لبنان بين مبادرة باريس وضغوط واشنطن

ت + ت - الحجم الطبيعي

فيما الحراك الدولي في اتجاه المنطقة متشعّب الأطراف، سرقت المبادرة الفرنسيّة تجاه لبنان، كلّ الأنظار والاهتمامات، وبدأت تتفاوت التحليلات حول الموقف الأمريكي منها، وتحديداً إنْ كانت واشنطن في وارد الالتفاف عليها، أم أنّها جاءت أساساً بدعْم منها.

ذلك أنّ زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شينكر، أعقبت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأسبوع الماضي، وسط تأكيد الطرفين أنّ تحرّكهما «منسّق» تجاه لبنان، وإنْ لم يعد خافياً وجود تمايز بين الجانب الأمريكي، الذي يعتبر «حزب الله» منظّمة إرهابيّة، في حين أنّ الجانب الفرنسي يميّز منذ فترة بين الذراعين السياسية والعسكرية للحزب.

وفي مضامين الزيارتين، وبحسب القراءات المتعدّدة، أتى الرئيس الفرنسي تحت مظلّة الدعم الأوروبي، فيما وقف الأمريكي على الحياد، من دون أن يعرقل، ذلك أنّ الدور الذي تؤدّيه واشنطن، حيال تشكيل الحكومة اللبنانية المقبلة، بات أشبه بـ «العصا» الرئيسة، كوْن الرئيس الفرنسي يستخدمها في عملية التشكيل، عبر إنذاره الطبقة السياسيّة، بأنّ عدم الالتزام بالمعايير والجدول الزمني المحدّد للتشكيل، يعني انضمامه إلى الجهة التي تريد فرْض العقوبات، أي أمريكا، والتي تبدو غير مهتمة بالملفّ اللبناني حالياً، باستثناء استمرارها بالعقوبات، للوصول إلى ما تريده في ما بعد.

مضامين وترقّب

وبحسب تقويم ماكرون، يُفترض بحكومة العهد الرابعة، أن تولد منتصف الشهر الجاري، بعد أن تكون مهلة الـ 15 يوماً التي حدّدها لولادة الحكومة، قد انقضت، علماً بأن لا صدمة فرنسيّة قبل منتصف الشهر المقبل، موعد المؤتمر الدولي، الذي أبدى ماكرون استعداده للدعوة إليه، ولا حضور رئاسياً فرنسياً إلى لبنان قبل ديسمبر المقبل، موعد زيارة ماكرون الثالثة للبنان.

ولا يزال الوسط السياسي منشغلاً بقراءة مضامين زيارة شينكر لبيروت، الأسبوع الماضي، وهي، كما تبيّن، لم تنسف الجهد الفرنسي، لكنّها لم تعوّم الطبقة السياسيّة، كما فعل ماكرون، بل سعت إلى جسّ نبْض «المحتجين» وجدّيتهم، وذكّرت أهل الحكم بترسيم الحدود.

ومن بوّابة هذه الزيارة، عاد هاجس العقوبات الأمريكيّة، ليخيّم في أجواء أركان السلطة، تحت وطأة إعلان شينكر عن قرب صدور حزْمة جديدة من العقوبات، تطال شخصيات لبنانيّة، بموجب «قانون ماغنيتسكي».

ملف «حزب الله»

وارتفع منسوب الكلام عن أنّ ملفّ «حزب الله»، لا بدّ سيُطرح بقوّة في المرحلة التالية، لتظهر آنذاك التباينات الأمريكيّة- الفرنسية. ذلك أنّ واشنطن تتعاطى بأعلى معايير الجدية مع الحزب، الذي صنّفته «منظّمة إرهابيّة» بكلّ المعايير، وحزباً غير شرعيّ، يشكّل خطراً وجودياً على لبنان، بصواريخه وأسلحته وقتاله في الساحات العربية، وفق الأجندة الإيرانيّة، خلافاً لفرنسا، التي تفرّق بين جناحيه السياسي والعسكري.

Email