المصالح الأميركية المعرضة للخطر تلزم أوباما باختيار شخصية تتسم بالكفاءة

منصب أمين عام الأمم المتحدة محكوم بشروط دولية

الأمين العام الجديد مطالب بإدارة سوء التنظيم الأممي

ت + ت - الحجم الطبيعي

على الرغم من قلة الاهتمام الذي تحظى به المسألة أميركياً، فإن السباق على خلافة الأمين العام الحالي للأمم المتحدة يسير على قدمٍ وساق. وقد أجرى مجلس الأمن «الاستفتاء الاستطلاعي» في يوليو الماضي، على أن يلحقه التالي قريباً.

وإننا نقترب سريعاً من موعد الانتخاب الفعلي بما في ذلك التصويت على واحد من قرارات السياسة الخارجية النهائية المهمة للرئيس الأميركي باراك أوباما، ذلك أن ولاية الأمين العام الجديد للأمم المتحدة تبدأ في الأول من يناير من العام 2017. وسيراً على نمط الولايتين، فإن مدة بقاء الأمين العام الذي يحل خلفاً لبان كي مون قد تطول أكثر من عهد الرئيس الأميركي العتيد نفسه.

وتعتبر العديد من المصالح الأميركية من هذا المنطلق معرضة للخطر. ويمكن أن تتخذ عملية انتقاء أمين عام مناسب منحيين مختلفين، فإما أن تتجه للعثور، أخيراً، على مدير مستعدٍّ للأخذ على عاتقه مهمة إدارة سوء التنظيم الأممي مترامي الأطراف، وتضخم الميزانيات، وانحياز الممارسات البيروقراطية وعدم فاعليتها، وتنامي حجم الفساد الواضح في أوساط المنظمة الدولية.

أو يمكن أن يأتي الخيار مرادفاً لزرع شوكةٍ عملاقة في خاصرة أميركا، بما يحقق الأمنية الأعظم لأعدائها، ولأصحاب الميول العولمية المتجاوزة للقومية الوطنية، الذين يريدون كبح جماحها.

يذكر أن كي مون قد اختلفت وجهات نظره كثيراً مع الولايات المتحدة، حول عدد من المسائل المهمة، إلا أنه يشكل في المبدأ مثال الأمين العام الذي تريده واشنطن؛ إذ إنه مواطن إحدى دول الحلف الأميركي، وقد عاش تجربة النهب الشيوعي عقب اجتياح كوريا الشمالية عام 1950، وعايش تحرير كوريا الجنوبية على يد قوات بقيادة أميركية مفوضة من الأمم المتحدة. وقد ارتكزت مهمة كي مون الدبلوماسية على إقامة العلاقات مع واشنطن.

وتوجد العديد من الخصائص الأخرى التي ينبغي أن تتوافر على لائحة المواصفات، كأن لا يكون الأمين العام خاضعاً لسيطرة أعداء أميركا الدوليين، وأن يعرض عن أجندةٍ إيديولوجيةٍ بمعزل عن تعليمات الدول الأعضاء، وأن يبدي استعداداً لاعتناق النظام المعقد لهيئات الأمم المتحدة، ومكاتبها وبرامجها وموظفيها.

ولا تبدو تلك المواصفات دراماتيكية الطابع، لأنها ليست كذلك بالفعل، لاسيما إذا اعتبرنا أن الأمين العام ليس إلا ممثل حكومات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، الذي يصفه نص الميثاق بـ«المسؤول الإداري» وليس الشخص صاحب المنزلة المترفعة عن الأعضاء.

وتتركز غالبية المرشحين الرئيسيين لهذا العام مبدئياً على أوروبا الوسطى والشرقية، بما يعكس ثقافة الحوكمة الدوارة للأمم المتحدة في تناوب المناصب الرئيسة بين مناطق العالم.

أضف إلى ذلك تجدد موجة الضغوط، المطالبة بانتخاب سيدة لاحتلال منصب الأمين العام للمرة الأولى في التاريخ.

ويرجح مؤشرا سياسة الهوية السابقين كفة البلغارية إيرينا بوكوفا التي تشغل حالياً منصب المدير العام لمنظمة اليونيسكو التابعة للأمم المتحدة. وتعتبر بوكوفا إلى حدّ بعيد مرشحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الفضلى، التي على الرغم من إخفاقاتها الكثيرة وخضوعها المحتمل لروسيا تظل الخيار المفضل لدى أوباما، لكونها سيدة ولانتمائها الجغرافي.

في ظل وجود العديد من المصالح الأميركية على المحك، لا بدّ لواشنطن من الانفتاح على اختيار مدير كفء، وليس أحد المؤمنين بالنظريات الموجهة، لكن من يدري كيف ستسير الأمور في عهد رئيس كأوباما؟

نص وممارسة

في حين أن ميثاق الأمم المتحدة ينص على أن يكون الأمين العام «معيناً من قبل الجمعية العمومية بناءً على توصية مجلس الأمن»، فإنه بالممارسة العملية يقوم الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن ممن لديهم حق النقض باختيار الأمين العام.

Email