الجهود الدولية ينبغي أن تصب في محاربة الإرهاب والدفع نحو حل سياسي

الحرب في سوريا يمكن أن تصبح أسوأ

الضغط الدولي كفيل بتفادي كارثة حصار حلب

ت + ت - الحجم الطبيعي

من الصعب تخيل أن بإمكان الحرب في سوريا أن تصبح أسوأ مما هي عليه، بعد مضي خمس سنوات على اندلاع الصراع، لكن يمكنها أن تصبح أسوأ، وأسوأ بكثير. فبعد أن حققت المعارضة السورية انتصارا نوعيا، وقلبت مسار المعارك، يتخوف المراقبون مما يمكن أن يقدم عليه النظام السوري بعد فقدان قواته طريق الإمداد الاستراتيجي، عقب تقدم المعارضين جنوب حلب.

الالتزام بالحد الأدنى من حقوق الإنسان غائب في سوريا، وكانت الأمم المتحدة على حق في وصفها الوضع الحالي بأنه من «القرون الوسطى ومشين». وهناك خطر حقيقي من أن يصبح اسم «حلب» مرادفاً لما يشكل عجزاً عالمياً عن التحرك.

ويمكن تفادي الكارثة فقط من خلال الضغط الدولي. ويجب على الأمم المتحدة والمجموعة الدولية لدعم سوريا وغيرها من الدول أن ترفع الصوت عالياً في دعوتها نظام الأسد لرفع الحصار.

فمثل هذا النوع من الضغط ينجح. وعندما اجتمعت الدول الرئيسية معاً في ميونيخ في فبراير الماضي، جلبت معها وقفاً لإطلاق النار صمد بشكل كبير لشهور عدة، وقدمت مساعدات إنسانية لحوالي مليون سوري في عمل غير مسبوق. وهذه هي الدبلوماسية في العمل.

وتشكل المباحثات الأخيرة بين الولايات المتحدة وروسيا تطوراً مرحباً به، وفي الوقت نفسه، سيكون من المهم أن نرى ما يمكن تحقيقه في حلب. وفيما الحوار الروسي - الأميركي المتواصل حول سوريا إيجابي وضروري، فإن تركيزاً دولياً يستبعد المشاركة في محاربة الجماعات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة وغيرهما يخاطر بأن يصب في مصلحة نظام الأسد.

ففي أحسن الأحوال، يمكن أن تشجع حملة عسكرية مكثفة ضد جبهة النصرة هذه الجماعة على الانقسام، مع انضمام المقاتلين الأكثر اعتدالاً إلى الجماعات المسلحة الأخرى. وفي أسوأ الأحوال، تذكي الحملة العسكرية السرد الكاذب الذي يروج له نظام الأسد، بأن جذور الصراع السوري هو التطرف.

هذه الجماعات الإرهابية تسمح للأسد بتصوير نفسه على أنه أهون الشرين، مما يحض العالم على تأييده في القتال ضد الإرهاب.

وينبغي أن توجه الجهود الدولية الآن نحو نهج بمسارين، محاربة الإرهاب والدفع بحل سياسي.

ويتعين إبقاء المساعدات الإنسانية خارج الجدل، وأن يجري تسليمها إلى الجميع، بغض النظر عما إذا كان هؤلاء من الهاربين من المدينة أو من الذين قرروا البقاء فيها. فالوصول إلى المساعدات الضرورية هو الحد الأدنى من القاسم المشترك، هو نقطة البداية. وفيما نتقدم إلى الأمام، فإننا ندين لمواطني حلب بأن نتأكد من أن أي اتفاق ستجري قيادته وتسهيله من قبل طرف ثالث محايد، مثل الأمم المتحدة.

أولى الأولويات

الوصول إلى المساعدات الإنسانية واستعادة وقف إطلاق النار واستئناف مباحثات السلام في جنيف يعتبر من أولى الأولويات. وقد التزم المجتمع الدولي بهذه الأهداف في قرارات مجلس الأمن الدولي.

وفي سبيل أن تنجح مباحثات السلام، فإنه ينبغي أن تجري مساومات من جميع الأطراف دون استثناء. ويعتمد استمرار المباحثات على ما إذا كان يمكن استخدام ضغط دولي كافٍ على الأطراف المتحاربة لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة عملياً.

Email