موجة من الانتهاكات تجتاح إثيوبيا

واشنطن تجاهلت قتل قوات الأمن الإثيوبية لمئات المحتجين

ت + ت - الحجم الطبيعي

حرصت إثيوبيا، أخيراً، على تذكير العالم بأسره بكيفية تعامل السلطة هناك مع كل من تسوّل له نفسه التظاهر ضد الحكومة. وقد صوبت قوات الأمن الإثيوبية رصاصاتها القاتلة على صفوف المتظاهرين في منطقتي أوروميا وأمهرة، فأردت 90 منهم على الأقل قتلى.

وقد تعمّد النظام الحاكم في البلاد، مع وصول موجات التظاهر إلى العاصمة أديس بابا، إلى فرض الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي، وقطع الاتصال عبر الإنترنت.

وتأتي فورة الاضطهادات الأخيرة في أعقاب شهور من الاضطرابات التي عمّت أنحاء منطقة أوروميا وشعبها، على خلفية مخططات الحكومة القاضية بتوسيع حدود أراضي العاصمة أديس بابا وزحفها باتجاه مناطق شعب أوروميا، الذي يشكل أحد أكبر الإثنيات العرقية في إثيوبيا.

وقد أشارت مصادر في منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى أن قوات الأمن الإثيوبية تسبب بمقتل ما يزيد عن 400 شخص منذ اندلاع شرارة الصراعات في نوفمبر الماضي، على خلفية النزاع على أراضي منطقة أوروميا.

ولا بدّ لمشهد سفك الدماء الأخير أن يدفع الغرب لإعادة النظر في المساعدات التي يقدمها للنظام. وكانت إثيوبيا حظيت بالثناء بوصفها نموذجاً للنمو الاقتصادي، وإنها تصور تقدم مركزها على لوائح المؤشر العالمي لمكافحة الفقر على أنه دليل على نجاح أسلوبها التنموي. إلا أن اللجوء المتكرر إلى استعمال العنف كوسيلة لإسكات المناوئين يهدد التنمية عبر زرع بذور القلاقل المستقبلية.

وقد أصدرت السفارة الأميركية في أديس بابا، أخيراً، تصريحاً أعربت فيه عن «شدة قلقها وعميق مواساتها للضحايا الذي وقعوا نتيجة الأحداث» إلا أنها امتنعت عن الإشارة علناً إلى حض الحكومة الإثيوبية للامتناع عن استعمال القوة المفرطة بحق مواطنيها.

ويتعين على إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أن تدفع باتجاه القيام بتحقيق مبني على المصداقية لتقصي حقيقة أعمال القتل وللإعلان بوضوح أن ممارسات القمع المتواصلة في إثيوبيا غير مقبولة.

وتقف أوروبا اليوم على قاب قوسين أو أدنى من المشاركة في تقديم المزيد من المساعدات إلى إثيوبيا، التي تشكل واحدة من الدول الأساسية التي يمدّها الاتحاد الأوروبي بـ«المبالغ النقدية مقابل التعاون»، أي أنه يقدم المساعدات والحوافز التجارية في مقابل الحصول على التعاون في مجال منع اللاجئين والمهاجرين من الوصول إلى أوروبا.

إلا أن إثيوبيا اليوم تضع الاتحاد الأوروبي في اختبار يكشف مدى التزامه المعلن بحقوق الإنسان. إذا مضت إثيوبيا في اعتماد النهج الحالي القائم على سوء معاملة المواطنين وخنق أصوات المناوئين، وإذا أخفقت في إجراء التحقيقات اللازمة فيما يتعلق بأعمال القتل التي ارتكبت أخيراً، فلا بد للاتحاد الأوروبي من أن يعلن بوضوح أن النظام يخاطر بذلك بإسقاطه من معادلة اتفاق الهجرة.

وقد أعلن رئيس وزراء إثيوبيا هايلي مريم ديساليغنه، أخيراً، رداً على انتقادات موجهة للنظام تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان بالقول: «سيستغرق بناء ثقافة الديمقراطية بعض الوقت. إلا أننا نسير على الطريق الصحيح، والأمور في طور التحسن». إلا أنه يصعب تصديق هذا الكلام في ظل السجن وأعمال القتل المستمرة بحق المحتجين.

Email