حكومة لبنان معلّقة على أعمدة الخارج

ت + ت - الحجم الطبيعي

وسط التعقيدات الداخلية التي بدأت تتراكم وتؤخّر مسار التكليف فالتشكيل الحكومي في لبنان، وعودة الألاعيب السياسيّة التقليديّة لتتحكّم بمجمل الاستحقاق الحكومي، ما قد يطيل أمد الفراغ لأجل غير مسمّى، ارتفع منسوب الرهانات الداخليّة على التحرّكين الفرنسي والأمريكي، لبلورة الاتجاهات نحو فتْح الطريق أمام الحكومة الجديدة.

وذلك، في خضمّ تخبّط قوى السلطة وعدم توافقها على بوصلة موحّدة وثابتة، وتناقض مواقف قوى المعارضة، حيال هذا الاستحقاق. علماً أنّ التحرّك الفرنسي يتمحور حول هدف واحد:

تأمين ولادة سريعة لحكومة إنقاذيّة تحظى بغطاء القوى السياسيّة، فيما واشنطن متمسّكة بحكومة تنفّذ إصلاحات وتمثّل تطلّعات الشعب المنتفض، وهي تفضّل أيضاً حكومة لا يكون «حزب الله» ممثلاً فيها، وتلوّح بعقوبات إضافيّة على الحزب وعلى حلفائه، في حال لم تذهب الأمور في هذا الاتجاه.

ومن وراء «الدمار اللبناني» المروّع، الذي تتكشّف فصوله يوماً بعد آخر، بعد انقضاء 10 أيام على وقوع الانفجار في مرفأ بيروت، انصرفت الحكومة المستقيلة إلى تصريف الأعمال بالحدود الضيّقة، واتّسعت مروحة المشاورات لتشكيل أخرى، فيما ثمّة إجماع داخلي على أنّ التطوّرات اللبنانيّة رهن الحركة الدوليّة، ومن المفترض أن تتبلور معالمها قبل عودة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون إلى بيروت مجدّداً مطلع سبتمبر المقبل.

وذلك، بالاستناد إلى معلومات تتردّد، ومفادها وجود إصرار دوليّ على تشكيل الحكومة الجديدة في مهلة أقصاها أسبوعين على أبعد ‏تقدير، وتتطابق مع ما تروّج له جهات داخليّة ‏وازنة، من أنّ إدارة الأزمة السياسيّة لن تتولاها هذه الحكومة، إنّما «حكومة ظل»، ستتشكّل من أقطاب أساسيّين في الداخل ومن جهات دوليّة، برعاية فرنسيّة مباشرة، لتحضير تسوية سياسية شاملة للمرحلة المقبلة.

ارتباك ونصائح

إلى ذلك، بدا واضحاً أنّ المشهد الداخلي لا يزال يتّسم بارتباك سياسي واسع، حيال ‏الاتجاهات التي سيسلكها استحقاقا التكليف والتشكيل، ذلك أن الاستشارات النيابية الملزِمة ‏لتكليف رئيس الحكومة الجديدة لن تجري قبل الأسبوع المقبل، في ضوء نتيجة الاتصالات والمشاورات السياسيّة التي لم تتّضح بعد وما زالت في بداياتها، فيما الخيار الأكثر تداولاً، وفق معلومات «البيان»، هو تشكيل حكومة وحدة وطنية، إلا أنّ طبيعة التمثيل فيها لم تُحسم بعد.

وفي المعلومات، فإنّ ثمّة هدفين مرسومان للمشاورات السياسيّة القائمة حيال الاستحقاق الحكومي: الأوّل، الخروج من مأزق الفراغ الحكومي، الذي يبقى احتمالاً قائماً طالما لم يتمّ العثور على من ‏سيقبل ترؤس حكومة، في وضع هو أصعب ما مر على لبنان منذ نشوئه، وتتجاذبه أزمات قاتلة، وخصوصاً على صعيد زلزال «نيترات الموت» والنتائج الكارثيّة التي خلّفها انفجار ‏مرفأ بيروت.

فيما الهدف الثاني، تجنّب تكرار دوّامة تضييع الوقت ذاتها قبل أشهر، والوقوع في مزاد الأسماء المحروقة، والحسْم السريع لإسم من سيُكلّف تشكيل الحكومة، وتقريب ‏الاستشارات النيابيّة الملزمة لتسميته إلى موعد لا يتجاوز آخر الأسبوع المقبل، وكذلك حسْم شكل الحكومة الذي ‏لم يتبلور بعد.

وفي المعلومات أيضاً، فإنّ ثمّة نصائح أُسدِيت من أكثر من مستوى دولي إلى مستويات رسميّة لبنانيّة، بوجوب التعجيل في ‏تشكيل الحكومة الجديدة، وعدم استنساخ محطات التشكيل السابقة.

Email