خطوات مصرية تستلهم خريطة الطريق

الشارع المصري يفرض حضوره بطريقته الخاصة البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

كانت سجون مصر عبارة عن أماكن حافلة بالحركة على امتداد 3 سنوات، منذ أن أنهت الثورة حكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك الذي دام 30 عاماً. فسياسات غير مستقرة أبقت دفعات جديدة في السجون، مع أن الألوف غيرهم وجدوا أنفسهم وقد أفرج عنهم فجأة.

والسجون المكتظة لمصر استضافت في الآونة الأخيرة كلاً من مبارك، والرجل الذي اضطهده لفترة طويلة، زعيم الإخوان المسلمين محمد مرسي، الذي أصبح رئيساً لمصر في عام 2012، وتمت الإطاحة به في يوليو الماضي. وفي ظل حكم مرسي، أطلق سراح بضعة آلاف من الإسلاميين المحكومين لفترات طويلة من السجون، ليحل مكانهم مقربون من مبارك. لكن الأوضاع تغيرت منذ يوليو الماضي، حيث زج بالألوف من أنصار مرسي في السجن، بينما أفرج عن أنصار سلفه.

وفيما كانت المحاكم المصرية متساهلة مع رجال الشرطة المتهمين بالتعسف في استخدام القوة، على الرغم من مقتل 2000 شخص على يدهم في السنوات الثلاث الماضية، فإن قاضياً في الإسكندرية، أعطى 21 امرأة، بما في ذلك سبع قاصرات، أحكاماً بالسجن لمدة 11 سنة لانضمامهن إلى مسيرة للاحتجاج ضد سقوط مرسي، وبادرت محكمة أخرى لتخفيف السجن إلى عام واحد مع إيقاف التنفيذ.

مفارقات كثيرة

وعلاء عبدالفتاح، أحد أبرز القيادات الشابة اليسارية في ثورة 2011، وجد نفسه يتقاسم زنزانة مع مجموعة من كبار مستشاري مرسي. وعبد الفتاح المعتقل من قبل كل حكومة منذ الثورة، بما في ذلك حكومة مرسي، خرق قانوناً جديداً أخيراً يضع قيوداً صارمة على حق الاحتجاج. ويدعم عدد كبير من المصريين، القلقين من حالة الاضطراب التي لا نهاية لها في الشارع، هذا القانون. لكن، بالنسبة إلى عبد الفتاح وآخرين، فإنهم منزعجون من تحرك الحكومة الحالية، التي بنت شرعيتها على الاحتجاجات الهائلة في الشارع ضد حكم مرسي، وتتظاهر احتفاء بثورة 2011، لسحق نوع التعبئة الجماهيرية نفسها التي جعلت تلك الانتفاضات ممكنة الآن.

وهناك مفارقات أخرى. في العام الماضي، استشاط معارضون لجماعة الإخوان المسلمين غضباً عندما فرض مرسي دستوراً جديداً، على الرغم من استقالة جماعية لغير الإسلاميين من اللجنة المسؤولة عن صياغة الدستور، والمؤلفة من 100 عضو. لكن في 2 ديسمبر الماضي، أعلنت لجنة جديدة مؤلفة من 50 شخصاً، بتمثيل إسلامي ضئيل، عن استكمال مشروع الدستور الجديد، وهذا الدستور يختلف قليلاً عن النسخة الصادرة في 2012، لكن "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، المظلة لأنصار الإخوان المسلمين، دعت إلى مقاطعة الاستفتاء المتوقع قريباً.

وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة للدستور، حيث يعتبر البعض أنه يمنح حكماً ذاتياً ظاهرياً للمؤسسة العسكرية، فإنه قد يمر، ربما في ضوء مشاعر الإرهاق العامة من حالة الاضطراب السياسي. ويدعو الميثاق الوطني إلى انتخابات عامة في غضون 60 يوماً، لكنه دون تحديد ما إذا كانت هذه الانتخابات رئاسية أو لجمعية وطنية جديدة.

وفي الحالتين، يمكن أن تظهر في مصر الربيع المقبل حكومة منتخبة ديمقراطياً.

ويبدو أن البلاد تعود إلى حياة طبيعية حذرة. فالنقص في المواد الاستهلاكية، والانقطاع في التيار الكهربائي، انخفضا بشكل كبير، وألغي حظر التجول ليلاً، وأوقف العمل بقوانين الطوارئ بعد انتهاء مفعولها. كما أن الاحتجاجات من قبل جماعة الإخوان المسلمين تضاءلت وتيرتها، على الرغم من أن المشكلات ما زالت قائمة في حرم الجامعات، والمناطق الريفية في الجنوب.

 

دور ينتظر التحديد

عادت قوات الأمن المصرية للتحرك مستخدمة الأساليب التقليدية نفسها، والعذر نفسه بشأن خطر الإسلاميين، وهذان أخفقا في جعلها محبوبة من الجمهور على نطاق واسع، في ظل حكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك. فإذا ما ضغطت بقوة، فإن الأفق سينفتح على أسئلة حول طبيعة دورها.

Email