تقارير «البيان»

لبنان.. حكومة بين حدي التكليف والتأليف

ت + ت - الحجم الطبيعي

غداة الاستشارات النيابية التي تمخضت عن تسمية السفير مصطفى أديب، القادم من عالم الدبلوماسية، ومن خارج النادي التقليدي لرؤساء الحكومات، رئيساً مكلّفاً تشكيل الحكومة بأكثرية بلغت 90 صوتاً، طُوِيت صفحة التكليف، وبدأت المرحلة الانتقالية نحو التأليف، وهو الاستحقاق الذي يشكل ساحة الامتحان الرئيسية لمصداقية الطبقة السياسيّة، وترجمة حرصها الكلامي على ولادة سريعة لحكومة مغايرة عن سابقاتها.

وبالتزامن مع الاحتفال بمئوية لبنان، الذي أقيم أمس في حضور الرئيس الفرنسي، إمانويل ماكرون، دخل السفير مصطفى أديب المشهد السياسي من بوابة التوافق، واعتلى منبر التواصل مع اللبنانيين بلقب دولة الرئيس وبواقعية وهدوء سياسيّين، وذلك على أمل أن ينسحب دفْع التكليف على التأليف.

وشكّل رئيس الوزراء المكلّف نقطة توافق لم تكن متوقعة، بين القوى السياسية الكبرى ‏المتخاصمة، قبل الانطلاق في المهمة الصعبة التي تنتظر حكومته، حال قيِّض لها أن تتشكّل في المدى القريب.

فيما من المفترض بدء ورشة التأليف بعد المشاورات غير المُلزِمة مع الكتل النيابيّة اليوم، واستكمالها بمشاورات مع القوى السياسية، وربّما مع ممثلي الحراك المدني، ما يمهد أمامه الطريق للدخول إلى السراي الحكومي، كرئيس للحكومة متسلّحاً بالتغطية الداخلية، والغطاء الفرنسي، من أجل تشكيل حكومة تنفيذ مهمّات، مطلوبة دولياً.

خطوط عريضة

ومن المنتظر أن تتحرّك الحكومة المرتقبة تحت مجهر الرئيس الفرنسي الذي حدّد أجندة عملها ورسم لها الخطوط العريضة، بدءاً من إعادة الإعمار، مروراً بالإصلاحات المطلوبة، ووصولاً إلى الانخراط جدياً في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وتردّدت معلومات مفادها أنّ الحكومة المرتقب تشكيلها، في وقت لا يتعدّى 10 أيام، لتملأ الفراغ في مرحلة انتقاليّة، تمتد إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية في نوفمبر المقبل ولا تتجاوز العام الجاري، ستكون مؤلّفة من 14 وزيراً، على أن يتم ‏اختيارهم من شخصيات مشهود لها بالنجاح والمهنية في عملها بالقطاع الخاص وليست محسوبة على أية ‏جهة سياسية، وفي الوقت نفسه لا تكون مستفزة لأحد.

مرحلة صعبة

وسيكون رئيس الوزراء المكلّف مصطفى أديب رئيس الحكومة الثالث للحكومة الرابعة، في السنة الرابعة من عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، إذ كانت الحكومة الأولى برئاسة سعد الحريري وقال عنها عون إنّها ليست حكومة العهد الأولى، إلى أن جاءت الحكومة الثانية برئاسة الحريري أيضاً لكنها استقالت بفعْل «انتفاضة 17 أكتوبر».

فيما عانت الحكومة الثالثة برئاسة حسّان دياب من رفْض الشارع والعزْلة. اليوم وعلى شفير الانهيار التام، عاد المشهد السياسي خطوات نحو الأمان، فأنبت التوافق رئيساً مكلّفاً للحكومة، وفق توقيت فرنسي. وفور تكليفه، حاول أديب التودد إلى الشارع المنتفض، إلّا أنّ الرد أتاه على غير ما تمنى:

«أنت لا تمثلنا». ويؤشّر هذا المشهد إلى مرحلة غير سهلة سيختبرها رئيس الوزراء المكلّف القادم من عالم الدبلوماسية، بعدما ذهبت نشوة التكليف وأتت فكرة التأليف، فلا وقت كما يرى مراقبون، للكلام والوعود والتمنيات، بل العمل من أجل تعافي لبنان.

 

Email