ماكرون: «تحديان أمام العراق».. التدخل الخارجي و«داعش»

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد زيارته الثانية للبنان، خلال أقل من شهر، انتقل الرئيس الفرنسي، أمس، إلى بغداد، في أول زيارة لمسؤول غربي إلى العراق، منذ تسلم مصطفى الكاظمي رئاسة الحكومة في مايو الماضي، ما يعكس الاهتمام الذي توليه باريس لهذه المنطقة، على نحو يفوق، ربما، ما فعله رؤساء فرنسا في السنوات الأخيرة.

وخلال مؤتمر صحافي، أول من أمس، في ختام زيارته الثانية للبنان، قال ماكرون «أؤكّد لكم أنّني سأكون غداً صباحاً في العراق، لكي أطلق، بالتعاون مع الأمم المتحدة، مبادرة لدعم مسيرة السيادة في هذا البلد».
وقبل توجه ماكرون للقيام بزيارته الثانية إلى بيروت، قال خلال لقاء مع الصحافيين، إنّ «المعركة من أجل سيادة العراق أساسية، للسماح لهذا الشعب وهذا البلد اللذين عانيا كثيراً، بـ «عدم الخضوع إلى حتمية سيطرة القوى الإقليمية والإرهاب».

ولم ترد تفاصيل كثيرة عن مبادرة «السيادة» التي كثر الحديث حولها، بينها تصريحات لمسؤولين عراقيين توقعوا إعلان مساعدات مالية أو عسكرية جديدة.
وفي تصريحات بالعاصمة العراقية، عكست هواجس باريس، قال ماكرون: إن العراق يواجه تحدّيين رئيسين، هما تنظيم داعش الإرهابي، والتدخل الأجنبي.

وبعد لقائه مع الكاظمي، أكد ماكرون أن بلاده تدعم سيادة العراق، وملتزمة بمساعدته في مجال تأمين الطاقة، وتعزيز دعمها له. وشدد على أن استراتيجية السيادة العراقية مهمة للمنطقة، كما ينبغي تعزيز هياكل البنى للدولة العراقية، لضمان الاستقرار، موضحاً أن باريس تدعم تجنيد المجتمع الدولي لصالح العراق، وهي ستكون بالموعد لمساعدته في مشاريعه، مؤكداً التزام باريس في دعم بغداد في المجالات التربوية والثقافية والصحية.

ولفت إلى أنه بحث مع الكاظمي تقوية العلاقات العسكرية مع العراق، في مواجهة تنظيم «داعش»، الذي ما زالت المعركة ضده مستمرة، مشدداً على أن التعاون الدفاعي، ينبغي أن يحترم سيادة العراق. وأكد أنه بحث مع الكاظمي «تطبيع» جميع أفرع القوات المسلّحة، مشدداً على أن فرنسا تساند جهود الكاظمي لصيانة السيادة العراقية. وأن فرنسا ستتولى قيادة المجتمع الدولي لدعم العراق، مضيفاً: «ندعم توجه الحكومة العراقية الحالية، سياسياً وإدارياً وأمنياً».

زيارة أولى
وزيارة ماكرون هي الأولى التي يقوم بها زعيم غربي للعراق، منذ تولي الكاظمي منصبه في مايو، ليصبح ثالث رئيس للحكومة خلال عشرة أسابيع من الفوضى، أعقبت احتجاجات استمرت شهوراً، في بلد أرهقته العقوبات والحرب، والفساد، والتحديات الاقتصادية على مدى عقود.

ووصف الكاظمي زيارة ماكرون إلى بغداد، بأنها «بداية حقيقية لشراكة عراقية فرنسية». وقال في المؤتمر الصحافي المشترك مع ماكرون، إن العراق مهتم بتوسيع الشراكة مع فرنسا، معتبراً زيارة ماكرون إلى بغداد «بداية حقيقية لشراكة عراقية فرنسية». وأعرب عن شكره للدعم الفرنسي في الحرب ضد «داعش»، مشدّداً على أن العراق لن يكون ساحة مواجهة مع أحد، بل يعمل على استقرار المنطقة. ولفت إلى أنه بحث مع ماكرون، مشروع إنتاج الطاقة النووية لتوليد الكهرباء، وأن حكومته تعمل على تذليل كل التحديات أمام الشركات الفرنسية. وأضاف أنه بحث التعاون في مجال الطاقة مع الرئيس الفرنسي.

إعادة إعمار
الكاظمي أكد أهمية دور فرنسا في إعمار المناطق التي دمرها «داعش». وقال إنه بحث مع ماكرون تطوير العلاقات الأمنية والعسكرية بين باريس وبغداد، مضيفاً: «يوجد الكثير من مجالات التعاون بين العراق وفرنسا».

وقبل لقاء الكاظمي مع ماكرون، استقبل الرئيس العراقي، برهم صالح، نظيره الفرنسي، في القصر الرئاسي ببغداد. وقال ماكرون في مؤتمر صحافي مشترك، مع نظيره العراقي «نحن هنا لدعم العراق، وسنواصل دعمه». وقال صالح إن العراق يجب ألا يكون ساحة لصراع بالوكالة بين دول أخرى.

وأكد ماكرون دعمه للعراق في محاربة الخلايا النائمة لتنظيم داعش، والوقوف ضد التدخلات الخارجية، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال: «لقد مر العراق بفترة مليئة بالتحديات لسنوات عدة، مع الحرب والإرهاب». وأضاف «عليكم أن تقودوا مرحلة انتقالية، فرنسا ستكون بجانبكم، حتى يتمكن المجتمع الدولي من دعمكم». وشكر الرئيس صالح، ماكرون، على الدعم الذي تقدمه فرنسا في محاربة تنظيم داعش، معرباً عن أمله بقيام ماكرون بزيارة أطول للعراق العام المقبل.

دور وسيط
ويشكو كثير من العراقيين، من تدخّلات خارجية مؤثّرة، ويشير بعضهم إلى دعم طهران لعدد من الميليشيات. وقال مسؤول عراقي، إن حديث ماكرون حول «سيادة العراق»، تشكل أيضاً رسالة غير مباشرة إلى تركيا، التي كررت شن هجمات جوية وبرية في شمالي العراق في يوليو، ما أثار غضب بغداد، التي نددت بانتهاك أراضيها.

والتوتر على أشده حالياً بين فرنسا وتركيا، على خلفية النزاع في ليبيا، حيث البلدان متهمان بدعم طرفين متقاتلين، والخلافات في شرق المتوسط، حول التنقيب عن الغاز. وتنقل وكالة فرانس برس، عن كريم بيطار أستاذ العلوم السياسية، الذي يعمل بين باريس وبيروت، قوله إن «ماكرون يحاول، وبالتأكيد، الدفع باتجاه شرق أوسط يتطلع نحو فرنسا». ويضيف أن الرئيس الفرنسي كان يركز على لبنان والعراق، وكلاهما له علاقات مع المملكة العربية السعودية وإيران، لأنه يعتقد أن باريس يمكن أن تلعب دور الوسيط، إذا تصاعدت التوترات الإقليمية.

Email