قرى سورية تشجع الزواج لمواجهة تداعيات الحرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

كانت قرى ومدن دير الزور الشرقي أكثر المناطق التي تضررت في الحرب السورية طوال السنوات التسع، ذلك أن آخر المعارك الضارية كانت على أرض هذه المناطق، حين خرج تنظيم داعش من آخر أوكاره في قرية الباغوز الحدودية.

انقسم الأهالي في هذه المنطقة إلى قسمين، الأول اضطر للهروب إلى خارج البلاد بعد أن ضاقت كل السبل لاستمرار الحياة في ظل التنظيم الإرهابي، بينما جاءت الحملة العسكرية الأخيرة لتدفع أهالي هذه المنطقة إلى النزوح إلى مناطق مجاورة.

مع العودة إلى المناطق المتضررة وخروج الآلاف من العائلات من مخيمات النزوح باتجاه مناطقهم، عادت الحياة إلى طبيعتها، إلا أن طبيعة تقاسم مناطق النفوذ في سوريا أجبرت هؤلاء على البقاء في هذا القفص الجغرافي الممتد على طول نهر الفرات الشرقي.

وأمام حالة البطالة وعدم وجود فرص للعمل، وتكاثر السكان، خصوصاً الإناث بسبب عوامل الحرب والهجرة إلى الخارج، بينما تناقص عدد الشباب في المنطقة، أدى إلى انتشار واسع لحالات الزواج في المنطقة، إذ بات الرجل يتزوج أكثر من امرأة من أجل تخفيف ظاهرة العنوسة، وسط تدني تكاليف الزواج من المهر إلى الإجراءات والتكاليف الأخرى.

أيمن شاكر من مناطق ريف البوكمال الشرقي، تزوج امرأتين وهو لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره، ويقول إن له أسباباً كثيرة دفعته للزواج بامرأتين، أولهما تدني تكاليف الزواج، وثانيهما أن الزوجتين من أقاربهما، وهو - كما يقول - بلغن العنوسة في القرية التي يعشن فيها.

ويزيد أيمن في حديثه، هنا لا عمل لنا ولا مستقبل لنا وليس لدينا القدرة على الحياة الطبيعية كما باقي المناطق الأخرى، هناك ندرة في الشباب، الكل يغادر هذه المنطقة، وفي الوقت ذاته العائلات تريد أن تخفف عبء الحياة وتزويج بناتهن.

سامي يزيد أيضاً يعمل في أرضه الزراعية التي توقفت عن الإنتاج منذ سنتين، يتجه أيضاً للزواج من المرأة الثالثة، وتبريره في هذه الحالة أنه بحاجة للمزيد من الأبناء من أجل تعويض من قتلوا في الحرب السورية وهم ثلاثة من الشباب.

ويضيف أيضاً لا أحد يمكن الاعتماد عليه في الزراعة وإعادة تأهيل الأرض إلا العائلة، فالكل غادر البلاد خلال السنوات الماضية، وعلي أن أتكفل بالعمل لوحدي مع زوجاتي وأبنائي، وفي هذه الحالة لا بد من الزواج وتوسيع العائلة، لذا لا حل لنا إلا بالزواج.

وعلى الرغم من أن هذه المناطق تعتبر من المناطق ذات الكثافة السكانية ويعتادون على الزواج المتعدد، إلا أن الظاهرة في هذه الفترة تتسع أكثر وفي كل أسبوع تشهد القرية الصغيرة زواجاً جديداً، علهم يعيدون الحركة إلى مناطقهم النائية.

Email