تعليقات ساخرة للخطوة في ظل الأزمات

يوم لبناني للسلاحف البحرية

الاحتفاء بالسلاحف

ت + ت - الحجم الطبيعي

المشهد الأول: في 19 مارس الفائت، أعلن وزير الإعلام اللبناني رمزي جريج عن إقرار مجلس الوزراء 5 مايو «يوماً وطنياً للسلاحف البحرية». حينها، انطلقت التعليقات الساخرة من هذه الخطوة، وصبت على اهتمام الحكومة بموضوع ثانوي في مقابل كم الأزمات, التي يعاني منها المواطنون. وحدهم المهتمون بموضوع السلاحف البحرية من جهة، والمعنيون بالدفاع عن الحياة البحرية وشاطئ البلاد من جهة ثانية، تلقفوا القرار وباركوه.

المشهد الثاني: علي بدر الدين أحد الذين باركوا تلك الخطوة، وهو الذي كان اتخذ قراراً قضى بأن يستريح من هموم مهنة الصحافة وينصرف إلى تربية السلاحف، فأقام لها متنزهاً في حديقة منزله، حاصراً همه في أن تتيح له هذه الهواية غير المألوفة في وطنه دخول موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، كونه أول لبناني يحتفظ بعدد كبير من السلاحف في منزله..

ولكون بدر الدين يعتمد في حياته المهنية والعامة، على نهج السلحفاة التي تسير ببطء، إلا أنها تمشي بخطى ثابتة نحو الهدف المنشود، ولإيمانه بأنه باب أمل في الحياة، وجمع 18 سلحفاة من الحقول المجاورة لمنزله بأطراف بلدة الشرقية «النبطية»، والاهتمام بها داخل منزله لأنها تجلب الحظ والسعادة والرزق.

المشهد الثالث: أمام زوار محمية جزر النخيل في طرابلس، ينشغل رئيس لجنة المحمية غسان جرادي برواية سيرة السلحفاة، لمناسبة يومها الوطني والاحتفال الأول، بدءاً من عودتها إلى المكان الذي ولدت فيه بعد بلوغها، ووصولاً إلى بنائها عشاً مكان ولادتها، تخرج منه سلحفاة واحدة، بمعنى «تعيد ما فعلته أمها بعد 13 عاماً»..

وذكور السلاحف، عند بناء الأعشاش، لا تخرج من الماء حتى تموت، بينما الإناث، يعدْن إلى المياه عند الرابعة فجراً كونه حداً أقصى. و«عندما يفقس البيض، تذهب الفراخ الصغار إلى المياه، تسبح ليومين متتاليين فوق سطح المياه. وبعد أسابيع، تعود السلاحف إلى مياه البحر المتوسط والمحيطات للتجوال».

تاريخ وأجندة

بين المشاهد الثلاثة، فإن قرار الحكومة، بتخصيص 5 مايو من كل عام يوماً وطنياً للسلاحف البحرية، بمعزل عن البرية، باقتراح قدمته جمعية «الجنوبيون الخضر» المهتمة بالسلاحف البحرية، وأرفقته بدراسة عميقة للتنوع البيولوجي مع مقترحات للحماية واستعادة ما فقدته الحياة البرية .

وسبب اختيار التاريخ، يعود لموسم وضع و«تعشيش» السلاحف بين مايو وأكتوبر من كل عام، حيث تبدأ بالتوافد للشواطئ المحلية، قاطعة مئات الأميال البحرية لتضع بيضها حيث ولدت، كونه تقليداً يشكل جزءاً من دورة إغناء المحيط الإحيائي بالمتوسط. وتأخذ فترة وضع الأعشاش بين 28 و60 يوماً.

وعمم على المدارس بضرورة إقامة أنشطة وبرامج ذات طابع بيئي توعوي. وإدراجه بالمناهج التعليمية ضمن مقرر مادة التربية المدنية، ودرس خاص حول السلاحف والحياة البرية وأهميتها وكيفية الحفاظ عليها، كونها مقدمة لحماية مختلف أنواع الحيوانات البحرية، المهددة بالانقراض أو لا، من الثروة السمكية إلى الطحالب وغيرها.

«الفولكلور» والشاطئ

وفي حين وصف القرار الحكومي بأنه «فولكلوري» بعض الشيء، تماماً مثل يوم البيئة أو يوم المياه وأيام المحيطات ويوم الغابات ويوم الشجرة الذي نسيه اللبنانيون، لكون الوزارات المعنية والحكومات المتعاقبة سمحت باستباحة الشاطئ بشتى أنواع الاعتداءات، بعد أن تم التغاضي طويلاً عن أكثر من 1280 حالة تعد على الشاطئ، وفي غياب أية استراتيجية أو مجرد خطة لحمايته، كالردم وشفط الرمول..

وأرفقت جمعية «الجنوبيون الخضر» اقتراحها بالإشارة إلى أن للسلاحف البحرية الوديعة دوراً مهماً في حفظ النظام الأيكولوجي البحري، وهي تعتاش من قناديل البحر، التي باتت تتكاثر أخيراً وتهدد رواد الشاطئ، بسبب تراجع أعداد السلاحف.

وباتت الممارسات البشرية التي تهددها في لبنان، وفق وزير البيئة محمد المشنوق، فتتلخص بالعناوين التالية: التوسّع العمراني الذي امتد إلى شواطئ تعشيش هذه السلاحف البحرية، شبكات الإضاءة التي تضلل صغار السلاحف وهي تشق طريقها في اتجاه البحر، الأنقاض والنفايات التي تسمم الشواطئ وتغير طبيعتها، الممارسات العشوائية في صيد الأسماك التي تحصد أعداداً كبيرة من السلاحف.

Email