أمل سوريا الوحيد التفاوض لتشكيل نظام جديد

ت + ت - الحجم الطبيعي

كما هي حال كثير من الناس ممن يعبرون عن وجهة نظرهم حول الحكمة من "تدخل إنساني" آخر في سوريا، وجدت نفسي أمام هجوم من جانب الداعين للحرب، والتهمة هي النفاق.

فأين هي معاييري المزدوجة؟ لقد اعترضت باستمرار على جميع الجهود الغربية للتدخل العسكري في الشرق الأوسط على مدى العقد الماضي. وقلت إن كل الدول في الشرق الأوسط ،بما في ذلك سوريا، تنظر إليها الحكومات الغربية كقطع شطرنج في لعبة كبيرة تدعى الحرب من أجل النفط. لكن المنتقدين يريدون استخدام عصا أخرى ليضربوني بها. يقولون إنني وكثير من مؤيدي القضية الفلسطينية لسنا متسقين في مواقفنا بحرمان الشعب السوري الدعم الذي نرغب بتقديمه إلى شعب غزة.

لكن سوريا وغزة ليستا متشابهتين على العديد من المستويات، مما يجعل المقارنة غير مفيدة بتاتا.

أولا، غزة لا تشبه سوريا لأن الفلسطينيين يعيشون تحت احتلال عسكري، وليس في دولة موحدة وان كانت فاشلة يديرها دكتاتور. والاحتلال ينظمه القانون الدولي الذي في حالة غزة يجري تجاهله بشكل شبه كامل، في حين أن الدول لديها الترف في أن تكون محمية من هذه المساءلة داخل مجالها المحلي الخاص. وكنت أتمنى أن يكون الأمر خلاف ذلك، لكن لا بد لي من العيش مع واقع أن هذا هو النظام العالمي الحالي، وأن وجود مثل هذا القانون على وجه التحديد يمنع الدول القوية من تدمير دول أصغر حجما.

مقارنة غير مفيدة

والمقارنة مع غزة هي أيضا أمر غير مفيد لأن المرء يمكن أن يكون ميالاً لصالح الجهود الخارجية الرامية إلى إزالة الاحتلال في غزة دون أن يكون ميالا للجهود الخارجية للإطاحة بجهاز الدولة في سوريا. والقيام بالأمر الأول قد يؤدي، يحتمل، إلى التحرير، أما القيام بالثاني فسيؤدي، حتما، إلى الفوضى، كما رأينا في العراق وليبيا.

والفلسطينيون في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية يحتاجون إلى المساعدة لتحرير انفسهم من حكم دولة أجنبية محاربة، في دولة ليست لديهم مصلحة أو صوت فيها. أما شعب سوريا، إذا تسنى لسوريا أن تبقى على قيد الحياة، فسيحتاج إلى إيجاد قضية مشتركة جامعة، وشعور بالقومية يمكن الاتفاق عليه. الشيء الوحيد الذي يتغير في سوريا بالتدخل أو بتسليح أحد الأطراف، هو أن تلك الأطراف تصبح قادرة على الحاق المزيد من إراقة الدماء بالأطراف الأخرى.

والأمل الوحيد لسوريا يكمن في جلب الأطراف التي على استعداد لإجراء مباحثات من أجل تشكيل نظام جديد في سوريا.

ثم أن الحرب الأهلية بين الفلسطينيين يجري تغذيتها والتلاعب بها من قبل إسرائيل لترسيخ الاحتلال. أما السوريون، فانهم في حرب أهلية لأنه توجد منافسة مريرة بين الجماعات الطائفية للهيمنة على جهاز الدولة. باختصار، ليس هناك ما يكفي من الشعور بهوية سورية. لو كان هناك، لكان الرئيس السوري بشار الأسد لا زال لديه دعم جماهيري، أو لكان بإمكان الثوار ترجيح كفة الميزان لصالحهم والاستيلاء على السلطة بثورة شعبية دامية كان يمكن أن تؤدي إلى التحرير، وبدلا من ذلك، نحن في حرب أهلية طويلة الأمد، يرى كل طرف فيها أن محصلتها بالنسبة له تعادل الصفر.

ومما يفاقم المشكلة هو أن سوريا محاصرة في لعبة الأمم.

وأفضل أمل للحل هو في توصل الغرب إلى تسوية محترمة للخلافات مع إيران.

 

مفارقة كامنة

 

يفترض معالجة المفارقة التالية، وهي أن الحكومة السورية في سبيل أن تفاوض بأمان تحتاج إلى التأكد من قوتها في اطار النظام العالمي للدول القومية، لكن مع تلك القوة يقل اهتمامها بتقديم تنازلات إلى الثوار، وهذه المفارقة تتعلق بالنظام العالمي الحالي، وهو النظام الوحيد القائم في الوقت الراهن.

Email