لبنان ودوّامة «ترسيم الحدود»

ت + ت - الحجم الطبيعي

وسط مخاوف دبلوماسيّة وأمميّة أُبدِيت على مستقبل مفاوضات ترسيم الحدود البحريّة بين لبنان وإسرائيل، واحتمال وقفها نهائيّاً، ارتفع منسوب التشاؤم حيال إمكان استئناف هذه المفاوضات في المدى المنظور، ذلك أنّ التباعد بين موقفَي الجانبين اللّبناني والإسرائيلي قد دفع، كخطوة أولى، إلى تعليقها إلى أجل غير مسمّى، وسط معادلة ثابتة مفادها أن لا ترسيم بحرياً يخرج عن الشروط الأمريكيّة.

وكان متوقعاً أن تتعثر المفاوضات، منذ أولى جولاتها الجديّة في 28 أكتوبر الماضي، إذْ طرح لبنان على نحو فاجأ الوفد الإسرائيلي خطّ ترسيم رابعاً، غير مدرج في الخطوط الثلاثة التي بدا أنّها ستكون وحدها بنود التفاوض. وبمعنى أدقّ، ‏طالب لبنان بخطّ جديد، يعطيه ‏‏1430 كيلومتراً مربعاً، مضافة إلى 860 كلم لحظها «خطّ هوف»، أي ما مجموعه 2290 كيلومتراً ‏مربعاً.

وغداة تعليق مفاوضات الترسيم، ارتفع منسوب المخاوف من تطوّرات أمنيّة على الجبهة الجنوبيّة، تنذر بذلك حالة الجهوزيّة على جانبَي الحدود، لا سيّما في ضوء تقرير دولي تحدّث عن أنّ هناك «خطراً جدياً يلوح في الأفق»، وحذّر من أيّ «خطوات أو إجراءات قد تُشعِل توتّرات على الحدود بين لبنان وإسرائيل، قد تنسف حال الاستقرار القائم حالياً على الحدود». وتخوّف التقرير من أن يكون لـ«حزب الله» دور في هذا الأمر.

وما بين المشهدين، كان لبنان تبلّغ قرار إرجاء الجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة بين ‏لبنان وإسرائيل، برعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة الأمريكيّة، حول ترسيم الحدود البحريّة، ‏والتي كانت مقرّرة يوم الأربعاء الفائت في منطقة الناقورة الحدوديّة، واستعيض عنها بتشاور بين الجانبين الأمريكي ‏واللبناني، ذلك أنّ الراعي الأمريكي لهذه المفاوضات، جون ‏ديروشيه، حضر إلى بيروت، حيث التقى بعض المسؤولين اللبنانيّين في إطار التحضير لتحرّك مكّوكي ما بين طرفَي المفاوضات، واستمع إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الموضوع ملف التفاوض بين يديه، والذي اختصر الموقف الرسمي اللبناني بعبارة: «الضغط سيُمارس على لبنان في هذا الإطار، إلا أنّنا متمسّكون بحقوقنا التي نعرفها جيّداً».

وفي المعلومات التي توافرت لـ«البيان»، أبدى الموفد الأمريكي، أمام من التقاهم في بيروت، تفهّماً لآلية الطرفين في رفْع السقوف من ضمن عملية التفاوض، ولكنّه اشترط العودة إلى الجديّة وعدم الإطاحة بالمفاوضات، وذلك بما يؤكّد المسعى الآيل إلى تكريس مبدأ أساسي: واشنطن هي الوسيط. وبمعنى أدقّ، فإنّ إنجاز الاتفاق، في النهاية، سيكون بفعْل مبادرتها ووساطتها، وليس بجهود الأمم المتحدة.

وانطلقت أولى جولات التفاوض حول ترسيم الحدود، في أكتوبر الماضي، بعد سنوات من وساطة أميركية، في مقر قوة الأمم المتحدة في جنوب لبنان، وبرعاية واشنطن.

Email