تراجع أسعار النفط وضعف أداء الحكومة عاملان يوازيان تهديد «داعش»

أزمة العراق ليست عسكرية فحسب

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعدّ تنظيم «داعش» لتفجيراته الانتحارية بعناية مقززة واهتمام بأدق التفاصيل. وقد كشفت قوات الأمن العراقية قبل بضعة أشهر مخططاً لتفجير الكاظمية، أحد الأحياء القديمة من بغداد، ومركز الأماكن الأكثر قدسية بالنسبة للشيعة.

وأمضى عناصر التنظيم شهراً كاملاً في مراقبة نقاط التفتيش التي تحمي المنطقة، بحثاً عن نقاط ضعف، وأرسلوا بدايةً امرأة عبر نقطة التفتيش من دون متفجرات لاستطلاع المنطقة بشكل أفضل، على أن تتضمن الخطوات المستقبلية تزنيرها بحزام متفجر وإرسالها لتفجر نفسها وتقتل أكبر عدد ممكن من الموجودين في المنطقة. إلا أن ذلك لم يتم لحسن الحظ، لأن القوات الأمنية تلقت جانبا من المعلومات الاستخبارية حول العملية المزمع تنفيذها، وألقت القبض على مجموعة المخططين.

وتتمثل طبيعة التحضيرات النموذجية للاعتداء بكونها مزيجاً من التعصب والخبرة التي يتسم بها «داعش» في تنفيذ عملياته الإرهابية. وتحدث حسين الشيخ، نائب مستشار الأمن القومي في بغداد وأحد أكثر الخبراء الأمنيين تمرساً وهدوءاً في العراق، عن مدى صعوبة وضع حدّ لإقدام التنظيم على ذبح المدنيين.

وأشار الشيخ إلى أن تلك الاعتداءات تهدف للحفاظ على استراتيجية «داعش» لتغطية فشله الميداني من خلال استهداف المدنيين العزل، من أجل تعميق حدة الخلافات الطائفية في البلاد بقصد دفع المجتمع السني لاعتبار «داعش» ولي الدفاع عنه. واعتبر الشيخ أن الغاية العسكرية لاعتداءات التنظيم «تكمن في تشتيت عناصر القوى الأمنية بحيث ينجح (داعش) في تحقيق تفوق عددي في منطقة واحدة».

ويملك «داعش» القدرة على استبدال ضحاياه بتجنيد عناصر من داخل المناطق التي يسيطر عليها، مدعياً أنها دولته المزعومة، إلا أنه لا يستطيع «تجنيد مقاتلين أجانب يشكلون أساس نفوذه العسكري».

85 بالمئة من عناصر «داعش» في العراق هم من العراقيين أنفسهم، حسبما تؤكد مصادر أمنية محلية، إلا أن عددا محدداً من وحدات القتال الأجنبية هي التي كانت وراء نجاحات التنظيم المتعددة في الماضي.

وقلل العديد من مسؤولي الأمن العراقي في بغداد من أهمية فكرة إقدام «داعش» على إعادة السيطرة على الموصل هذا العام، مؤكدين على وجود مشكلات سياسية وعسكرية. وأشار الشيخ إلى أنه خلال الثورة المضادة التي شهدها المجتمع السني ضد القاعدة في العراق خلال عامي 2006 و 2007، لم يحصل أن امتدت الثورة إلى الموصل. وقال إن «داعش» لا يمكن هزيمته بأي حال من الأحوال «طالما أنه يحظى بعمق استراتيجي في سوريا».

أثارت تفجيرات الشعلة الأخيرة، والخوف من انهيار سدّ الموصل موجةً من الانفعال في البلاد، لكنها لم تطل كثيراً، وقد لا يكون عراقيو بغداد سعداء في العيش ببلد يشهد حالة أزمة دائمة، إلا أنهم اعتادوا الأمر على مدى نصف القرن الماضي.

لا يعتبر تنظيم «داعش» على حافة الانهيار، لكنه في حالة تقهقر، ولم يعد قادراً على شن اعتداءات واسعة النطاق على بغداد، على غرار ما كان يفعل في صيف 2014. ويقول الشيخ إن أزمة العراق الأكثر خطورة لا تتخذ طابعاً عسكرياً بل اقتصادياً و سياسيا،ً لأن البلاد تفرغ من المال بسبب تدني أسعار النفط وضعف الحكومة.

وهن

يرى حسين الشيخ أن تنظيم «داعش» قد ضعف بعد خسارة العديد من المدن وسقوط غالبية مناطق محافظة صلاح الدين، إلا أن ذلك لا يعني هزيمته، سيما أن عدد مقاتليه الأساسيين يتراوح بين 20 و 30 ألف مقاتل، أي ما يوازي عديد القوات الخاصة للجيوش النظامية، ويساند هؤلاء قرابة 40 إلى 50 ألف عنصر أقل تدريباً والتزاماً عقائدياً.

Email