حكومات أوروبا يجب أن تبقى هادئة الأعصاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

من الأسباب الرئيسية التي تدفع الناس للمجيء إلى دول أوروبا الغربية من مناطق أكثر اضطراباً حول المعمورة أن هذه البلدان تحديدا مستقرة جدا وآمنة.

لكن لا عزاء في ذلك لأولئك الذي سقطوا ضحايا الهجمات على المدنيين التي جعلت أوروبا الغربية مكانا مخيفا في الفترة الأخيرة، وكان الهجوم الأخير في ميونيخ آخرها، وربما لن يكون الأخير، لكنه يأتي مباشرة بعد الهجوم الذي استهدف قطار الركاب في فروتسبورغ من قبل لاجئ يبلغ من العمر 17 عاما من أفغانستان، وما بدا هجوما فاشلا بسكين خارج قاعدة سلاح الجو الملكي البريطاني في نورفولك. كما بعد أسبوعين فقط من قيام مهاجر تونسي يبلغ من العمر 31 عاما بقيادة شاحنة ثقيلة داخل حشود تحتفل بيوم الباستيل عند الواجهة البحرية لنيس، مما أسفر عن مقتل 84 شخصا.

كل هذه الهجمات العشوائية على الغرباء تنطوي على قصص مختلفة، لكن جميعها له تأثير مشترك تراكمي.

يعود هذا في جانب منه لأن الهجمات كانت عشوائية إلى حد بعيد، ولم يستثيرها الضحايا بشكل مباشر، إلا في أذهان المهاجم. وجانب آخر يعود إلى أنها كانت في الغالب على صلة بالإرهاب المتطرف أو أصدائه، لكن ليس في حالة ميونيخ التي تدخل فيها المخاوف المناهضة للهجرة. لكنها تختلف أيضا من ناحية أن البلدان التي حدثت فيها تلك الهجمات تتسم بتقاليد وأمزجة مختلفة كثيرا. فرنسا تصارع تحت رئيس ضعيف سياسيا من تركة الإمبراطورية وروح الجمهورية العلمانية وتدخلات فرنسا الأخيرة في أفريقيا. وقد عانت من سلسلة هجمات إرهابية بما في ذلك تشارلز ايبدو وهجمات باتاكلان.

ألمانيا، على نقيض ذلك، لديها مستشارة موثوق بها عموما، بقيت خارج التدخلات العسكرية ولديها تقليد من التسامح، لكن ليس لديها سجل جيد في الاندماج، وعملت البلاد بنهج مؤقت مفتوح الباب أمام اللاجئين والمهاجرين في ذروة الأزمة السورية، وقد عانت بدرجة اقل من هذه الهجمات حتى وقت قريب.

لكن تنظر تلك البلدان إلى هذا التهديد بأنه تهديد مشترك، وهي على حق في ذلك، في بعض النواحي. فملايين الأشخاص في أوروبا، سوف ينظرون إلى عملية إطلاق النار في المركز التجاري وإلى الهجوم المفاجئ على القطار أو الاعتداء بالشاحنة، ويتصورون مثل هذه الأمور تحدث في مجتمعاتهم أيضا. ولهذا السبب، ينبغي أن تأخذ الحكومات التدابير الوقائية اللازمة، بالتركيز على هذه التهديدات.

لكن هؤلاء الملايين يمكنهم أيضا تصور، وفي غاية السهولة، رد فعل عنيف ضد الأجانب والمهاجرين. وكانت أحزاب أوروبا الشعوبية المناهضة للهجرة والنظام والقانون تنمو بقوة على خلفية الركود الاقتصادي، وسوف تذكي أعمال العنف العشوائية هذه المخاوف بشأن الهجرة والنظام والقانون. لكن الحكومات يجب أن تحافظ على هدوئها وان لا تزيد الأوضاع سوءا.

دوافع

كل الهجمات العشوائية على الغرباء تنطوي على قصص مختلفة. كان قاتل ميونيخ انطوائياً يعاني من التنمر، وخطط لفورة القتل وتفاخر بألمانيته أمام ضحاياه. أما مهاجم فوتسبورغ فاستوحي إلهامه من «داعش» لمهاجمة ركاب القطار. وسائق شاحنة نيس يبدو أن لديه شركاء في الهجوم الذي ادعى مسؤوليته تنظيم داعش. فليس من المستغرب أن السلطات لا يمكنها أن تقرر ما إذا كانت هذه الهجمات لدوافع سياسية أو دينية، أو ما إذا كانت مماثلة لهجوم نرجسي على مدرسة أو كلية.

Email