تقارير «البيان»:

لبنان في دوّامة ترسيميْن: حدوديّ وحكوميّ

ت + ت - الحجم الطبيعي

خاض لبنان، أمس، جولة جديدة من مفاوضات الترسيم غير المباشر مع إسرائيل، أمكن وصفها بـ «الأقسى»، ذلك أنّه، واستناداً إلى القوانين الدوليّة وقانون البحار، رفع سقف تفاوضه، ما دفع الجانب الإسرائيلي إلى التهديد بتغيير خطوط التفاوض، حتى باتت تطال مساحة واسعة من المياه الإقليميّة اللبنانيّة.

وتزامناً مع تراجع تأليف «حكومة المهمّة» إلى مستوى يمكن وصفه بالمنخفض، تقدّم إلى الواجهة مجدّداً موضوع الترسيم الحدودي، حيث شهدت منطقة الناقورة الحدوديّة، أمس، الجولة الرابعة من ‏مفاوضات ترسيم الحدود بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، برعاية ‏الأمم المتحدة وحضور الوسيط الأمريكي، فيما أوحت الأجواء بأنّ المفاوضات بدأت تتّسم ‏بالصعوبة. ذلك أنّ جلسة أمس لم تشبه أيّاً من سابقاتها، تبعاً للأجواء التي خيّمت عليها، نتيجة المستجدّ من تطوّرات على صِلة بالعقوبات الأمريكيّة التي فرضتها واشنطن للمرّة الأولى على رئيس أكبر حزب مسيحي، النائب جبران باسيل، بالإضافة إلى نتائج الانتخابات الأمريكيّة بما تعنيه من تقلّبات على مستوى التعاطي الأمريكي مع قضايا المنطقة، ولبنان من ضمنها. وبمعنى أدقّ، وفق القراءات السياسيّة المتعدّدة، أتت الجلسة في أجواء تبعثر الأوراق و«تشقلب» الأولويّات وتبدّل المعطيات، فما كان قبل الانتخابات الأمريكيّة، ‏على المستوى الإقليمي، لن يكون كما بعده، والحسابات الداخلية قبل العقوبات على جبران ‏باسيل ليست كما بعدها.

وفي السياق، علمت «البيان» أنّ وفد لبنان المفاوِض انطلق من أنّ اتفاق الإطار على التفاوض، برعاية الولايات المتحدة الأمريكيّة، لم يحدّد الخطّ الذي على أساسه ستسير المفاوضات، فرفع المساحة من 860 كلم2 إلى 2290 كلم2. وفي المحصّلة، اشتد الجدل اللبناني - الإسرائيلي، تحت أعين واشنطن، ونتيجته أنّ أيّ شركة عالمية لن تبدأ عملية التنقيب، ليس فقط على الجانب اللبناني، إنّما أيضاً على الجانب الإسرائيلي، طالما أنّ النزاع مفتوح بين الطرفين.

وأتى هذا الجدل متزامناً مع ارتفاع منسوب الكلام عن انعدام الأمل بتشكيل الحكومة الجديدة، وسط تقهقر جهود التأليف، وعن أنّ كلّ ما يحصل في السياق لا يتعدّى الدوران في الحلقة المفرغة.

تعطيل وتصلب

تتقاطع المصادر المتابِعة عند إبداء القناعة بكوْن العقوبات الأمريكيّة على رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل أفضت إلى تعطيل التأليف، وزادت من تصلّب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في موقفه الحكومي، فيما لا تغيب عن بال اللبنانيّين الانعكاسات الشديدة السلبيّة لتعطيل تأليف الحكومة، التي يبدو أنّ مسار تشكيلها قد دخل في نفق بلا أي أفق مضيء حتى الآن، بل أنّ مؤشرات زيادة التعقيدات تتصاعد يوماً بعد يوم، بما يفاقم المخاوف من الغموض المتحكّم بالاستحقاق الحكومي.

Email