دعوة لتغيير نظرة المجتمع تجاه المرأة

مصريات يهربن من التحرش بالدراجة النارية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لعقود طويلة، ظلت الدراجات النارية التي يستخدمها الكثير من المصريين حكراً على الرجال، فالمجتمع الذي قبل قيادة المرأة للسيارة على مضض، من الصعب أن يستوعب رؤيتها تقود دراجة نارية وتراوغ بها في الطرقات والأزقة كلاعب السيرك للهروب من الازدحام وما يجمع من لئام هدفهم التحرش ببنات حواء وتعريضهن للإيذاء النفسي والجسدي.

وما حدث بالفعل ان الأمر أصبح الآن واقعا، فهناك أكثر من 50 فتاة قدن التجربة المثيرة، ليس حبا بالمغامرة أو بحثا عن الإثارة فقط، أو بدافع منافسة بعض النواعم للرجال على قيادة الدراجات النارية...

هناك أسباب منطقية منها الأزمة المرورية الخانقة والزحام وما يصاحبه من تحرش وخروج عن الذوق، دفعت كثيرات لاقتناء «سكوتر» أو دراجة نارية، كملاذ لهن وأمان من شرور المجتمع، وأدى ذلك بدوره لظهور مدارس لتعليم ركوب الدراجات النارية وتشجيع الفتيات على اتخاذ تلك الخطوة على غرار مدارس تعليم قيادة السيارات.

لم يتوقف الأمر عند رغبات فردية لبعض الفتيات، إنما اتخذ الأمر بعداً رسمياً من خلال تنظيم مهرجان بمحافظة الإسكندرية لقيادة الـ«سكوتر»، تحت شعار «let s scoot»، والذي أطلقته بسمة الجابري، صاحبة ومؤسسة أول مدرسة لتعليم الفتيات قيادة السكوتر في مصر، واقتصرت المشاركة فيه على النساء فقط.

 ورغم أن المجتمع المحلي يرفض الكثير من طموحات الفتيات بحجة أنها لا تتفق مع أنوثتهن، إلا أن قيادة الدراجة النارية انتشرت سريعاً وسط الفتيات حيث وجدن فيها إنقاذا لهن من مشاكل المرور المستعصية، وذلك ما تؤكده بسمة الجابري، موضحة أن البداية جاءت بعد أن اشترت سكوتر صغيراً وتعلمت قيادته وحدها، فوجدته سهلاً ويمكنها التحرك به في شوارع مصر المزدحمة دون عناء.

تجربة مثيرة

وتقول الجابري ان الأمر لم يكن سهلاً في البداية، خاصة وأن أحداً لم يفعله قبلي، فقد عارض أهلي الفكرة بشدة بدعوى خوفهم علي، ثم أقنعتهم بمراقبة تحركاتي وتتبع مسارها بسيارة الأسرة حتى اقتنعوا بمهاراتي وقدرتي على قيادة السكوتر.

وتابعت في أحد الأيام، عرضتُ على شقيقتي فكرة تأسيس مدرسة لتعليم الفتيات فوافقت ووافقت أسرتي. وفي العام الماضي اعلنا افتتاح المدرسة، والتي حققت نجاحاً طيباً بتخريج أول دفعة من الدارسات قوامها 50 فتاة، اجتزن قيادة الدراجات النارية بنجاح.

تغير مجتمعي

وترى أستاذة علم الاجتماع دكتورة حنان سليمان، أن المجتمع المصري حدثت له طفرة تحررية بعد ثورة 25 يناير 2011، وخاصة بعد نجاحه في التخلص من حكم جماعة الإخوان في 30 يونيو 2013، حيث شعر المواطنون بأنهم باتوا أكثر حرية بعد أن تخلصوا من القيود الاجتماعية، ومن ثم اتجهوا للبحث عن حلول غير نمطية للمشاكل التي تواجههم في حياتهم اليومية..

والنساء تحديدا أصبحن يفكرن بشكل أكثر تطوراً في أغلب المجالات الحياتية، بعد أن شعرن بقوتهن واستقلاليتهن، بل ومساواتهن مع الرجال بشكل مطلق، لذلك لم يكن غريباً أن تقود الفتاة دراجة نارية أو أن تعمل في المهن التي كانت حكراً على الرجال، وسيتقبل المجتمع هذه التغيرات إن عاجلاً أو آجلاً، فعقارب الساعة لا ترجع إلى الوراء.

وأكدت سليمان أن المشكلات التي تواجه المجتمعات المزدحمة، مثل مصر، لها تأثيرات إيجابية وأخرى سلبية، فالازدحام والتكدس مثلما يخلقان حالة من الكبت وانتشار العنف فإنهما أيضاً يخلقان رغبة في إيجاد حلول سريعة للتحايل على تلك الظروف، وذلك ما يحدث مع «فتيات السكوتر والدراجات النارية».

Email