التماسك الاجتماعي سلاح الأردن بوجه التطرف وعنف المتشددين

أهالي الكرك بادروا بالتصدي للإرهابيين بعزيمة وقوة

سكان الكرك والشرطة تصدوا بقوة للإرهابيين | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

هبّ مواطنو مدينة الكرك الأردنية في مشهد قلّ نظيره في المنطقة بالردّ على تنفيذ مقاتلين من «داعش» اعتداءً قاتلاً في وسط المدينة واستهداف قلعة أثرية تعود لقرون والتصدي لعناصر الشرطة المحلية.

وقام عشرات الأهالي في سياق انتظارهم وصول القوات الخاصة إلى المدينة الواقعة جنوبي الأردن، بالتصدي لوابل الرصاص المنهمر عليهم من أسوار القلعة واستلوا مسدساتهم الخاصة وهراواتهم واستعمال الحجارة لطرد مقاتلي التنظيم ودحرهم.

وأكدت المصادر الأمنية أن الشرطة اضطرت إلى منع المدنيين بالقوة من محاولة دخول القلعة، دون أن تنجح تماماً. وقال محمد الصرايرة أحد مواطني الكرك معلقاً على الحادثة: «حين رأينا المسلحين يحتلون القلعة لم يكن لدينا إلا ردّ وحيد، لأننا لا نريد أن نصبح موصل ثانية».

وتواصلت المناوشات بين مقاتلي «داعش» وعناصر قوات الأمن بشكل متقطع على امتداد أسبوع كامل داخل الكرك ومحيطها، أسفرت عن مقتل 13 أردنياً وسائحة كندية. وأفادت المعلومات عن عودة المدنيين للتسلح، حيث أكد الأردنيون أن ردّهم انبثق عن الذخر الأهم لديهم والمتمثل بالتماسك الاجتماعي.

بعد أن شاهد الأردنيون المدن والقرى والمناطق الواسعة في العراق وسوريا القريبتين تسقط بيد التنظيم في ظل تناحر أبنائها فيما بينهم، قرروا مواجهة زحف «داعش» بالتمسك بالوحدة الوطنية.

ويشير الأردنيون إلى أن الكرامة الوطنية والاستعداد لتقديم مصلحة المجتمع يحولان دون سيطرة «داعش» وفرضه منطق الإرهاب.

وجعل حسّ الواجب المدني الذي دفع بالأردنيين إلى العمل كمجتمع مراقب يحذر السلطات من أي سلوك مريب، من المواطنين جبهة مواجهة ناشطة وفاعلة في التصدي للإرهاب.

وقد شهدت البلاد إحباط عدد من المخططات الإرهابية الداعشية. وأدى بلاغ أحد أصحاب المباني وأبنائه، أخيراً، الشرطة عن رائحة بارود صادرة من إحدى الشقق المستأجرة التي تبعد 20 ميلاً شرقي المدينة إلى الكشف عن مسلحي منطقة الكرك.

وأكد المحققون أن المتطرفين كان يعدون متفجرات وأحزمة ناسفة وأسلحة تكفي بحسب وزير الداخلية سلامة حماد «لتهديد الأردن كله ليس الكرك وحسب».

وتؤدي وصمة الإرهاب إلى نبذ العائلات والعشائر على امتداد البلاد لأي شخص ينتمي للمنظمة الإرهابية، إذ يعتبرونه وصمةً تلطخ مبدأ الشرف كمفهوم متكامل.

وقد أكدت بعض التسريبات الإعلامية المحلية التي أكدها أفراد العائلات المعنية أن أربعةً من المسلحين الذين اقتحموا قلعة الكرك الأثرية لديهم أقرباء فيها.

ورفضت عائلة أحد المقاتلين الذين يشتبه بانتمائهم لتنظيم داعش، في تصريح لها، استقبال أو دفن جثة القتيل مستنكرةً انتمائه للتنظيم الإرهابي. وجاء في البيان: «لم نعرف خلال 150 عاماً سوى الولاء والوفاء لهذا الوطن حتى قبل تأسيس الدولة، وإننا لهذا نرفض استقبال الجثة».

وانعكست وصمة العار والدعم الحقيقي للقوى الأمنية في عدم ترحيب واسع النطاق بوجود المتشددين والمتطرفين في الأردن، وقد اعترف المتشددون أنفسهم بأنهم يواجهون الأجواء «الأكثر عدائية» في المملكة على الإطلاق.

خطأ

قال حسين محادين عالم الاجتماع وأحد أساتذة جامعة مؤتة المقيم في الكرك ذات الاختلاط السكاني المسلم والمسيحي: «لقد ارتكب (داعش) خطأً إذ لم يقرأ تاريخ الأردن. فالكرك والأردن عموماً يحظيان بتجربة مشتركة من المعتقدات المختلفة والخلفيات الثقافية التي تتعايش بسلام فيما بينها. وإن كل ما يمسّ بهذا الانسجام يعتبر تهديداً لنا جميعاً ولا بد من مواجهته».

Email