حرب السيسي على الإرهاب تحظى بدعم المصريين

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يستهدف تنظيم «داعش» وحلفاؤه حكومات دول الشرق الأوسط الموالية للغرب، إلا أنه حول بوصلة تفجيراته الأخيرة نحو مصر. ولا تشكل وتيرة التمرد المتصاعدة هناك خطراً محدقاً ضد الحكومة المصرية، إلا أنها يجب أن تبقى تحت المراقبة، وتخضع لنوع من المساعدة الأميركية لإخمادها.

وسجل التفجيران الأخيران أمام دار القضاء في قلب القاهرة، وفي أسوان الاعتداءين الأحدث في سلسلة الهجمات، التي استهدفت مناطق مكتظة بالسكان في دلتا النيل، واندرجت في إطار التصعيد الملحوظ لنمط الأعمال الإرهابية، التي كانت تقتصر بمعظمها، في السابق، على شبه جزيرة سيناء.

ينشط تنظيم «داعش» في ليبيا غرب مصر، وقد أدت المجزرة الأخيرة التي ارتكبها بحق 21 مصرياً إلى قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي شن هجمات جوية ضد أهداف للتنظيم داخل ليبيا. كذلك شن الجيش المصري حملة لقمع المتشددين في سيناء، وفرض حظراً على نشاط جماعة الإخوان المسلمين.

ويردد بعض المراقبين إحدى الفرضيات، التي تفيد أن أحداث العنف الأخيرة في مصر تشكل رد فعل على الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين عام 2013، ويسود الاعتقاد أن عدم تمكن الجماعة من ممارسة السلطة قد أجبر أعضاءها على العودة لخيار السلاح مجدداً. إلا أن الإشكالية التي تعتري هذه الفرضية هي أن الاضطرابات المفتعلة في سيناء تعود إلى العام 2010، أي قبل إطاحة جماعة الإخوان المسلمين، وقبل أحداث الربيع العربي.

شهد النظام الاجتماعي في مصر حالةً من التدهور، بعد تشكيل حكومة الإخوان المسلمين، التي أعقبت انتخاب الرئيس المصري السابق محمد مرسي. وأخذت تتغاضى عن الأعمال المخلة بالقانون، بينما تزايدت وتيرة العنف ضد الأقباط. وقضى مخطط الإخوان المسلمين بفرض نظام الشريعة تدريجياً، من خلال الطرق التشريعية، والسلطوية الناعمة، إلا أن أنصار الجماعة لم يطيقوا الانتظار.

يعتمد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على شبكة واسعة لمناهضة الإرهاب، ويتبع لتطبيق ذلك أساليب قاسية، ومن المنتظر أن يستمر الوضع على ما هو عليه، طالما التفجيرات تتواصل ورقعة تنظيم «داعش» تتوسع لتغطي شمال إفريقيا بالكامل. وتوافق غالبية المصريين، المتعبة من سنوات الاضطرابات الطويلة، على حرب السيسي ضد الإرهاب، ويحول هذا الدعم دون تطوير الإرهابيين قاعدة شعبية لهم في البلاد، فيما يتواصل تردي موقفهم.

يبقى على الولايات المتحدة أن تعول على قدرات السيسي، وتأمل في أن يثبت أنه زعيم أكثر درايةً من الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك. كما يمكن لواشنطن أن تدفعه بهدوء نحو اتباع مسار الإصلاحات، في حال انحسرت موجة التهديدات الإرهابية. إلا أن السيسي يقف، في ظل الاقتتال الداخلي المحتدم، موقف المحدثين، وقد حض، في خطاب أخير له رجال الدين المسلمين على التصدي للتشدد. وانتقد في احتفال حضره عدد من رجال الدين والعامة، ما أسماه «الفكر الخاطئ لدى البعض والذي يسيء للإسلام»، مؤكداً أهمية ايجاد خطاب ديني حقيقي يتناغم مع مقتضيات العصر، ويرفض الأعمال التي تسيء إلى الإسلام.

تعيش منطقة الشرق الأوسط حالةً من الفوضى، ويتخذ الوضع أصلاً منحىً خطراً. ويمكن للأمور أن تزيد سوءاً إذا ما انزلقت مصر في أتون الحرب الأهلية الحضرية، على غرار ما حصل في الجزائر أيام التسعينات. وتتجلى المصلحة العليا للولايات المتحدة في مصر اليوم، بوضع حدٍّ للتشدد، وتعزيز قوى التسامح والاعتدال.

العقيدة المشتركة

تتسم التنظيمات الإرهابية المتمركزة في سيناء بشهرة أقل من تنظيم «داعش»، على الرغم من الروابط العقائدية المشتركة. وقد أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس الولاء للتنظيم، في حين كشفت جماعة «أجناد مصر» عن رغبتها بتأسيس «دولة مقبولة من الله»، على حدّ تعبير الناطقين باسمها.

Email