اغتـراب العـرب.. اختيـار شـخصي أو خيار قسري (2)

ت + ت - الحجم الطبيعي

بات الاغتراب، وخاصة بالنسبة للشباب في كافة أنحاء العالم وتحديداً في الوطن العربي، هاجساً كبيراً، بحثاً عن حياة آمنة لا يجدها في وطنه، وعن معيشة هانئة يصعب العثور عليها، ولم تعد الوسيلة لتحقيق هدفه هي المعضلة  بل الغاية هي الأساس.

والأسئلة التي تدور في أذهان البعض حول أين يذهب؟ وماذا يفعل؟ لم تعد تجد مساحة للتفكير، ولا تبعثر أوراق أحد أو تقف عائقاً أو مانعاً يحول دون تحقيق الرغبة.

وأصبح الكثير من الشباب يفكر في الاغتراب حتى قبل أن يكمل مسيرة تعليمه الجامعية، فهناك آلاف من الخريجين في بلده بلا عمل أو حتى بصيص أمل يقود إلى أي مستقبل كان.


والاغتراب لم يعد بالرغبة فحسب بل أصبح قسراً نتيجة النزوح الجماعي لهاربين من جحيم الحروب وقسوة الظروف أو قمعاً لأسباب سياسية. والاغتراب لم تعد ترسمه حدود الزمن أو آلام الهجرة والحنين إلى الوطن

أخطاء

هجرة الجزائريين ... الخسائر أكبر

يُقبل الجزائريون بقوة على مغادرة وطنهم الأمّ بحثا عن مكتسبات مفقودة وحرصا على منح عوائلهم مستوى حياتيا أفضل، ويقول كثيرون إنّهم ظفروا بالكثير من المكاسب، الا انهم تكبّدوا خسائر أكبر أيضا. وحكى فرحات خضيرة الذي هجر البلاد منذ 25 عاما، أنّه تمكّن على مدار سنوات عمله الطويلة في فرنسا، من الارتقاء بعائلته وإخراجها من عنق الزجاجة، لكنّه أبدى حسرة لكونه لم يحظ برؤية أولاده وهم يكبرون، ما ظلّ يشكّل غصّة لديه خصوصا مع ما يكابده في المحيط الأسري بعد عودته نهائيا. واعترف بارتكابه خطأ بابتعاده عن العائلة، فالمسألة ليست ماديات فقط، فتنشئة الأولاد تتطلب حضور الأب مهما كانت كفاءة الأم وتأثيرها.

تشير المواطنة نسيمة ابن كافي إلى أنّ والدها تركها رفقة أشقائها وهم صغار، ورغم أنّ رحيله خارج الوطن أثر إيجابا على عائلتها من الجانب المادي، إلاّ أنّها ظلّت تحس بشعور مستبدّ بـ«اليتم»، رغم مواظبة الوالد على الزيارات كل عام، والأمر أفرز انعكاسات على نفسيات أفراد العائلة، فمع مرور الوقت صار الوالد يكتفي بدور المموّن المالي فحسب، دون أن يستطيع متابعة مسار أبنائه اجتماعيا ودراسيا وحتى أخلاقيا.

وأكدت الحاجة زبيدة أحمداني أنّ نجلها سفيان هاجر لمساعدة عائلته المتواضعة، ورغم أنّه كان يرسل لنا أموالا معتبرة كل شهر ما سمح لنا بشراء مسكن جديد، إلاّ أنني مثل والده وأشقائه نفتقده على نحو مضاعف، إلى حد جعلنا نجزع من كون الغربة خطفته منا.

والنماذج تتكرّر وتتشابه كثيرا، في بلاد تشهد تواجد سبعة ملايين من مواطنيها في فرنسا وحدها، دون احتساب الآلاف في بريطانيا، إيطاليا، ألمانيا، كندا وغيرها، بجانب أعداد معتبرة في دول عربية.

فراغ وتفكك

تلفت الأخصائية النفسانية نسيبة طاوسي أنّ غياب ولي الأمر أو الشقيق الأكبر عن العائلة يفرز فراغا عاطفيا وتترتّب عن ذلك حزمة اضطرابات اجتماعية تعصف بالكيان الأسري، ويؤثر رأسا على توازنات الأبناء تبعا لما يواجهونه من منعطفات وما يتربص بهم من ضغوط، ويجعل هؤلاء يحسون أنهم مع آباء من دون صلاحيات.

ويبرز الأخصائي الاجتماعي محمد بوكرداس أنّ اغتراب الكثيرين مهّد للتفكك والفتور، وكرّس الاستقالة الأبوية والفصام الأسري، ويشير إلى ان الأطفال هم الضحايا الأولى لكل ما يحدث من انحراف ملموس يتبدى جليا عبر مناح حياتية متعددة.

ومن تداعيات ذلك، انهيار منظومة النواة الصغرى في المجتمع، وإفراز عشر علامات خطيرة: خروج جيل حاقد على المجتمع لفقدان الرعاية منه، وجود أفراد متشردين في المجتمع، انتشار السرقة والاحتيال والنصب، تفشي الجريمة والرذيلة في المجتمع، زعزعة الأمن والاستقرار، عدم تماسك المجتمع في الملمات، غياب الشعور بالمسؤولية، انحطاط أخلاقيات المجتمع، عدم احترام سلوك وعادات وأعراف المجتمع، وتدهور سمعة الأمة وهيبتها.

ويخشى بوكراس من استمرار اطراد الظاهرة في الأعوام المقبلة، على نحو يهدّد العلاقات الأسرية بالتفكك، والترابط الاجتماعي بالانهيار، وهو معطى ستترتب عليه آثار نفسية واجتماعية واقتصادية في جزائر المستقبل.

ظواهر

عوامل اقتصادية واجتماعية تدفع المصريين للهجرة

يومٌ بعد يوم، تتزايد معاناة الشباب المصري في سبيل تأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة، ولا يجد سبيلاً مع التردي الحاد في الأوضاع الاقتصادية والسياسية خلال السنوات القليلة الماضية إلا الاغتراب، بحثاً عن لقمة عيش كريمة حتى لو كان ثمنها حياته، خاصة لمن يقصدون دولاً أجنبية من خلال عصابات التهريب.

وبحسب إحصائية مشتركة للمركز القومي للسكان والجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فنسبة راغبي الهجرة من الشباب في العام الماضي نحو 17.2% "15 -29 عاماً"، و93% يرغبون بالهجرة المؤقتة للعمل وليس الإقامة الدائمة، وبحد أقصى لمدة خمس سنوات.

وكان الشباب الذكور في الفئة العمرية "15 إلى 29 عاماً" الأكثر رغبة في الهجرة من الإناث بنسبة 25.8% للذكور و7.8% للإناث، وأعلى نسبة ذكور كانت "18 إلى 24 عاماً" لتبلغ 28.1% مقابل 19.2% في الفئات الأصغر سناً. وخريجو الجامعات هم الأكثر رغبة بالهجرة، مع صدمتهم بالانضمام بعد التخرج إلى طابور البطالة، لتبلغ نسبتهم 30.3% مقابل 17.2% للأميين وسكان الريف، أما في المدن فتبلغ النسبة 28.3% مقابل 23.2%.
وتأتي الدوافع الاقتصادية بمقدمة أسباب الرغبة بالهجرة، وشكلت نسبة عدم وجود فرص عمل 65%، وظروف المعيشة الصعبة 48%، وتدني الدخل 44%، وشكلت الظروف الأمنية نسبة 10%. وتقدمت الدول العربية رغبة الشباب للهجرة بنسبة 48% من اهتمام الشباب، والدول الغربية 12% فقط.

 

انعكاسات سلبية

أكدت أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس دكتورة هالة إبراهيم، أن هناك عوامل اقتصادية عدة أوجدت عدداً من الظواهر الاجتماعية التي تنفر الشباب من البقاء في وطنهم، منها عدم الاستقرار الاقتصادي والذي أدى إلى تفاقم ظاهرة البطالة وتزايد معدلات الفقر التي تعمل على تقليل فرص العمل وفرص الحياة بشكل آدمي.

وأشارت إلى أن زيادة النسبة بين خريجي الجامعات وأبناء المدن خاصة وأن تلك الفئة لها فرص أكبر في سوق العمل فذلك يرجع إلى أن تلك الفئة تصبح طموحاتها عالية نتيجة لمستواهم العلمي وفي الوقت ذاته عدم العمل في التخصص نفسه، ما يتسبب في حالة من الإحباط وخيبة الأمل.

وتلك الظاهرة تنعكس بشكل مباشر على العلاقات الأسرية، فالهجرة والاغتراب والسعي وراء تحقيق الطموحات خارج حدود الوطن يزيد من المشاعر السلبية التي تؤثر على الروابط الاجتماعية وفي النهاية تفكك المجتمع، على عكس ما عرف عن مجتمعنا من تماسك وترابط. وبالطبع هناك سلبيات أخرى أخلاقية ونفسية.

افتقاد الأمان

وتوضح استشارية علم النفس دكتورة ميرفت جودة، أن هناك جوانب نفسية تؤثر على عدم تمسك الشباب بالإقامة في أوطانهم، من بينها حالة عدم الأمان الاجتماعي، فالشباب خريجو الجامعات لا يعرفون شكل المستقبل وهناك حالة من الغموض حول فرص عملهم وتحقيق الاحتياجات الاجتماعية من عمل وزواج وسكن وعلاج وتعليم، ما يبعث حالة من الشعور الدائم بالخطر والتهديد، على عكس المجتمعات المستقرة التي توفر فرصاً للعمل، وبالتالي هناك فرصة لحياة آدمية تتوفر بها كل الإمكانات المادية.

وتؤثر الظاهرة على المجتمع بشكل سلبي واضح، وبنظرة سريعة لحالة مجتمعنا سابقاً مقارنة بوضعنا حالياً ستكون الآثار السلبية التي تراكمت عليه واضحة، فقديماً كانت هناك حالة من الاستقرار الاجتماعي واحترام إنسانية الرجل والمرأة، وتزايدت الآن الظواهر الغريبة التي تأتي في مقدمتها مسألة الاغتراب بعد أن فشل الوطن في تحقيق الحد الأدنى من احتياجات أبنائه.

الاغتراب في تونس وراثي

تؤكد آخر إحصائية رسمية أن عدد التونسيين بالخارج يبلغ نحو 10 بالمائة من عموم الشعب، منهم 63.5% رجال و36.5% نساء، و22.7% ممن تقل أعمارهم عن 18 عاما، ويحمل 30.5% من المهاجرين جنسية ثانية، و84.5% بأوروبا. وبحسب القيادي بنداء تونس والنائب بالبرلمان ورئيس جمعية التونسيين بالخارج محمد رؤوف الخماسي فإن المهاجرين يحققون دخلا ماليا سنويا مباشرا للدولة يبلغ 2.600 مليار دينار «1،3 مليار دولار» وغير المباشرة نحو مليار دينار «2.2 مليار دولار».

وأغلب مهاجري تونس ينتمون لمناطق محددة، يتوارث أبناؤها الاغتراب وخاصة الى فرنسا حيث يكوّنون بجانب الجزائريين والمغاربة مجتمعا قائما بخصوصياته الثقافية والحضارية، ويختار 90% من الطلبة الذين توفدهم الدولة للدراسة بالخارج البقاء هناك.

بعد الإطاحة بالنظام السابق في يناير 2011 عرفت تونس اتساعا لدائرة الهجرة غير الشرعية نحو الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، وتشير بعض الإحصائيات الى أن أكثر من 60 ألف تونسي استقلوا قوارب الموت وأن عدد المفقودين يصل الى قرابة 2500، ما دفع الحكومة الى تشكيل لجنة لمتابعة ملف المفقودين جراء الهجرة غير الشرعية باتجاه السواحل الإيطالية، تتولى التنسيق بين مختلف المصالح الإدارية ومكونات المجتمع المدني الوطنية المعنية بملف المفقودين وجمع كل المعطيات والمعلومات المتعلقة بالملف والتنسيق مع مختلف المصالح الإدارية الإيطالية ومكونات المجتمع المدني هناك عن طريق القنوات الدبلوماسية وقنصلية تونس في روما، للبحث عن مصائر المفقودين، والتواصل مع أسرهم لاعلامها بالمستجدات.

وتضم اللجنة، التي تترأسها وزارة الشؤون الاجتماعية، ممثلين عن وزارات العدل والدفاع الوطني والداخلية والشؤون الخارجية وطبيب صحة عمومية مختص في الطب الشرعي، وأستاذ جامعي مختص في القانون الدولي وممثل عن الجمعيات المهتمة بملف المفقودين وممثل عن عائلات المفقودين.

فقدان الاتصال

وقال وزير الدولة السابق المكلف بشؤون الهجرة والتونسيين بالخارج حسين الجزيري إن الآلاف من المواطنين الذين عبروا البحر باتجاه إيطاليا في رحلات سرية على قوارب صيد أثناء الانفلات الأمني الذي أعقب سقوط نظام الرئيس السابق فقدت المئات من العائلات الاتصال بأبنائها الذين شاركوا بالرحلات، ولم يتسن لها معرفة مصيرهم ولم تفض الاتصالات بين السلطات المحلية والإيطالية لأي نتائج تذكر حتى الآن.

واعترف الجزيري أن ملف المهاجرين تكتنفه الكثير من التعقيدات، والوضع بات كارثيا ولا يمكن السكوت عليه. وهناك موقوفون على ذمة القضاء الإيطالي وتصعب عودتهم إلى الدولة والتي أصبحت غير قادرة على تحمل تكاليف اقاماتهم، وبعض الموقوفين يحملون جنسية مزدوجة وآخرون لا يرغبون في العودة إلى تونس.

مجلس وطني

وكان مجلس الوزراء التونسي قد صادق على مشروع قانون يتعلق بتأسيس مجلس وطني للتونسيين بالخارج ويضبط هذا القانون مشمولات وتركيبة وطرق تسيير المجلس، ويندرج هذا القانون في اطار استكمال المنظومة المؤسساتية الرامية لتطوير العناية بالجالية في الخارج وربط جسور الحوار والتواصل معها والاستفادة من خبراتها وقدراتها في تحقيق التنمية الوطنية الشاملة.

ويترأس المجلس ممثل عن الجمعيات المقيمة بالخارج ويضم نوابا من مجلس الشعب عن دوائر بالخارج وممثلين عن المنظمات الوطنية ومكونات المجتمع المدني الناشطة في مجال الهجرة والخبراء، ومن مهامه تقديم مقترحات إلى الحكومة حول التدابير التشريعية والترتيبية التي تساهم في تثمين دور المقيمين بالخارج في التنمية الوطنية الشاملة والاستفادة من خبراتهم وكفاءاتهم إلى جانب اقتراح الآليات الكفيلة بتعزيز روابط الجالية بالوطن والحفاظ على الهوية.

دعوة الى الاهتمام بالمهاجرين

يأتي ذلك في حين طالب ممثلو عدد من مكونات المجتمع المدني بادراج ملف المهاجرين وفق هيكل خاص ضمن تركيبة الحكومة، واعداد استراتيجية وطنية لمعالجة مختلف الاشكاليات المتعلقة بالهجرة.

وأبرز ممثلون عن الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والشبكة الاورومتوسطية لحقوق الانسان والفيدرالية التونسية للمواطنة بالضفتين الى جانب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أهمية دور هذا الهيكل في توحيد جهود كافة الاطراف المعنية بملف المهاجرين من منظمات وهياكل على غرار وزارات العدل والخارجية والداخلية والشؤون الاجتماعية.

معضلة

تجربة عمانية بحثاً عن طموحات المستقبل

يعيش الكثير من المغتربين هواجس عدة بين اقتصادية وسياسية بمهنية بسبب طموحاتهم في تأمين المستقبل ومخاوفهم في الضياع الأسري، ويبقى الوطن هو الحضن الذي يرتمي إليه الجميع في آخر المطاف. فالاغتراب موضوع يلامس بعنف معضلة اجتماعية أسرية شديدة التعقيد. وقد يكون السفر هو الوسيلة الوحيدة المتاحة لتحقيق طموحات الحياة سواء كانت عبر العمل أو للدراسة أو أي طموحات أخرى.

تقول الصحافية العمانية رفيعة بنت سلمان الطالعي التي تعمل بتلفزيون الجزيرة في قطر حاليا، الاغتراب من أجل تحقيق طموحات معينة سواء كانت مهنية أو مادية يصبح كل يوم أكثر ألفة في حياتنا، ففي مكان العمل الواحد تلتقي جنسيات عدة عربية أو غيرها، وتبدو أسباب العمل خارج حدود الوطن متشابهة وإن اختلفت نتيجتها النهائية.

فالأشخاص الذين يبحثون عن عمل خارجي سببه اقتصادي في معظم الحالات وقد تكون مهنية للبعض الاخر.

والسؤال الذي يدور في الأذهان هل تستحق أسباب الهجرة أو العمل خارج الوطن، الابتعاد عن الأهل والأصدقاء وحتى الأوطان؟ أعتقد أن الجواب يختلف باختلاف الأشخاص وبحجم ما حققوه. شخصياً عشت وضعين مختلفين، فعندما سافر مرة زوجي للدراسة وأخرى للعمل خارج الوطن، بقيت مع طفلتينا في بلدي وكان الوضع صعبا لبعده عنا وصعوبة إفهام الطفلتين لماذا والدهما ليس معنا. الا ان وجود الأهل والأصدقاء حولنا جعل الأمر ليس صعبا كثيرا.

والوضع الثاني كنت أنا وأسرتي الصغيرة بالخارج، حتى الآن في ثلاث دول لأسباب مهنية. ولم أندم على السفر والعيش خارج الوطن، أحببت إقامتي في بلدان مختلفة، ووجودنا كأسرة هناك جعلنا نختلط بثقافات ولغات مختلفة، أثرى تفكيرنا وحياتنا، وفتح أذهاننا على أمور كثيرة.

ولاحظت تطورا في طريقة تفكير أبنائي وفي اعتمادنا على أنفسنا كأسرة واهتمامنا ببعضنا البعض. وأعتقد أن المعادلة التي يجب أن نوازن طرفيها هي وجود الأسرة الصغيرة كلها في مكان واحد، لتحقيق الأهداف من السفر أيا كان مهنياً أو اقتصادياً.

والتفكير في كثير من الأحيان يكون باتجاه معادلة من هذا النوع، ما الذي نخسره بالسفر وما الذي نكسبه بالبقاء في الوطن؟ وأيضا إجابات لأسئلة من نوع آخر هل سأفقد الكثير؟ أم يمكنني العودة بسهولة ؟ وما الخيارات المتاحة لو غيرت رأيي في أي مرحلة من المراحل؟.

قرار العودة

ويتحدث الإعلامي السوداني ضرغام ابو زيد الذي قضى سنين طويلة في السلطنة بالعمل كصحافي، ثم اتخذ قراره بالعودة للسودان، عن هواجس الاغتراب وظنونه وعواصف العودة النهائية لأرض الوطن، فيقول كنت أعلم يقينا أنني سأعود ذات يوم للوطن، وأستقر فيه مع نهاية المطاف، رغم أنني وجدت نفسي تماما في سلطنة عُمان طيلة وجودي فيها خلال عقدين من الزمان، وعندما واجهت أمر العودة خضت نزالاً مريراً مع الواقع الجديد في بلدي بحثاً عن موضع قدم، لم يكن ذلك وحدي بل الأبناء معي، وطوال سنوات وجودنا في مسقط ومنذ أن كانوا صغاراً ابلغتهم ان العودة ستأتي يوما إلى الوطن.

وأعتقد أنني انتصرت في معركة الاغتراب المريرة، وأسرتي دوما معي اذ لا أؤمن بنظرية الأسرة في الوطن ورب العائلة في المهجر، تلك نظرية فاشلة إذ يعتقد البعض بأن الأموال المرسلة من رب الأسرة ستصنع تربية، فالتربية معاشرة يومية، وعندما يتحول رب الأسرة لبنك فقط يناط به التحويل المادي الشهري، سيعود ليجد الضياع قد التهم الأسرة، وليدرك الجميع بعد ذلك حسرة العمر.

وهناك مغتربون يعيشون بالمهجر وليست لديهم أرض في الوطن تحمي ظهورهم عند العودة التي لا يفكرون في حتميتها وهم ساهون غافلون. وعلى كل مغترب أن يعي متى ما اتضح له أنه لا يستطيع توفير مبلغ، عليه التفكير في العودة فورا، فوجوده لاهثاً داخل الوطن خير له من اغتراب غير مجد.

لجنة

ادرج اقتراح بتشكيل لجنة تحقيق تعنى بملف المفقودين عن طريق الهجرة غير المنظمة، وتعمل على معرفة حقيقة مصائرهم وتوفير الرعاية الاجتماعية والنفسية لمن يستحقها من عائلاتهم.

تأثيرات مهمة

يشير عالم الدين عبد الجليل حجيمي إلى أنّ اغتراب رب البيت يؤثر على مراعاة وتعزيز التنشئة الاجتماعية الصحيحة، ونشر الوعي والإرشاد الاجتماعي، ناهيك عن ترسيخ الأبعاد الثقافية السامية لدى طلائع الجيل الجديد بما يكفل صيانة وحدة الأسرة وبقاءها، ويحول دون العصف بلحمة المجتمع المحلي.

Email