آفاق تعاون أوسع بالمنطقة والعالم في ظل معاهدة السلام

الإمارات تتطلع نحو شرق أوسط جديد للأجيال القادمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

جمع مؤتمر افتراضي تحت عنوان «معاهدة إبراهيم: تعزيز التعاون الإقليمي، والإماراتي الإسرائيلي، وبين المسلمين واليهود»، كلاً من معالي ريم الهاشمي، وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي، المدير العام لمكتب إكسبو 2020 دبي، والأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون، إضافةً إلى الحاخام إفراييم ميرفيس كبير حاخامات المملكة المتحدة. وأدار اللقاء أليستير بورت، وزير الدولة البريطاني السابق لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

واستهلت معالي الهاشمي، الحديث رداً على سؤال حول تأثير معاهدة السلام من وجهة النظر الإماراتية وأولويات مستقبل العلاقات بين البلدين وسبل التعاون بينهما وما له من تأثيرات على الشعبين والمؤسسات. وأكدت أن المعاهدة وليدة رغبة للقيام بالأمور على غير النحو المعتاد في الشرق الأوسط المتمثل باستمرار النزاع العربي الإسرائيلي. وقالت: «لقد أرادت الإمارات أن تنظر للأمر من زاوية جديدة مغايرة والتزام بوقف عملية الضم، لذلك أولى التوقيع مع إسرائيل على المعاهدة أهمية لحق الشعب الفلسطيني بدولته». وأعربت الإمارات كذلك عن رغبتها بالتطلع نحو شرق أوسط جديد للأجيال القادمة في المنطقة والعالم، ومع أن الفكرة تبدو نوعاً من «الكليشيه»، إلا أن «العمل الذي نقوم به يرمي لتحسين المستقبل وإلا لمَ عسانا نتعب أنفسنا بالالتزام بتطوير أمتنا والعالم».

توريث الأزمة

وأضافت معاليها بأن مساعي الإمارات هي للحرص على عدم الاستمرار في توريث الأزمة والقيام بما من شأنه إنشاء حوار مباشر يدفع بقضية حلّ قيام الدولتين قدماً ومناهضة التطرف والإيديولوجيات، قضية تؤمن بالتعددية الثقافية وحقوق الأقليات والفرص الممكن توفيرها للشباب وتمكينهم من التكنولوجيا الحديثة وتطوير قدراتهم اقتصادياً بحيث يحل الازدهار على هذا الجزء من العالم.

وتطرقت الهاشمي كذلك إلى وجودها أثناء عملية التوقيع على المعاهدة، وقالت إنه انطلاقاً من تاريخ الإمارات الذي يضم جميع أبناء الديانات، وإيماناً بشمولية الجميع والاحتفاء بالاختلاف بدلاً من جعله مصدر خلاف، تشكلت هوية الإمارات وواقعها. وانتقلت في سياق متصل، للحديث عن الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس الإمارات، حيث علقت بالقول: «لم نشأ للحدث أن يمثل لحظة تأمل بما أنجزناه في الماضي وحسب، بل للتطلع قدماً بما يمكننا فعله للمنطقة وللمجتمع الدولي ككل».

وأكدت أنه إن كان هناك من شيء تعلمناه من الجائحة فهو مشاركة الإنسانية والروابط التي تجمعنا كبشر، مشيرة إلى التحديات الجسام في العالم من تغير مناخ وبطالة والحاجة لإعادة صقل مهارات الشباب في المنطقة من الشرق الأوسط إلى الصحراء الكبرى ووسط آسيا والشباب، حيث ما يقارب 60 في المئة هم دون الـ30، لافتةً إلى ضرورة صنع مستقبل يتناسب مع قدراتهم. وأكدت بأن «إكسبو 2020 دبي» يتمحور كما عنوانه على تواصل العقول وصنع المستقبل ويتقاطع عبر نقطة التكنولوجيا والرقمنة في القرن الواحد والعشرين.

التعلّم المتبادل

من جهة أخرى، وفي إطار الحوار مع الإسرائيليين لفتت معاليها إلى أهمية مسألة التعلم المتبادل قائلةً إنه لا بد من توضيح حقيقة من نكون ونوع القضايا التي تعنينا كعرب ومسلمين وفلسطينيين أن نتمكن من تطوير وتوظيف التكنولوجيا على نطاق واسع للخير العام. وأضاءت على مبدأ ضرورة التركيز على تنمية قطاعات جديدة ضمن تطوير الأجندة الإماراتية والتطلع إلى ما يجب أن يكون عليه المستقبل بما في ذلك تلك الناشئة بعد أزمة «كورونا»، مع إيلاء أهمية خاصة للحركة والقابلية على التكيّف. ولم تنسَ معاليها كذلك التشديد على جوهرية مواصلة التصدي الأبدي للتطرف والكراهية بكل أشكالها، ومناصرة حقوق الجميع وإشراكهم ضمن مسيرة مستمرة.

وقالت: «هناك رغبة حقيقية في الإمارات لأن نمضي قدماً من خلال التكنولوجيا والابتكار والإبداع وفي إظهار معاني التقدم والازدهار مع الافتخار والحفاظ على هويتنا القومية وإرثنا العربي والمسلم مع التمسك بإنسانيتنا». وأضافت أن القاسم الجامع المشترك (في ظل كورونا) هو الخوف والقلق، من دون أن تنسى الإشارة في الوقت عينه للأمل وحس التضامن. وقالت إنها كانت شاهدة بفعل اشتغالها في مجال العلاقات الدولية على قيام الإمارات في عز الأزمة بمدّ يد العون وإرسال المساعدات الطبية وغيرها بالأطنان إلى المحتاجين بلا تفرقة أو تمييز على أساس الإثنية والعرق والدين، حيث «يظهر معدن المرء في مثل هذه الحالات على حقيقته».

وربطت معاليها تلك الروحية وسيناريو منطق الأمور بوصفه الدافع للجلوس إلى الطاولة والتوصل إلى عقد معاهدة إبراهيم مع إسرائيل منطلقة من مبدأ الانفتاح والإيجابية في النظر للأمور والإقدام على اتخاذ خطوات مغايرة. وأكدت على استمرار المسار الداعم للعدالة ولكرامة الإنسان وازدهاره أينما كان. وقالت: «تواصل الإمارات لعب دور مركزي في المنطقة والعالم، حيث توجد أسس جوهرية للنمو الاقتصادي القائمة كالبنى التحتية واللوجستيات وقدرات شعب ليس عديده بالكثير لكنه قادر على الوصول بعيداً إلى كل العالم».

ومتحدثاً في الجلسة الافتراضية، قال بان كي مون إننا نقف على مشارف عالم من المتغيرات التي ستترك تأثيرات عميقة في المنطقة والعالم ككل، كما جائحة «كورونا» التي تهدّد الاقتصاد والمجتمع وطريقة حياتنا في كوكب مشتعل بالكوارث البيئية والمخاوف الأمنية والحروب والنزاعات السياسية والدموية مضافة إلى موجات من الشعبوية والقومية والحمائية وانقلاباً على أهمية الجدوى الدبلوماسية.

وفي حين لفت إلى أن جوهر الإنسان يبقى واحداً بالرغم من جميع الفروقات الموجودة، أشار إلى بارقة الأمل التي لاحت في أفق المنطقة متمثلةً بمعاهدة إبراهيم، مشيداً باللحظة التاريخية كما وصفها بما تمثله من تطور سياسي هام للشرق الأوسط والعالم.

تطوّر مهم

وقال كي مون «إن التوقيع على معاهدة إبراهيم تطوّر مهم في العلاقات الإقليمية بين العرب وإسرائيل من الناحية الأمنية والسياسية والاقتصادية والدبلوماسية». كما رأى أنها خطوة لتعزيز الأمن والسلام للشعوب كما للقادة، مؤكداً على حلّ الدولتين.

Email