تلبية لاحتياجاتهن المنزلية

نساء غزة يقتحمن عالم «النجارة»

 فلسطينية تعمل في إحدى ورشات النجارة في غزة | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

دفعت خشونة الحياة في غزة مجموعة من النساء القاطنات في القرية البدوية قرية أم النصر الواقعة «شمال» لانخراط الأيدي الناعمة في أعمال احتكرها الرجال لسنوات، من أجل تطوير قدراتهن الحياتية والحرفية وتلبية احتياجاتهن المنزلية كالعمل في مهنة النجارة.

وفي هذه القرية المهمشة التي تفتقر للكثير من مقومات الحياة، تم إنشاء مركز زينة للمرأة لتدريب نساء هذه القرية على الحرف وتوفير فرص عمل لهن داخل المركز مقابل مبالغ مالية تساعدهن على تحمل الأعباء الحياتية، وتلبية احتياج أسرتهن من خلال العائد المادي.

وتقول مديرة مركز زينة للمرأة ناهد كحيل، إنه تم إنشاء هذا المركز لتحقيق أهداف مدروسة بعناية، لمحاولة تحسين الوضع الاقتصادي للمرأة الفلسطينية في قرية أم النصر، من خلال توفير فرص عمل للنساء داخل القرية.

وتم تدريب النساء على مهنة النجارة لمدة ثمانية أشهر، على عملية تصنيع أدوات تعليمية ودمى أطفال من الخشب، وأعمال أخرى تتعلق بمهنة النجارة داخل المركز

وتروي مريم نصير إحدى نساء قرية أم النصر التي التحقت في المركز، أن مهنة النجارة مهنة صعبة جداً وفيها أدوات حادة وخطرة على الأشخاص وخاصة النساء، لكنها اختارت هذه المهنة لأنها تحمل في طياتها عملاً جميلاً ولمسات فنية وإبداعاً وتحدياً للذات والمجتمع، الذي يرى أن هذه المهنة فقط للذكور.

وأضافت: «في البداية واجهنا صعوبة لأننا لأول مرة نتعامل مع أدوات خطرة جداً، ولكن بعد التعود ومساعدة المدربة لنا تمكنا من إتقان هذه المهنة، وأصبحنا نتشوق للوصول للمركز كل صباح لإنجاز المهمات المطلوبة منا».

كما واجهت انتقادات حادة من قبل الجيران وسكان القرية نتيجة عملها في مهنة النجارة، ولكنها حاربت برفقة صديقاتها من أجل لقمة العيش وتجاوزن الصعاب للوصول للنجاح، بكسر الحواجز والعادات والتقاليد المنتشرة في قطاع غزة.

وتضيف المدربة في مركز زينة غادة الرزي: «النساء ألان تمكن من إنتاج 1800 قطعة خشبية، ووصلتنا طلبيات من مؤسسات دولية تعمل على تمويل رياض الأطفال بالقرطاسية والألعاب، ونقوم بتجهيز الطلبية لتسليمها في الوقت المناسب، بجهود العاملات».

فرصة

أما منال عوض الله فتقول وهي تقف أمام طاولة خشبية تقيس الأطوال المناسبة قبل قص القطع الخشبية: «في هذا المركز وجدت شخصيتي وحياتي، وأصنع وأتقن أفضل ما بداخلي، ولم أستسلم يوماً ولن أستسلم أبداً، فأنا أحب الديكور والتصميم من صغرى، لكني لم أجد الفرصة المناسبة من قبل، ولكن الآن وجدتها نجحت».

وتضرر سكان منطقة أم النصر خلال العدوان الأخير على غزة بشكل كبير، ما دعاهم للنزوح إلى مدارس الأونروا شمال قطاع غزة، وأصيب عدد من النساء العاملات في المركز في العدوان، ولكن وقت سماعهن عن مؤسسة زينة الممولة من مؤسسات دولية، التي تعمل بشكل غير ربحي، التحقت في المركز الكثير من النساء في القرية.

إعجاب

وتتابع عوض الله: «فرحتي الكبرى حين أنجزت أنا وزميلاتي المهام المطلوبة منا بنجاح، وكان شعور لا يوصف في تلك اللحظة، وهذا دليل على أننا قادرات على تحدي المستحيل وصنع حياتنا ونجاحنا في حال توفرت الفرصة المناسبة».

ومن بين القطع الخشبية والمسامير والخشب، تشير عوض الله إلى زميلتها في العمل فاطمة فريج «45 عاماً» التي تعاني من الم في أقدامها، وتقول: «زميلتي لم تتخيل يوماً نفسها أن تعمل نجارة أو صانعة لأدوات خشبية، ولكنها الآن لا تكف عن العمل إلا حين نخبرها بأن الدوام انتهى، وتنتظر بفارغ الصبر العودة للعمل في صباح اليوم التالي».

مركز متخصص

يعمل مركز إرادة التابع للجامعة الإسلامية بغزة على تعليم فتيات في مهنة النجارة داخل المركز من أجل مواجهة صعوبات الحياة ودمجهن في سوق المجتمع، وتم تخصيص هذه المهنة إضافة لمهن أخرى للأشخاص ذوي الإعاقة، وأثبتن نجاحهن بعد الانتهاء من الدورات المكثفة لهن.

Email