وزير الأشغال العامة الفلسطيني لـ « البيان »:

الربيع العربي انعكس سلباً على إعمار غزة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتبر ملف إعمار قطاع غزة الملف الأبرز على الساحة السياسية والاقتصادية في قطاع غزة، بعد تعثر إتمامه إثر العدوان الأخير والذي انتهى قبل أكثر من عامين، في حين ينتظر ما يقارب خمسة آلاف عائلة، الأموال اللازمة لإعادة إعمار منازلهم، وتبحث الحكومة عن الدعم اللازم لهذه العائلات.

وأكد وزير الإشغال العامة الفلسطيني د. مفيد الحساينة في حوار اجرته معه «البيان» أن الظروف السياسية في الشارع العربي والتي نتجت عن الربيع العربي انعكست سلباً على إعادة أعمار غزة، بعد انشغال عدة دول عربية بشأنها الداخلي، وتلاشت دول عن الخريطة بعد انقساماتها الداخلية، والتي تتطلب إعادة الحياة لهذه الدول، مليارات الدولارات، في حين تبحث الحكومة الفلسطينية عن 5 مليارات دولار لإنهاء ملف إعمار غزة.

واوضح الحساينة أن حكومة الوفاق الفلسطينية تعتزم إعداد خطة لدعوة الممولين والدول العربية والغربية لحضور مؤتمر ثانٍ في رام الله لاطلاع الممولين عن سير إعادة الإعمار، واطلاعهم على الاحتياجات اللازمة لإنهاء ملف المشردين والمدمرة منازلهم، خلال الفترة المقبلة.

واكد أن ظروف سياسية واقتصادية معقدة تواجهها الحكومة في رام الله، بكافة وزرائها في الضفة الغربية وقطاع غزة، نتيجة الحصار المالي على السلطة الفلسطينية، والحصار الخانق على قطاع غزة، وتقطيع أوصال الضفة الغربية بمستوطنات وتحويلها لكنتونات.

وتالياً نص الحوار:

إلى أين وصل ملف إعمار غزة؟

تم إصلاح وإعمار 95 ألف منزل من أصل 130 ألف منزل مدمر بشكل جزئي ما نسبته 75 في المئة، فيما تم إعمار 60 في المئة من إجمالي 11.860 منزلاً مدمراً بشكل كلي، وننتظر الإيفاء بالوعود المالية لإكمال أعمار باقي المنازل المدمرة. وما زلنا ننتظر الأموال اللازمة لبناء 5000 بيت مدمر في قطاع غزة، كما حصلنا على وعود من دول عربية وبنك التنمية الإسلامي لدفع الأموال اللازمة لبناء المنازل.

ما هو دور الدول العربية في عملية الإعمار؟

دفعت الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ما يقارب 65 في المئة من الأموال، وجزء منها من الاتحاد الأوروبي كجزء من عملية الأعمار، بالإضافة لمنحة أميركية بقيمة 20 مليون دولار، ومنحة ألمانية بقيمة 60 مليون دولار، جزء منها وصل وكالة الغوث ولكن بالتنسيق مع وزارة الإشغال العامة، لأنها الخيمة التي تغطي إعادة إعمار غزة.

وتلقينا وعوداً من البنك الإسلامي في الرياض ووعوداً أخرى من دول عربية بإكمال المساعدات لإعادة الإعمار، ونأمل مساعدتنا في إنهاء هذا الملف. وسينتهي ملف الأسر النازحة وبناء منازلها بمجرد وصول الأموال المطلوبة لبناء منازلهم، وهذا يعتمد على إدخال مواد البناء من الاحتلال الإسرائيلي، وفي حال لم تصل الأموال ستكون هذه إشكالية كبيرة، وتسعى الحكومة الفلسطينية لإنهاء هذا الملف بالتواصل مع كل الدول العربية.

ما هي تحركات الحكومة لدعم ملف الإعمار؟

هناك رؤية من رئاسة الوزراء أن يكون هناك مؤتمر مصغر يجمع الدول المانحة، وهذا ما تم الدعوة له قبل سبعة أشهر للدول العربية والأوربية المانحة، وكان هناك اجتماع موسع في مجلس الوزراء للدول المانحة والمؤسسات الدولية في قطاع غزة، وهذا ساعدنا في دفع عجلة الإعمار. ولدينا خطة سيعلن عنها رئيس الوزراء لجمع الأموال بنفس الطريقة التي حصل عليها في الفترة السابقة حتى ندفع عملية البناء والأعمار، وتشجيع الممولين على دفع الأموال بعد مؤتمر القاهرة. وفي حال نجاح الخطة يستغرق بناء باقي المنازل المهدمة عامين وإنهاء ملفهم وملف الأعمار بالكامل.

ونجحت الحكومة في جمع 150 مليون دولار من الدول المانحة خلال المؤتمر السابق قبل سبعة أشهر، وتمكنت الوزارة من بناء 3000 منزل مدمر، وواجب على الحكومة التحرك من جديد لإنهاء ملف الإعمار، وطرق كل الأبواب حتى إنهاء المشكلة. وضع الحكومة الفلسطينية صعب جداً وأمامها تحديات كبيرة، والحكومة محاصرة مالياً وقطاع غزة محاصر كلياً، وبعض الدول التي كانت تمول ميزانية السلطة بتبرعاتها لم تقدم ما تعهدت به.

كيف تتعامل الحكومة مع قطاع غزة؟

في آخر تقرير صادر عن وزارة المالية وتم مناقشته في جلسة الوزراء، صرفت الحكومة على قطاع غزة خمسة مليارات شيكل (مليار و300 مليون دولار)، كما تدفع 45 مليون شيكل (12 مليون دولار) لشركة الكهرباء الإسرائيلية من أموال المقاصة، وتعمل الحكومة على تحويل الأدوية لغزة بشكل دائم، ولكن الانقسام هو جزء مهم أمام هذه التحديات في وجه الحكومة. ويتحمل ذلك الفصائل الفلسطينية لأن الحكومة ولدت في مرحلة مشوهة فلسطينياً، ومع ذلك قاومت ونجحت بعدما شنت إسرائيل عدواناً على غزة بعد اقل من شهر على تولي الوزراء لمناصبهم، ودمرت إسرائيل ما يقارب 170 ألف منزل و 200 مدرسة ومستوصفات صحية وخطوط الكهرباء.

لماذا لا يعقد الوزراء جلساتهم في غزة؟

هناك نوايا دائمة لرئيس الوزراء د. رامي الحمدلله أن يكون في قطاع غزة، وكان هناك خطة أن يعقد الوزراء جلسة في هناك وجلسة في الضفة الغربية بشكل متتالٍ على مدار عمل الحكومة، ولكن للأسف لم تقدر هذه الخطة من كل الأطراف، وتم الإساءة لها وأفشلت من بعض الأطراف في الساحة الفلسطينية، وهناك أطراف لا تريد مصالحة حقيقية ولم تساعد الحكومة للعمل في خدمة شعبها.

هل ينوي الرئيس أو رئيس الوزراء زيارة غزة؟

الرئيس ليس لديه أي مانع من زيارة غزة، ولكن ظروفه وضغطه في العمل يحول دون زيارته لغزة، وعندما يتهيأ الوضع الداخلي وتتم المصالحة بشكل حقيقي، سيكون الرئيس أول الزائرين، عندما يحين الوقت المناسب بشكل جيد وسيكون سعيداً بين أبناء شعبه.

لكن ريس الوزراء أعلن انه يود أن يلتقي الفصائل الفلسطينية، ولديه نوايا أن يزور القطاع وقد يفاجئنا يزيارة القطاع لانتمائه وحبه بأن يكون بين الشعب في الشطر الآخر من الوطن.

هل يشكل الإسمنت عقبة في ملف الإعمار؟

الاسمنت موجود بشكل جيد، وزادت نسبته بضغوط على الجانب الإسرائيلي، ووصلت لعدد 100 شاحنة يومياً بمعدل 4000 طن، ولكن احتياجات قطاع غزة أكبر بكثير من ذلك لان حجم الدمار كبير.

كيف يتم توزيع الشقق السكنية على المستفيدين في قطاع غزة؟

وزعت الوزارة شقق مدينة حمد بناء على الأسماء الموجود بالقرعة سابقاً، حيث تسلمتها الوزارة وكانت الأسماء جاهزة وقمنا بدور استكمالي لعمل الحكومة السابقة، وهناك أسماء جاهزة لتسليم 1100 وحدة جديدة بناء على قرعة أجريت قبل سنوات.

ولدينا الآن 300 وحدة سكنية ضمن المنحة التركية، ووضعنا معايير وتم اعتمادها من قبل الوزارة والجهة المانحة، وسيتم توزيع الشقق على ذوي الدخل المحدود جداً والفقراء مجاناً، وخاصة ممن يعيشون في بيوت الصفيح. وسيكون التسليم بعد انتهاء من المشروع وتشطيبه، وهو مقام في منطقة جحر الديك شرق المنطقة الوسطى، ولدينا في القطاع حالات إنسانية كثيرة جداً وعائلات تشمل على عدة معاقين في البيت الواحد، والشقق بمساحة 100 متر.

ما رأيك في المشاريع الإماراتية في قطاع غزة تحديداً وفي الأراضي الفلسطينية عموماً؟

الإمارات دائماً منبع خير لأبناء شعبنا الفلسطيني، فما زالت الإمارات تدعم مؤسسات الضفة الغربية والقدس، وتدعم المواطن الفلسطيني في قطاع غزة. والمغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وضع اسم الإمارات في أماكن عدة في قطاع غزة، منها مسجد الشيخ زايد وسط مدينة غزة، ووحدات سكنية شمال القطاع، فضلاً عن أبراج كثيرة شيّدت لصالح أهالي القطاع.

هل يؤثر ما يدور في الشارع العربي على إعادة الإعمار؟

يجب أن يعلم شعبنا أن المرحلة تغيرت فنحن ليس قبل سنة 2000 وليس قبل 2016، ولكن نتحدث الآن وكل المنطقة فيها حروب وبعض الدول العربية كانت عظمى وتلاشت، أين سوريا والعراق؟، فهناك أصبحت عراقات وسوريات، وفي مصر وضع اقتصادي سيئ، فلو بدأت الدول العربية بإعادة إعمار نفسها داخلياً تحتاج أكثر من 500 مليار دولار، في حين تحتاج غزة لخمسة مليارات دولار لإنهاء ملف إعادة الإعمار كاملاً.

وفي كل الأحوال نتمنى الاستقرار لكل الدول العربية، لان استقرارها من صالحنا، وتضعضعها اثر على عملية إعمار غزة.

عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق تحدث عن دولة كونفدرالية في غزة..ما رأيك؟

الفصائل رفضت تصريحات أبو مرزوق، وأرى انه يجب أن نبحث عن الجمع الفلسطيني، ولو تحملناه أشهر إضافية أفضل من الدخول في بعض الأفكار السياسية هنا وهناك، لأن الوحدة شيء إجباري علينا نحن كفلسطينيين، ولا نريد أي خطوة من أي فصيل يعمل على بلبلة في الشارع الفلسطيني. نحترم آراء الجميع بعد أن يكون بالتوافق بين القيادات الفلسطينية، لأن فلسطين اكبر من الجميع وهمها كبير وأرضها محتلة ولديها 4.5 ملايين فلسطيني من الكفاءات ولدينا هم كبير في داخلنا، ولذلك يجب تحرير المواطن الفلسطيني، لأن المهزوم في بيته لا يمكن أن يحرر وطناً.

القضية ليست حصاراً بل احتلال يجب أن ينتهي

رد وزير الإشغال العامة الفلسطيني، على سؤال لـ«البيان» بشأن موقف الحكومة من الحديث عن أن قطاع غزة على وشك الانفجار، بالقول: إن جميع التحذيرات الصادرة من انفجار قطاع غزة، ومن الوفود الدولية التي تحذر من ذلك، نحن من نقول لهم ذلك، لأن قضيتنا ليست حصاراً، ولكن هناك احتلالاً يجب أن ينتهي، لإعطاء شعبنا السلام الحقيقي والكرامة والحياة الكريمة وقراره المستقل.

غزة محاصرة والضفة الغربية مقطعة بالمستوطنات والجدران والحواجز، وهدم بشكل يومي في القدس، والشعب الفلسطيني أمام تحدٍ بإنهاء الاحتلال، وذلك يتم بتنازل الفصائل وتناسي الذات والجلوس على طاولة واحدة والتحدث عن الهم الفلسطيني والمعاناة اليومية.

فلا يعقل أن يعيش في غزة مليونا فلسطيني وتصلهم الكهرباء ثلاث ساعات يومياً، هناك مرضى لا يمكن أن ينتظروا، بعض الأشخاص لا يريدون شراكة فلسطينية، وان نكون على برنامج وطني نتوافق عليه، وهناك الكثير ما نتفق عليه، والقليل إذا تناسينا الذات ونتجه للانتماء لفلسطين. أصبحنا في فلسطين عنواناً للبطالة في المنطقة فلدينا 400 ألف عاطل عن العمل، وان هناك خريجين بلا عمل، وأتمنى أن يكون عام 2017 عام إنهاء الاحتلال وعام الوحدة الوطنية.

وحول خطة الحكومة لحلول جذرية لإنهاء أزمة الكهرباء في قطاع غزة أكد الوزير بأن الحكومة لديها خطة بتقوية خط إسرائيلي مغذٍ لقطاع غزة، وقال إن: قطر تبنت دعم هذا الخط، وهناك خط أنبوب الغاز وتم التوافق عليه مع الدول الأوروبية بدعم من بنك التنمية الإسلامي، والخطة لم تنضج بعد، وهي معروضة على مجلس الوزراء لدراستها بشكل جيد، وستعرض بعد المصادقة عليها على المؤسسات الدولية والمانحين.

ولدينا خطة أن نصل بالكهرباء في العام 2023 إلى أن تكون الكهرباء في غزة تصل إلى 560 ميغاوات، ولكن ما يصل غزة من الخط الإسرائيلي والمصري والشركة المحلية 220 ميغاوات، في حين أصبحت احتياجات غزة 470 ميغاوات، ولكن بعد أربع سنوات ستحتاج غزة إلى أكثر من 600 ميغاوات. وإذا انتظرنا ولم نبدأ بحل تدريجي سنكون في مأساة بعد ذلك، والحكومة تدرس بشكل جيد كل الحلول، وقدمت سلطة الطاقة خطة لدراستها في الجلسة المقبلة. غزة - البيان

Email