في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة نتيجة الحصار والاحتلال والانقسام، اتجهت حركة حماس إلى فرض المزيد من الضرائب على السلع والخدمات المقدمة للسكان، نتيجة تأزم أوضاعها المالية وإغلاق الأنفاق الحدودية مع مصر بعدما كانت مصدر دخل رئيسي، بالتزامن مع الوقف التدريجي للدعم الذي تقدمه إيران إلى الحركة التي سيطرت على القطاع بالقوة، وتوقف دخول قوافل التضامن الدولية لغزة.

وفرضت وزارة المالية في غزة مطلع هذا العام ضرائب إضافية تبدأ من 30-50 دولاراً للطن الواحد على بعض الموارد المستوردة كالفواكه والخضروات والمواشي، التي يتم استيرادها عبر معبر كرم أبو سالم، كما فرضت ضرائب مبيعات جديدة على المحلات التجارية والمطاعم والمخابر، يقوم موظفو المالية بجبايتها عبر إخطارات عن طريق البريد، مما أدى لغضب التجار وإغلاق محلاتهم احتجاجاً على القرار.

رفع الأسعار

وأدت هذه الضرائب إلى رفع أسعار بعض المواد الغذائية المباعة للفلسطينيين بمحلات التجزئة، مما فاقم من معاناة سكان غزة وزاد من شعورهم بالضيق، إلى درجة دفعت أحدهم للإقدام على الانتحار بإحراق نفسه داخل مستشفى وسط غزة وتوفي على الفور، فيما تم السيطرة على حالات أخرى مشابهة.

وزادت جباية الضرائب للحكومة في غزة العام الماضي والحالي بـ: 600 في المئة، بعدما كانت تجبي قبل هذين العامين ما قيمته 10 ملايين شيكل شهرياً، وارتفعت لتصبح 60 مليون شيكل، يتم صرفها على موظفي حكومة غزة بـ: 40 في المئة من رواتب الموظفين، حسب تصريحات مصدر مسؤول في حركة حماس.

وقال مدير عام الموازنة في وزارة المالية بغزة خليل شقفة لـ«البيان» إن وزارته تحتاج إلى مبلغ 70 مليون شيكل كنفقات شهرية، ويأتي هذا في ضوء إيرادات يتم تحصيلها لا تكفى للاحتياجات الشهرية، وتعمل الوزارة على تغطية العجز من خلال الحصول على تسهيلات من البنوك، بالإضافة إلى إدارة التدفقات النقدية من خلال جدولة الديون المستحقة للموردين.

واعتبر رئيس اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي في غزة عاطف عدوان، أن الضرائب وجدت من أجل تغطية الحكومة لنفقاتها، وأن الضائقة المالية التي عصفت بالحكومة بغزة وشح مصادرها أجبراها على البحث عمن هم مفروض عليهم دفع الضرائب للحكومة.

ضريبة التكافل

وأقرت كتلة حماس البرلمانية العام الماضي قانون ضريبة التكافل، التي سيتم بموجبها فرض رسوم على كل السلع الكمالية( سجائر، فواكه، مواشي، سيارات)، مما آثار غضب أهالي غزة والتجار وأصحاب الشأن، واعترض الجميع عليها، وتم تعليقها مؤقتاً بعد غضب الشارع الغزي، لعدم قدرتهم على توفير أموال لتسيير حياتهم العادية من دون ضرائب.

ويقول فادي قريقع وهو تاجر فواكه إن وضع الفلسطينيين في غزة لا يحتمل أي إضافة أو أعباء وضرائب جديدة، فالفقر مستفحل والبطالة قاتلة والأوضاع تتجه للأسوأ، وأدى ذلك لضعف القوة الشرائية نتيجة الثمن المضاعف للسلع، وأصحبنا جميعاً ضحية للضرائب الأخرى التي تنهك حياتنا.

رفض القانون

بالمقابل، رفضت قيادات في حركة فتح والفصائل الفلسطينية قانون الضرائب الجديدة في غزة، لأنه لا يستند إلى نصوص قانونية، وأن الأصل في جباية الضرائب هو إنفاقها على الخدمات التي تقدم للفلسطينيين في غزة، ولا يوجد خدمات تقدم لسكان القطاع وبالتالي لا يوجد شفافية في إنفاقها لأن الهدف هو جباية الضرائب لصرفها على موظفي حماس.

وأكد خبراء اقتصاديون أنه لا يجوز فرض ضرائب في حالة الركود الاقتصادي، لأنها تفرض عبر قوانين وأصول فنية وسياسات ضريبية، وهناك علاقة بمستوى النشاط الاقتصادي قبل إقرارها، معتبرين فرضها بالقرصنة الاقتصادية وتعميق معاناة المواطنين وزيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

ووصف الخبير الاقتصادي مازن العجلة، الأوضاع في غزة بأنها خطيرة جراء تصاعد معدلات الضرائب بمعدلات خيالية رغم الركود الشديد للاقتصاد وتراجع الناتج المحلي، ورفعت الضرائب المفروضة معدلات البطالة والفقر إلى أكثر من 45 في المئة.