وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتي محمد الجبري لـ «البيان»:

أيديولوجية الإرهاب هي العداء للإسلام

ت + ت - الحجم الطبيعي

أشــاد وزير الأوقـــاف والشـؤون الإسلامية ووزير الـــدولة لشؤون البلدية الكويتي، محمد الجبري، بالتجربة الإماراتية في التعايش والتسامح، ووصفها بأنها «رائدة وتستحق الاحترام»، كما اعتبر وزارة السعادة «سبقاً محــموداً» متمنياً أن تُعمم تلك التجربة. ذلك في الوقت الذي أكد فيه الوزير الكـــويتي على أن تفعيل الشراكة الخليجية بين وزارات الأوقاف، بمـــثابة «نواة للعمل الإسلامي المشترك».

وتطرق الوزير الكويتي، في حوار مع «البيان»، إلى التهديدات الإرهابية التي تعاني منها دول المنطقة، وقال إن الأيديولوجية الوحيدة التي ينطلق منها الإرهاب، هي العداء لدين الإسلام ومنهاجه السماوي، وشدد على ضرورة التحلي بأعلى درجات الحذر لمجابهة مخططات ممنهجة، تستهدف تشويه الإسلام وزعزعة الاستقرار في بلادنا. كما أفاد بأن تعزيز مفهوم المواطنة يحتاج إلى تحركٍ مدروس ومخطط له بشكل جيد، يبدأ من مناهج التربية في المدارس.

وتنــاول الحوار، التــــعاون القائم بين الوزارة والأزهــر الشريف، ورد الوزير على سؤال بشأن محاولات البعض داخل مصر للتــــقليل من دور الأزهر، مؤكــــداً أن «الأصوات النشاز التي تريد النيل من الأزهر الشريف لن تؤثر فيه بشيء».. إلى تفاصيل الحوار:

رأينا معاناة مصر مؤخراً مع عمليات إرهابية استهدفت نسيج الوطن، بالاعتداء على كنائس للأقباط، هل تعتقد بأن الإرهاب يستهدف نموذج الدولة الوطنية بشكل عام، أم ينطلق في ذلك من قــــواعد أيديولوجية بحتة؟

الإرهاب لا دين له ولا ملة، وبات من المعلوم أن هذه الأعمال الإرهابية تستهدف أمن واستقرار مجتمعاتنا المسالمة، لتعطيل التنمية من جهة، والتشويه المتعمد لشريعة الإسلام السامية من جهة أخرى، ولا أستبعد أن هناك أيدي خفية تخطط وتدبر لتحقيق هذه المآرب الشيطانية لتحقق عدة غايات في آن واحد. وأعتقد جازماً أن الأيديولوجية الوحيدة التي ينطلق منها هذا الإرهاب هو العداء لدين الإسلام ومنهاجه السماوي ولا غير.

تعزيز المواطنة

وما السبيل نحو تعزيز مفهوم «المواطنة» فـــي الدول العربية لحماية الأوطان من مصائر ظلامية، جراء الخــــطاب الطائفــــي الذي أسقط دولاً في براثن الحروب الداخلية؟

تعزيز مفهوم المواطنة يحتاج إلى تحرك مدروس ومخطط له بشكل جيد، يبدأ من مناهج التربية في المدارس، ويستمر مع وزارات الأوقاف من خلال المساجد، وفي وزارات الإعلام. لا بد أن يكون هناك حد أدنى من التوجيه الوطني المسؤول الذي يرمي لتعزيز الهوية الوطنية، وإزالة أي أسباب للبغضاء أو الشحناء في جنبات المجتمع، ليعم السلام والأمن في المجتمع، وعلى العقلاء في المجتمع من المكونات المتعددة، أن يعوا خطـــورة هذا وآثاره المدمرة التي تعصف بكينونة الدولة، إذا ما سمح لهذا النفس الطائفي أن يستشري بين أبناء المجتمع الواحد.

كيف تنظرون للتجربة الإماراتية في ذلك الصدد، في إطار المواطنة والتسامح؟

لا شك أن التجربة الإماراتية داخل منظومة دول مجلس التعاون الخليجي رائدة، وتستحق الاحـترام، لأنها أحدثت نقلة نوعية بالمجـــتمع، وارتقت به إلى مصاف الدول المتقدمة، وها نحن نرى ثمار هذا التسامح تنعكس إيجاباً على النمو الاقتصادي والرفاهية المجتمعية والأمن الداخلي، حتى رأينا لديهم وزارة للسعادة، وهذا سبق محمود، ونتمــنى أن تعمم هذه التجربة.

أجندات خارجية

ما الدور المنوط بالقادة وصانعي القرار والمؤسسات الإسلامية لمواجهة الأجندات الخارجية المبنية على أساس أيديولوجي، والتي تدفع ضريبتها بعض الدول في إطار تدخلات خارجية من أصحاب تلك الأجندات؟

ينبغي علينا جميعاً أن نكون في أعلى درجات الحذر، لنتمكن من مجابهة هذه المخططات الممنهجة، التي تستهدف تشويه الإسلام وزعزعة الاستقرار في بلادنا، ولنعمل جاهدين على تفويت الفرصة على المتربصين بنا، ولا يكون ذلك إلا بالتعاون والتعاضد والتناصح والاعتصام بدين الله، لنضمن الأمن والأمان في مجتمعاتنا وبلادنا.

في ظل تنامي خطر الإرهاب الذي يتخذ من الإسلام عباءة لتبرير جرائمه وصبغها بالــشرعية، ما الدور الذي تلعــبه وزارتكم في مجابهة ذلك، انطلاقاً من منهـــجها الوسطي المتسامح؟ وهل هنالك مبادرات خاصة في سبيل مواجهة الإرهاب والأفكار المتطرفة؟

لا شك أن دور الوزارة محوري وأساسي، ونتحرك من خلاله في عدة اتجاهات لوضع الأسس التي تهدف إلى توحيد وتجديد الخطاب الديني، والتي تنطلق من بيان الأحكام الصحيحة للدين، وفق مقتضيات المصدرين الأساسيين (القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة)، مع التركيز على الجوانب الاجتماعية والسلوكية والأخلاقية.

ولدينا العديد من المبادرات التي نقدمها بأساليب مبتكرة، تتواءم مع متطلبات واحتياجات المجتمع بكافة فئاته (الرجال، والنساء، والشباب، والأطفال)، فضلاً عن المؤسسات، وبوسائل وأساليب تطويرية تتماشى مع المتغيرات المحيطة، بالإضافة إلى ابتكار الأسس والمبادرات المرتبطة بنشر الفكر الوسطي، ومواجهة الفكر المتطرف من خلال وسائل وأساليب مستهدفة، تتبنى التنوع الفكري والعقائدي بالمجتمع الكويتي، وفق عدد من المحاور، هي: (تعزيز دور المساجد التوجيهي والدعوي، وكذا نشر الفكر الوسطي المعتدل من خلال مواجهة التطرف والإرهاب وفق أساليب ثقافية وتوجيهية، وإضافة إلى ذلك تطوير وتجديد للخطاب الديني، مع أهمية التنسيق مع الوزارات والمؤسسات في تفعيل الفكر الوسطي المعتدل).

ريادة عمل

تصبو وزارتكم للوصول إلى الريادة العالمية في العمل الإسلامي وتعزيز الوسطية، ما الأدوات التي تتبعونها في سبيل تحقيق ذلك الهدف؟

قطعنا بتوفيق الله شوطاً كبيراً في ذلك الأمر، الذي كان هدفاً رئيساً في خطتنا الاستراتيجية.

ومن خلال «اللجنة العليا لتعزيز الوسطية»، نجحنا في إنجاز العديد من المبادرات والمشاريع التوجيهية والفكرية والثقافية، وكذا إقامة العديد من الفعاليات والأنشطة في ذلك الصدد، على غرار المحاضرات الجماهيرية التوجيهية ومشروعات مختلفة، مثل (الدورات العلمية لشرح وثيقة وسطية الإسلام ونبذ العنف) جنباً إلى جنب والمحاضرات الموجهة لطلاب المدارس حول وسطية الإسلام، وكذا الندوات العلمية التي تحذر من مخاطر الإرهاب والعنف.

والخطب المنبرية أيضاً في ذلك الشأن. وأيضاً تم تأسيس ملتقى تطوعي للمشاركة في مواجهة الفكر المتطرف، كما تم إطلاق مبادرات في هذا الصدد، مثل مبادرة «خلك وسطي».

وبالإضافة لذلك، كانت هنالك خطوة مهمة، وهي خطوة تشكيل لجنة من أهل العلم والدعاة لمقابلة المتأثرين بالفكر المتطرف، وأيضاً لجنة خاصة بمراجعة المناهج الخاصة بإدارة الدراسات الإسلامية. إضافة إلى العديد من الفعاليات الأخرى على غرار الدورات التدريبية لمعلمي وموجهي وزارة الشؤون الاجتماعية، وكذا موجهي وزارة الأوقاف، وأيضاً الضباط، وفي نهاية الفصل الدراسي نكون قد دربنا أكثر من ثلاثة آلاف خطيب ومعلم وموجه من المنتسبين للوزارة.

سبعة أهداف

وما طبيعة التنسيق القائم مع وزارات الأوقاف والمؤسسات الدينية الإسلامية في المنطقة؟ وما إذا كان هنالك رؤية مستقبلية لتطويرها؟

رؤيتنا المستقبلية في الوزارة، يأتي من بين محاورها الرئيسة، التنسيق المشترك مع وزارات الأوقاف في دول الخليج.. ولقد جنينا العديد من الثمار الطيبة لذلك التعاون، عبر الاجتماعات واللقاءات الدورية التي يتم تنظيمها لبحث سبل وآليات التعاون بين تلك الوزارات، وهي الاجتماعات التي أفضت إلى خطة استراتيجية موحدة بين وزارات الأوقاف في دول مجلس التعاون الخليجي، تستهدف تحقيق سبعة أهداف رئيسة، هي (الحفاظ على الهوية الخليجية وتعزيز المواطنة الصالحة، ونشر الوسطية والاعتدال الفكري والمنهجي وفق آلية موحدة لمواجهة الفكر المتطرف، وتعزيز دور العلماء الراسخين في العلم في المجتمعات الخليجية، وتأهيل أئمة المساجد وتعزيز الدور المناط بهم، وتنمية وتطــــوير الأداء لمؤسسات العمل الوقفي، وتعزيز دور الشباب وإدارة وتنمية مواهبهم، وتعزيز دور المرأة في التوجيه الشرعي لتحقيق الاستقرار المجتمعي).

إن تفعيل الشراكة على مستوى دول الخليج نواة للعمل الإسلامي المشترك، وتفعيل للشراكة الإسلامية بين الدول الإسلامية، الأمــر الذي بدوره يشكل نقلة نوعية في العمل الإسلامي المشترك، وهي النقلة التي تتطلبها المرحلة الراهنة من تاريخ المنطقة الإسلامية.

وسطية

أكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت انه رغم نجاح الأوقاف في تحصين المجتمع من التطرف الا اننا ما زلنا نواجه الكثير من التحديات في ظل التغيرات السريعة للأحداث إقليميا ودوليا.وشدد على ان المجتمعات الإسلامية بحاجة ماسة لتعزيز الوسطية .

الأزهر من أكبر المؤسسات الإسلامية.. والأصوات النشاز لن تؤثر

أكد وزير الأوقاف الكويتي أن الشراكة بين الكويت والأزهر الشريف شراكة تضرب في جذور التاريخ وأن تعاوناً مثمراً بين الطرفين تم في الماضي ولا يزال مستمراً، وقال «لدينا معه العديد من بروتوكولات التعاون على اعتبار أنه من منارات الإسلام الزاهرة.

وأما الأصوات النشاز التي تريد النيل منه فلن تؤثر فيه بشيء؛ لأنه صمد في وجه أعتى الحملات صمودًا كبيرًا ولن ينالوا منه؛ لأنه من أكبر المؤسسات الإسلامية الداعمة للعلوم الشرعية التي تعتمد المنهج الوسطي».

وقال الوزير: نعلم أن دور المسجد مهم جدا في حياتنا، بل قل ان شئت ان المسجد هو محور حركة الحياة والتوجيه لمجتمعاتنا، وهو نقطة ارتكاز للفكر الوسطي المعتدل، ولذلك نحن في الوزارة نعمل جاهدين إلى ترشيد الخطاب الديني من خلال المسجد وإلى تعزيز الدور التوجيهي والدعوي للمساجد حسب رؤية الوزارة، وكذلك الاستخدام الأمثل لتوجيه أنشطة المساجد نحو نشر الفكر الوسطي المعتدل والاستفادة من خطبة الجمعة والدروس والخواطر الدينية بها لتوجيه المجتمع نحو الفكر المتزن، ووضع منظومة متكاملة للدروس والخواطر الدينية بالمساجد لتعزيز مفاهيم الوسطية في المجتمع بما يوائم القيم والسلوك المستهدف في ظل أحكام الشريعة بميثاق المسجد.

ووجه الوزير رسالة -عبر «البيان»- إلى الأمة الإسلامية بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المُبارك، قال فيها: «رمضان موسم من أعظم مواسم الخير للمسلم التي ينبغي عليه أن يغتنمها ويتزود فيها من زاد الخير وهو التقوى والإقبال على كتاب الله في شهر القرآن.. يقول الله عز وجل: وتزودوا فإن خير الزاد التقوى».. وأردف: «وأسال الله تعالى أن يوفق الجميع لما فيه خير البلاد والعباد.. وكل عام والجميع بخير».

Email