موسكو تتجاهل العملية السياسية وتنتهك قرار مجلس الأمن

لا مجال للثقة ببوتين في سوريا

موسكو واصلت قصفها الوحشي لحلب

ت + ت - الحجم الطبيعي

سعى وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، لأكثر من 6 أشهر، للضغط على نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقبول ما سيكون بالنسبة إلى موسكو صفقة محببة بشأن سوريا.

تتمثل بموافقة أميركا على طلب روسيا، منذ فترة طويلة، بشأن القيام بعمليات مشتركة ضد المقاتلين السوريين الذين يعتقد بأنهم إرهابيون، في مقابل الحصول على تعهد آخر من الكرملين لكبح جماح استهداف عمليات القصف التي يشنها نظام الرئيس السوري بشار الأسد، لبعض أرجاء البلاد. وسيكون التوغل لمعرفة طبيعة ونفسية فلاديمير بوتين مسألة كاسحة، لدرجة أن بعض كبار المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لم يخفوا شكوكهم. ففي مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست» تساءل مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية جيمس كلابر الابن عما إذا كان يجب علينا توقع أن تفي روسيا بأي وعد قطعته حول سوريا.

وبشكل مؤكد بما فيه الكفاية، اتضح أنه قد كانت لفلاديمير بوتين طموحات أخرى. فبدلاً من اتخاذ موقف هادئ تبعاً للنصر الجزئي الذي قدمه جون كيري، شاركت روسيا مع نظام بشار الأسد في حملة جديدة لطرد جميع القوات المعارضة للنظام من حلب، وهي أكبر مدينة في البلاد، بيد أن المعارضة السورية قد تمكنت أخيراً من تحقيق النصر واستعادة أجزاء كبيرة من المدينة. وأخيراً، أعلنت موسكو من جانب أحادي عن أنها بصدد إنشاء أربعة ممرات إجلاء للمناطق التي يسيطر عليها الثوار، لتدعو 300 ألف من المدنيين والمقاتلين المسلحين الموجودين هناك لإخلاء منازلهم. فيما اقترح الروس استهداف أي شخص يبقى هناك، بلا رحمة.

وبالفعل، جرى تنفيذ ذلك الاعتداء، فبعد قطع آخر طريق يؤدي للمنطقة التي يسيطر عليها الثوار، أخيراً، كانت قوات نظام الرئيس الأسد تقصف المستشفيات المتبقية والمرافق الطبية الأخرى، وذلك قبل أن تتغير ملامح ساحة القتال.

كما ألزم المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية بالاعتراف بالإجراء الروسي، الذي وصفه الكرملين، بشكل ساخر، على أنه مهمة إنسانية، وهو أكثر قليلاً من طلب قطعي لاستسلام المعارضة غير المشروط، إذ يشكل تجاهلاً للعملية السياسية الجارية، التي ترعاها الأمم المتحدة، وانتهاكاً لقرار مجلس الأمن. ومن جانبهم، رد الثوار بهجوم ساحق لكسر حصار حلب.

أوضح وزير الخارجية جون كيري، أخيراً، أنه قد تواصل مع موسكو، طالباً إيضاحاً حول تحرك روسيا السابق في حلب، الذي قال إنه قد شكل «خطراً، فيما إذا كان حيلة، لتحطيم مستوى التعاون». لكنه لم يتلق أي إجابة. قائلاً: «هذه أيام مهمة لتحديد ما إذا كان كل من روسيا ونظام الأسد سيستجيبان للأمم المتحدة، أم لا، علماً أن الأدلة، حتى الآن، مقلقة للغاية». ولسوء الحظ، لا يوجد لدى فلاديمير بوتين سبب لاحترام مثل تلك التحذيرات من كيري.

تكرار

مراراً وتكراراً، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنه يتعين على روسيا الوفاء بوعودها، وإلا فإنها ستعاني من عواقب ذلك، وأحد الأمثلة على ذلك؛ «الخطة بي» الأميركية المتعلقة بسوريا. ولكن تجاهلت موسكو، في كل مرة، تلك التحذيرات، في حين لم يستجب جون كيري بفرض عواقب لذلك، بل بإطلاق نداءات جديدة للتعاون وتقديم المزيد من التنازلات الأميركية. وقد قال أخيراً: «سنرى خلال الساعات والأيام القليلة المقبلة ما إذا كان بالإمكان تغيير تلك الدينامية» مع روسيا. غير أنه تلفظ بالحديث ذاته، تقريباً، قبل 6 أشهر.

Email