الأمل للشباب العربي يمهد لهزيمة «داعش»

ت + ت - الحجم الطبيعي

غالباً ما يغفل الصراع على النطاق العالمي ضد «داعش»، أو أي من التنظيمات المتشددة المماثلة، عاملاً مهماً يتمثل بالتأثير النفسي للنصر والهزيمة.

لقد مني العرب في التاريخ الحديث بهزائم من النوع الذي ترك فلسطين في قبضة إسرائيل العسكرية، وانتزعت من سوريا ومصر أراض في حرب 1967، وكُسر العراق مرتين على يد تحالف بقيادة أميركا.

وتشجع أيديولوجية «داعش» الشباب المسلم والعربي على أن يجدوا في «دولة الخلافة» المزعومة الأمل بتحقيق النصر والتأكيد المزيف بالعودة إلى العصر الذهبي للعرب.

وتعتبر من هذا المنطلق هزيمة «داعش» مهمة على مستويين، الأول عملي، ومن شأنه أن يضع حداً لسيطرة التنظيم الفعلية على الأرض وإمكانية تدريب العناصر والتخطيط لهجمات. أما على المستوى النفسي، فتمثل هزيمة «داعش» القضاء على أيديولوجية مشوهة.

إلا أن هزيمة التنظيم فعلياً وأيديولوجياً يجب ألا تترك للمحللين الاستراتيجيين العسكريين أو الجيوش الغربية، حيث إن الجهة التي تلحق به الهزيمة تحدث فارقاً كبيراً في التصور، ولا بد للهزيمة إذا أريد لها الاستدامة أن يوازيها بديل موثوق يركن إليه الشباب العربي .

وفي وضع يعكس مفارقة، أدت الانتصارات التي حققها التنظيم والمجموعات المشابهة في وقت قصير إلى ولادة حركة علمانية جديدة، بدأت تتبلور ملامحها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتدور معظم الأحاديث ذات العلاقة عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وتتميز بأنها على غرار متظاهري أحداث الربيع العربي، فإن الطامحين للوصول إلى ديمقراطية علمانية لا يحظون إلا بفرصة ضئيلة لملء الفراغ الذي سيخلفه حتماً القضاء على «داعش».

وعليه تتبدى اليوم الحاجة لإقامة شراكات جديدة بين القوى المعتدلة في العالم العربي من جهة وبين ناشطي المجتمع المدني والعلمانيين من جهة أخرى. ويشترط لقيام تلك الشراكة في المقام الأول وجود الاحترام المتبادل وإنهاء النزاعات. ولا بدّ للشراكة الناجحة أن تقوم على احترام بدائل العنف المتعصب والبناء عليها، وهي تتمثل بتقاسم السلطة والتعددية.

إن تغذية القلب بمعزل عن الجسم من شأنها أن تؤجل جولةً أخرى من المشكلات. ولا بد من مشروع مارشال اقتصادي يساعد على التصدي لأزمة البطالة الجسيمة التي تواجه غالبية الشباب العربي والمسلم اليوم.

ويتمثل الخطر الأكبر في الشهور والسنوات القليلة المقبلة في إعادة تركيز الغرب بشكل أناني على شؤونه الداخلية. وقد أظهرت موجة الاعتداءات الأخيرة التي طالت أميركا وفرنسا وألمانيا أن الانعزالية لا تجدي كثيراً في معالجة المسائل التي لا حدود لها.

ويبقى السيناريو الأفضل على الرغم من اعتباره مثالياً ربما متجسداً في هيكلية حوكمة شمولية لتقاسم السلطة، يمكنها المساعدة في بناء مستقبل أكثر تقدمية وأوسع تمثيلاً لمنطقة الشرق الأوسط ككل، ويحول دون إعادة ظهور مثل تلك الفاجعة المقيتة.

شراكة

يتعين أن ترتكز علة وجود الشراكة الجديدة بين القوى المعتدلة وناشطي المجتمع المدني على تعزيز المبادئ الديمقراطية والتشجيع على مبدأ فصل الدين عن الدولة، مع الحفاظ على احترام رجال الدين المحافظين المعتدلين، الذين يؤمنون بأن التغيير يجب أن يحصل تدريجياً لا أن يقوم على الثورات والحروب.

Email