على أبواب الانتخابات أمريكا تقلّص قواتها في العراق

ت + ت - الحجم الطبيعي

قررت الولايات المتحدة الأمريكية، تقليص عدد قواتها في العراق إلى النصف، في خطوة ربطها مراقبون بالانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمعة في نوفمبر المقبل.

وأعلن قائد القيادة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، الجنرال كينيث ماكينزي، أمس، أن الولايات المتحدة قررت تخفيض عدد قواتها في العراق من 5200 إلى 3000 جندي، معطياً صفة رسمية لخطوة كانت متوقعة منذ فترة طويلة.

وقال الجنرال في بغداد «بعد الاعتراف بالتقدم الكبير، الذي أحرزته القوات العراقية، والتشاور والتنسيق مع الحكومة العراقية وشركائنا في التحالف، قررت الولايات المتحدة تخفيض وجودها العسكري في العراق من نحو 5200 إلى 3000 جندي خلال شهر سبتمبر».

وأكد البيت الأبيض الثلاثاء، أنه سيتمّ الإعلان في وقت قريب جداً عن تخفيض جديد لعدد القوات الأمريكية في العراق، حيث يتعرّض جنود أمريكيون يلاحقون خلايا نائمة إلى اعتداءات متزايدة من جانب فصائل موالية لإيران.

استمرار دعم

وفي خطاب ألقاه بمناسبة تسلم مهام القائد الجديد لتحالف مكافحة تنظيم «داعش» الجنرال بول كالفير، أوضح الجنرال ماكينزي أن الولايات المتحدة ستواصل دعم الجيش العراقي في معركته ضد آخر عناصر ناشطة لـ«داعش» في البلاد، وستُبقي وجوداً عسكرياً محدوداً في سوريا. وأضاف: إن هذا الوجود المحدود يتيح مواصلة تقديم النصائح والمساعدة للعراقيين في استئصال آخر بقايا التنظيم.

مشيراً إلى ثقة واشنطن بـ«قدرة القوات العراقية على العمل بشكل مستقل»، وتابع، «كان المسار صعباً، التضحية كانت هائلة، لكن التقدم كان كبيراً». وختم بالقول «لا يزال هناك الكثير من العمل يجب إنجازه».

وأكدت الولايات المتحدة والعراق في يونيو، التزامهما بخفض القوات الأمريكية الموجودة في البلاد في الأشهر المقبلة مع عدم اعتزام واشنطن الإبقاء على قواعد دائمة أو وجود عسكري دائم.

حملة ترامب

ويأتي الإعلان الأمريكي في خضم الحملة الانتخابية قبل موعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر. وفي عام 2016 دعت حملة ترامب الانتخابية إلى إنهاء «حروب أمريكا التي لا تنتهي»، لكن القوات الأمريكية ما زالت موجودة في دول مثل العراق وأفغانستان وسوريا وإن كانت بأعداد أقل. وصوّت البرلمان العراقي في وقت سابق هذا العام لصالح سحب القوات الأمريكية، وبدأت قوات أمريكية وقوات من دول أخرى أعضاء في التحالف في مغادرة البلاد تدريجياً.

وكان ترامب جدّد خلال لقاء انتخابي في كارولاينا الشمالية الثلاثاء وعده بالانتهاء من «الحروب التي ليست لها نهاية». وقال «سنعيد قواتنا إلى البلاد من كل تلك الأمكنة البعيدة»، مضيفاً: «صرفنا مليارات الدولارات، وما الذي حققناه من ذلك؟».

وبحلول أواخر عام 2018، كان هناك ما يقدر بنحو 5200 جندي أمريكي في العراق، وكانوا يشكلون الجزء الأكبر من قوات التحالف البالغ عددها آنذاك 7500، وفق مسؤولين أمريكيين. ولكن الولايات المتحدة خفضت بشكل كبير حجم قواتها في الأشهر الأخيرة.

إعادة انتشار

وقال مسؤولون أمريكيون، إنه أعيد نشر بعض القوات في القواعد الرئيسية في بغداد وأربيل في الشمال وعين الأسد في الغرب، لكن معظمها نُقل إلى خارج العراق، مشيرين إلى أن التقليص كان مخططاً له منذ فترة طويلة بعد هزيمة تنظيم داعش، لكنهم اعترفوا بأنه تمّ تسريع الجدول الزمني، بسبب الهجمات الصاروخية وفي ظل تفشي فيروس «كورونا».

ونشرت الولايات المتحدة، الآلاف من القوات في العراق في عام 2014 لقيادة تحالف دولي يقاتل تنظيم «داعش»، الذي اجتاح بعد ذلك ثلث أراضي البلاد.

وتسبّبت عشرات الهجمات الصاروخية على القوات الأمريكية والسفارة في المنطقة الخضراء شديدة التحصين ببغداد منذ أول العام، بمقتل ما لا يقل عن ثلاثة عسكريين أمريكيين وجندي بريطاني وجندي عراقي. واتهم مسؤولون أمريكيون فصائل قريبة من طهران تتمسّك منذ فترة طويلة بضرورة مغادرة جميع القوات الأمريكية الشرق الأوسط، بتنفيذ الهجمات.

وكان آخر الاعتداءات في وقت متأخر الثلاثاء، عندما استهدفت عبوة ناسفة رتلاً من الإمدادات كان متوجهاً إلى قاعدة عراقية، توجد فيها قوات أمريكية، ما أسفر عن مقتل أحد أفراد القوات الأمنية العراقية.

انسحابات أخرى

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية، إن الرئيس دونالد ترامب سيعلن انسحابات أخرى من أفغانستان في الأيام المقبلة. وينتشر هناك حالياً 8600 جندي لواشنطن، وفق اتفاق ثنائي تم توقيعه في فبراير بين واشنطن وحركة طالبان. وقالت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» في أغسطس، إن هدفها هو خفض عدد أفرادها إلى أقل من خمسة آلاف جندي مع تقدم محادثات السلام بين الحكومة الأفغانية من جهة والحركة من جهة أخرى.

وذكر ترامب سابقاً في مقابلة صحافية، أن البيت الأبيض يهدف إلى الوصول إلى ما بين 4000 و5000 جندي في أفغانستان بحلول الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.

ويرى ترامب، أن الدفع في اتجاه إعادة القوات إلى البلاد يمكن أن يعزز موقفه الانتخابي، لكن تصريحات له انتقدت الجيش الأمريكي في 2018 ونشرتها مجلة «أتلانتيك» الأسبوع الماضي جعلت شعبيته تتراجع. ونفى البيت الأبيض التصريحات، لكن الصحافي الذي نقلها قال إنه يستند إلى مصادر عدة، ودعمته وسائل إعلام أخرى في ما يقول.

Email