واشنطن ينبغي أن تحشد تأييد الرأي العام والمجتمع الدولي لتحركها

أوباما يكرر أخطاء أميركا السابقة في العراق

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم تفوق الولايات المتحدة عسكريا، إلا أنها تحت قيادة الرئيس الأميركي باراك أوباما تواجه خطر سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام على العراق.

ويرجع كل ذلك إلى أن المؤسسة العسكرية الأميركية المُحاصرة سياسيا ربما تصارع حرب عصابات غير مكبوحة الجماح هناك، فضلا عن فشل الرئيس أوباما في استيعاب دروس من أخطاء أميركا السابقة.

وتمثل خطأ أوباما الأول في تكرار الخطأ، الذي أوجد تنظيم القاعدة، عبر تدريب وتمويل السكان المحليين، ومن ثم التخلي عنهم. وكان هذا بالضبط ما حدث قبل 30 عاما، عندما دعمت أميركا المقاتلين في أفغانستان، الذين انبثق عنهم القائد السابق للتنظيم أسامة بن لادن وخرج إلى الواجهة.

 واليوم، يحدث الأمر ذاته مع من يُسمون بـ"الثوار" في سوريا، فبعضهم أعاد تنظيم نفسه في صفوف تنظيم ، الذي بات اليوم يقضي على من لا يؤيده في العراق.

الخطأ الثاني

وهذا يقودنا إلى خطأ أوباما الثاني، المُتمثل في الانتظار لأكثر من شهر للعمل على حل المشكلة، عدا عن التقدم بطلب تمويل بنحو 500 مليون دولار لتسليح وتدريب السكان المحليين لقتال هؤلاء المتطرفين. وتستفيد من رأس المال هذا جماعات سورية عديدة أخرى.

المسألة ليست أن الولايات المتحدة لا يمكنها، نظريا، القضاء على ما يُعرف بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، ولكن ذلك يتطلب اتخاذ خطوات فعلية على أرض الواقع، مدعومة بالرأي العام، وبمساعدة دولية كبيرة عادة ما تتمثل في استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي. ولكن أوباما لم يُحقق أيا مما ذكر أعلاه.

من جهته قال وزير الشؤون الفرنسية الخارجية لوران فابيوس إن: "الامر متروك للعراقيين لقيادة هذه المعركة"، وأضاف إن فرنسا ودولا أوروبية أخرى ستبحث في فكرة تقديم الأسلحة إلى العراق وكردستان. وفي تلك التفاصيل الصغيرة، المُتمثلة في تمويل الدول ذات السيادة بدلا من الأطراف التي لا تخضعُ للمساءلة، يكمن الفرق الحاسم.

ولدى مقارنة مُقترحات أوباما بالعملية الميدانية الفرنسية الناجحة جدا في مكافحة المتمردين في مالي، نجد أنه عندما تحارب فرنسا في أفريقيا، فهي تُشرك الجيش النظامي في حربها، بدلا من مجرد إغراق بعض من السكان المحليين بالمال والسلاح، كما يفعل أوباما، معلقا الآمال على تحسن الوضع. وجربت فرنسا كل الوسائل الممكنة، ومنها حشد الرأي العام، سواء المحلي أو في الذي في مالي.

أنصاف حلول

ولأن أوباما لا يمتلك أيا من هذه المقومات، فالنتيجة هي كلام وأنصاف حلول. وإذا كان الأمر كذلك، فما الحل إذن؟ إنه بلا شك الحل نفسه الذي أهمله أوباما تقريبا، عندما قضى نحو عام كامل يحدق في وجه الأزمة السورية دون فعل شيء يذكر.

وفكر أوباما مليا بالقيام بعمل عسكري في سوريا للحد من الاضطرابات. وتواصل العديد من الأميركيين مع ممثلي الكونغرس، وهم مذعورون من فكرة ارسال القوات الأميركية إلى المعركة لحل الأزمة في سوريا، والتي يبدو أنها خُلقت من العدم. ومن ثم أقدم أوباما على فعل صحيح، حيث طلب مساعدة روسيا عبر استخدامها للعلاقات الاقتصادية مع سوريا لحل الصراع.

ويتوجب على أوباما تكرار الاستراتيجية نفسها في العراق، تاركا خلفه احتمال الفشل المحتوم في حال لم يُقدم على ذلك. الصين اليوم تمتلك أكبر جزء من عقود النفط العراقية. ولدى روسيا مصلحة كبيرة في القضاء على المتشددين الشيشان.

امتحان الحلفاء

هناك الكثير من الدول القادرة على تولي قدر كبير من مسؤولية القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. ويجب على الرئيس الأميركي باراك أوباما البدء باختبار حلفاء بلاده، داعيا إياهم إلى الخوض في ايجاد الحلول المناسبة للقضاء على هذا التنظيم المتطرف، ومنحهم فرصة لإثبات مصداقية أقوالهم. وعليه أن يُلح على اختبارهم.

Email