانات، وتطوير أدائنا المؤسسي، وشحذ شبكة علاقاتنا في الداخل والخارج، فضلاً عن مواجهة المشاريع الأخرى، سواء تلك الرامية إلى فرض رؤية تسلم بالأمر الواقع، أو تحاول تعويم النظام أو إعادة إنتاجه بأي شكل، أو التي تسعى لفرض مشاريع تفتيت، فإننا سنركز على بذل كل جهودنا لتحقيق مشروع الشعب السوري فقط، أقصد تحقيق أهداف الثورة، وهي تتمحور حول استعادة الحقوق، وإقامة نظام حكم رشيد، يضمن الحرية والعدالة والكرامة للجميع دون أي تمييز، ويتم فيه تبادل السلطة دون استبداد ودون إرهاب، ودون أي تدخل أو وصاية خارجية.

نركز على متابعة الأوضاع الإنسانية والأمنية في مختلف المناطق، فضلاً عن متابعة وتنظيم الملفات القانونية المتعلقة بالجرائم المرتكبة في سوريا منذ 2011، بما يشمل ملفات جرائم الحرب واستخدام الأسلحة الكيميائية وملف المعتقلين.

مفتاح حل

هل تعتقد أن الائتلاف لا يزال يمتلك أدواته التي يمكن من خلالها أن يمثل عامل ضغط، أم أنّ الملف برمته صار في يد القوى الدولية؟

نحن ندرك حجم الكارثة التي جرها النظام وحلفاؤه على الشعب السوري، ونعرف تماماً دور المجتمع الدولي الذي فشل بشكل مستمر في تحمل مسؤولياته تجاه السوريين، وندرك أيضاً نقاط الضعف التي نعاني منها في خندق الثورة، لكننا ندرك أيضاً أن الشعب السوري هو الضمانة وصاحب الكلمة النهائية، وأنّ مفتاح الحل سيظل في يده، ومهما تصارعت القوى، فلن يتحقق في النهاية إلا ما يرضى عنه السوريون.

كيف تؤثّر الخلافات الداخلية، وتعدد الولاءات أو الانتماءات والاستقالات داخل الائتلاف؟

الخلافات أمر طبيعي في أي تحالف أو ائتلاف سياسي يضمّ طيفاً واسعاً من المعارضة والاتجاهات المتعددة والناشطين والفصائل، وقد يكون مبعث غنى وتفاعل، لاسيّما بتكريسه الروح الجماعية والعمل المؤسسي، والتزام الجميع بالقرارات التي تتخذها الهيئات المختصة، ولاشك أنّ مغادرة أي عضو من أعضاء الائتلاف هو خسارة، وهذا يدفعنا للتمسك بلغة الحوار والتواصل المستمر مع الجميع.

وسيبقى هناك دور مهم للائتلاف، باعتباره الممثل الشرعي للثورة، وهو دور يمكن أن يتصاعد ويتكامل عبر النهوض بالمهام الكثيرة المناطة به، والعمل كفريق يعبر بصدق وأمانة عن أهداف الثورة، ويتمسّك بثوابتها التي كرّستها ودعمتها بالتضحيات الجسام، وبالتصميم على الاستمرار فيها حتى انتزاع حقوق الشعب في الحرية، وإقامة النظام المدني التعددي الذي يحقق المساواة بين الجميع على أساس المواطنة.

يمكن لجرائم النظام وداعميه، ومصالح الآخرين والعراقيل والعقبات التي يتم وضعها أن تؤخر النتيجة فقط، نحن على ثقة بأنّ الشعب الذي ما انفك يذهل العالم بإصراره وصبره وعزيمته، سيستمر في نضاله حتى انتزاع حريته التي يستحق، وبناء وطن حر على قدر التضحيات التي بذلها.

تفعيل

كيف تقيمون الدور الروسي؟ وكيف قرأتم دعوة موسكو لسحب القوات الأجنبية من سوريا، وهل يمكن التعويل على الروس، رغم دعمهم النظام؟

إنّ الأزمة المتفاقمة في سوريا لها ثلاثة رؤوس، فإلى جانب المجتمع الدولي العاجز، والنظام المجرم، هناك الداعمون للنظام، التصريحات الروسية الأخيرة بحاجة إلى تفعيل حقيقي على أرض الواقع، نحن نؤكّد لجميع الأطراف أن المصلحة الحقيقية لدول العالم، تكمن في سوريا حرة ديمقراطية، خالية من التدخلات الخارجية، وأن ما يقف في وجه ذلك هو النظام والدعم الذي يتلقاه، دعوة الرئيس الروسي قد تكون جادة، لكنها حتى الآن غير مدعومة بأي تحرك عملي ملحوظ.

غياب دور

كيف تقرؤون الموقف الأميركي، ودور المجتمع الدولي؟

دور المجتمع الدولي مهم، وعلى رأسه الدور الأميركي للوصول إلى حل حقيقي وانتقال سياسي، هذا الموقف المطلوب لا يزال غائباً، الموقف الأميركي الحالي مستمر في الهامشية، وكأنه جزء من سياسة مواصلة النزيف السوري لمستوى معين، ولا يتم إبداء إرادة كافية لمواجهة المخاطر التي يمثلها نظام الأسد على المنطقة والعالم، ونحن ندعو ونطالب في كل مناسبة بإجراء تعديل حقيقي وجاد للمواقف الدولية، بما يتناسب مع حقيقة ما يجري على الأرض.

هل تقف إيران عقبة أمام أي مبادرة للحل في سوريا؟ أم يمكن تحجيم دورها دولياً، بما ينعكس على الملف السوري؟

النظام الإيراني الاحتلالي داعم رئيس للأسد، وكان ولا يزال عقبة أمام أي حل سياسي، النظام الإيراني لديه مشروعه القومي الخاص المستند على المذهبية والعابر للحدود، إذ لا يكتفي بفرضه على شعبه، بل يتجه به إلى الدول والمجتمعات العربية لاختراقها من داخلها، وفرض صراعات خطيرة، تشكل بيئة مناسبة لحروب أهلية طويلة، قد تحمل معها تفتيت تلك الدول والمجتمعات ثم احتوائها، ترافقاً مع عمليات التهجير القسري والتغيير الديموغرافي.

تقوم السياسة الخارجية الإيرانية على العداء لدول وشعوب المنطقة، بما فيها الشعب الإيراني نفسه، النظام هناك يرفع شعارات من جهة، ويستمر بنشر الفوضى وتصدير العنف والإرهاب من جهة أخرى، ومنهمك في سياسة كارثية انتحارية، مرتبطة بمشروعية وجود النظام نفسه، تصرفات النظام الإيراني اللا مسؤولة، تقود المنطقة نحو كارثة محققة، ولا يمكن لجمها وتحجيمها بقرارات جزئية وتحالفات مؤقتة، بل هناك حاجة لبناء تحالف كبير، إيران ونظام الأسد لا يبحثون عن أي حل في المنطقة، لأن بقاءهم رهن باستمرار الأزمات وإشعال الحروب.

ما أجندتكم خلال المرحلة المقبلة؟

أعلنا منذ البداية، تمسّكنا بالحل السياسي سبيلاً للتغيير، وإنهاء نظام الجريمة والفئوية، وإقامة النظام التعددي الديمقراطي، واعتبرنا أن «جنيف 1»، يمكن أن تحقق النقلة بتشكيل هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات، وأسهمنا بفعالية في جميع جولات المفاوضات، إلّا أنّنا واجهنا دوماً صلابة وتعنّت ورفض نظام الأسد، ومحاولات فرض رؤى تتجاوز عملية الانتقال السياسي، ما زلنا متمسكين بالحل السياسي الذي يؤمن الانتقال إلى نظام بديل تعددي، لا مكان فيه لرأس النظام وكبار رموزه من الملوثة أيديهم بالدماء.

Email