إعادة تسمية «النصرة» تُؤطّر فصلاً جديداً من الرهان على الوقت

الفصائل تُدخل سوريا في مرحلة ديناميكية مختلفة

كسر المعارضة لحصار حلب بداية ديناميكية جديدة للصراع

ت + ت - الحجم الطبيعي

حقق مقاتلو المعارضة السورية، أخيراً، الانتصار الأهم لهم منذ 14 شهراً، وذلك بعد أن شاركت 30 مجموعة مسلحة على الأقل في هجوم مضاد موفق، أدى إلى كسر حصار حلب وتحريرها من القيود التي فرضها نظام الرئيس السوري بشار الأسد لوقت قصير على ثاني أكبر مدن سوريا.

بداية ديناميكية جديدة

ولا يعود الترحيب الواسع للإنجاز الذي أحدثه هذا المسعى بقدر ما يعود إلى ما سجله من وحدة مشهودة أبدتها شرائح متعددة من القوات المعادية للنظام في شمال سوريا. ومن المرجح أن يسجل الهجوم الأخير بداية ديناميكية جديدة في أحداث الصراع السوري. ويعود ذلك بجانب كبير منه إلى ولادة جبهة فتح الشام، الاسم الجديد لجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، وذلك بعد أن أعادت الإعلان عن نفسها قبل بضعة أسابيع على أنها مجموعة سورية «لا ارتباطات لها بأي جهات خارجية».

ولا ينبغي الاستخفاف مطلقاً بمشهد التقبل الاجتماعي الذي حظيت به الجبهة في الآونة الأخيرة، لاسيما أنه في قراءة للوضع الراهن نرى أن المعادين للنظام السوري يعتبرون أنه بينما وقف العالم بأسره متفرجاً على حصار حلب، تمكنت مجموعة تعتبر متشددة من الخروج بعباءة المنتصر، الذي تمكن من قلب أسس نظام وكسر الحصار خلال أيام معدودة.

استراتيجية معلنة

إنها مرحلة جديدة من الصراع، حيث لم تكن إعادة تسمية جبهة النصرة تسوية بأي حال من الأحوال، بل شكلت جزءاً من استراتيجية معروفة ومعلنة لزعيم تنظيم القاعدة الحالي أيمن الظواهري، الذي تحدث عام 2006 عن أربع مراحل تضم طرد الجيش الأميركي من العراق، وتشكيل هيئة إسلامية هناك، قد تتطور إلى «دولة خلافة»، وبث ما سماه «موجة الجهاد» في الدول المجاورة، والتصدي لإسرائيل.

وتقرّب الخطوة على نحو متناقض جبهة فتح الشام من «داعش» وتبعدها عنه. وتعتمد الجبهة خارطة طريق مشابهة لتلك التي يتبعها التنظيم، إلا أنها تتميز عنه من حيث النهج. وتؤكد تشكيلة جبهة فتح الشام من جهة أن المجموعتين غير متقاربتين، كما يظن البعض. تسير المجموعتان في اتجاهين مختلفين، بما يعني أن التباين بينهما سيتضاعف في كل مرة تضطر الجبهة إلى التأقلم مع أوضاع جديدة.

وتتسم المرحلة الجديدة من مشروع النصرة في سوريا بالدقة، حيث إن نجاحها ليس مرتبطاً بفوز المقاتلين أو هزيمتهم في الحرب ضد الأسد، إنما بإطالة أمد الحرب. ويعني ذلك أن المحصلة لا تشكل العنصر الأهم للمجموعة، بقدر ما يفعل عامل الوقت.

مشهد

كشف قادة الجيش السوري الحر في حلب أن الهجوم المضاد الذي حصل، أخيراً، كان يتم التخطيط له منذ شهر يونيو الماضي. أما توقيت التحرك إلى كلية المدفعية المهمة في جنوب غرب حلب، بالتزامن مع إعلان جبهة النصرة، فلم يكن من قبيل المصادفة.

ومهما تكن الخطوة اللاحقة التي ستشهدها حلب، فإن جبهة فتح الشام قد نجحت في إحداث ضجة حول مشهد الدخول، ويبدو أن رصيد دعم الجبهة قد حقق ارتفاعاً في داخل سوريا وخارجها. وقد تبين أن عديدين يشعرون بالارتياح لتقديم الدعم لمجموعة لم تعد تدين بالولاء للقاعدة، في حين يدعمه آخرون لدوره القيادي في الهجمة المضادة المتواصلة. ويشكل التطبيع وإظهار الدعم ركيزتي إعادة تشكيل المجموعة، وقد شكل الهجوم على حلب جزءاً من المخطط الرامي لتحقيق ذلك.

Email