مأثورات حافظت على الخصوصية جيلاً بعد آخر

الرقصات المغربية إيقاعات من رحم المقاومة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يتميز المغرب بتراثه الغني الذي نبع من تاريخه، جغرافيته ومجموعاته البشرية، فالتراث الشعبي المغربي متنوع وهو إرث تاريخي حاضر يعكس الهوية ويثبت عمق جذوره الإنسانية والحضارية، ومن مأثورات المغرب رقصات حافظت على خصوصياتها من جيل إلى آخر، ابتكرها رجال المقاومة للاحتفال بذكرى الانتصار على المحتل عبر العصور، وحافظوا عليها وورثوها للأجيال المتعاقبة، وأضاف كل جيل لمسته الخاصة عليها لتظل وتبقى.

 رقصة الركادة

 وتعتبر «الركادة» فولكلور يميز شرق المغرب، فهي إلى جانب «البارديا» و«لعلاوي» و«انهاري» و «العرفة» و«الشيوخ» رقصات خاصة بالرجال فقط، حيث يلبسون أزياء تقليدية فضفاضة تسهل حركتهم، ويضعون عمائم على رؤوسهم، بينما يمررون ضفائر حمراء من على صدورهم تتدلى منها على جنوبهم خناجر، ويحملون في أياديهم البنادق ويرقصون على إيقاع «البندير» و«الغيطة» و«الكلال».

 وتختلف الرقصات عن بعضها حيث ترتكز رقصة «الركادة» على الدفع بالجسد إلى الأمام مع تحريك الكتفين والصدر، ورقصة «لعلاوي» تتميز بضربات منظمة ومحسوبة للأرجل، أما رقصة «البارديا» فهي تكون على الأرجل أو على الخيول ويرافقها إطلاق النار من البنادق، يقوم رجال المنطقة بهذه الرقصات لكشف استعدادهم للقتال وقدرتهم عليه وأيضا لتجسيد قوتهم ورجولتهم المنبثقة من وعورة الطبيعة التي يعيشون فيها، وابتكرها الأمازيغ أثناء حروبهم مع قبائل البدو خلال قرون طويلة مضت، وبقيت هذه الرقصات منتشرة بشكل كبير إلى اليوم، حيث أصبحت لها فرق تستدعى للأعراس والمناسبات.

 أحواش

 كما تعد «أحواش»، رقصة جماعية يشتهر بها جنوب المغرب لاسيّما في جبال الأطلس الكبير والأطلس الصغير حيث تعيش القبائل الأمازيغية الناطقة بلهجاتها، وتمنع النساء المتزوجات من رقص «أحواش» بينما ترقص الفتيات العازبات مع الرجال بشكل جماعي، ويرتدي الراقصون لباساً تقليدياً حيث يلبس الرجال جلابيب بيضاء وعمائم، ويضعون على زيهم محافظ جلدية مطرزة، ويتقلدون الخناجر الفضية، بينما تضع النساء حلياً من العقيق بالألوان تتوسطه كرات لبان صفراء، وحليهم جزء من الموروث الشعبي الأمازيغي.

 وابتكرت الرقصة في عقود ما قبل الميلاد، وخلدتها النقوش الأمازيعية الموجودة على الجبال والكهوف في منطقة العيون جنوب المغرب.

 رقصة الكدرة

 أما «الكدرة» فهي رقصة شعبية من المناطق الصحراوية المغربية، ترقصها القبائل الممتدة من الحمادة شرقا إلى الساقية الحمراء، وارتبط اسم هذه الرقصة بالقدر الطيني الذي يقفل بجلد الماعز ويجفف في الشمس، ويتم الرقص على إيقاع ضربه بعيدان خشبية، يحوم حول القدرة راقصون رجال يلبسون جلابيبهم، ويصفقون وفق الضربات على القدرة ويرددون أغاني تليق كلماتها بالمناسبة التي أقيمت فيها رقصة الكدرة، وحين يعلو الإيقاع تدخل امرأة ترتدي ملحفا صحراويا لا يظهر منها شيء، فترقص ويتقدم إليها شاب ويكشف عن وجهها وهي في كامل زينتها، يضع عليها خنجره كأنه يحميها ويختارها، ويستمر الغناء حول المرأة وتستأنف الرقصة في انتظار دخول امرأة أخرى.

«عبيدات الرما»

 تعتبر «عبيدات الرما» فرق شعبية تراثية مغربية تنتشر في مناطق الشاوية وورديغة والحوز وتادلة، وسميت بهذا الاسم لكون ممارسي هذه الرقصة كانوا يتدربون على الرماية بالبنادق استعدادا للدفاع العسكري. ويرتدي رجال فرقة «عبيدات الرما» زيّاً تقليدياً وموحداً ويتزعمهم مقدم، وهو الذي يسيرهم ويتولى أمر نظم وإلقاء الأشعار أثناء الرقص بينما يردد قوله الرجال الآخرون. وتعرف هذه الرقصة إيقاعا سريعا ويتميز الراقصون بلياقة بدنية تتجلى في حركاتهم النشيطة. كما أنّ لفرق «عبيدات الرما» شعبية كبيرة في المغرب وخارجه.

Email