ما بعد الكارثة

لبنان .. بحث عن القمح وترقّب للحكومة الجديدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

ارتفع عدد ضحايا انفجار مرفأ بيروت إلى 171 قتيلاً وأكثر من 6000 جريح، فيما كشف وزير من الحكومة المستقيلة عن أن كميات القمح المتوفرة في البلاد تكفي لمدة أربعة أشهر، في وقت يترقب اللبنانيون والعالم تشكيلة الحكومة الجديدة وطبيعتها. وقال مصدر في وزارة الصحة، طلب عدم ذكر اسمه، إن من بين القتلى والجرحى جنسيات عربية وأوروبية. وتواصل فرق الإنقاذ المحلية والعالمية البحث عن المفقودين، كما تستمر الجمعيات الأهلية في رفع الأنقاض بعدد من شوارع العاصمة المتضررة من الانفجار.

تموين

وكشف وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية راوؤل نعمة، عن أن كميات القمح المتوفرة في البلاد تكفي لمدة أربعة أشهر. جاء ذلك خلال اطلاع الرئيس اللبناني ميشال عون أمس، من الوزير نعمة على الوضع التمويني في البلاد بعد التطورات التي تلت انفجار مرفأ بيروت، بحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية. وشدد عون، على ضرورة العمل لتأمين الأمن الغذائي وتوفير المواد الغذائية، لاسيما منها القمح والخبز، ووجوب الاستمرار في ضبط تفلت أسعار السلع، ومعاقبة المخالفين الذين يستغلون الظروف الراهنة لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة.

سلع أخرى

وقال الوزير نعمة، بعد اللقاء: «لدينا 32 ألف طن من القمح لدى مخازن المطاحن، وهناك بواخر بعضها وصل إلى بيروت، والبعض الآخر في طريقه إلينا بمدى أسبوعين، محملة بنحو 110 آلاف طن ما يعني أن لدينا نحو 140 ألف طن من الآن حتى نهاية الشهر، وهي تكفينا لأربعة أشهر».

وأضاف: «استهلاكنا نحو 35 ألف طن في الشهر، والمواطن بحاجة أيضاً إلى سلع أخرى غير القمح، وقد اجتمعت لهذه الغاية أيضاً مع المستوردين للتأكد أن لديهم مخزوناً كافياً من السلع».

وتابع نعمة أنه قام لهذه الغاية بزيارة مرفأ طرابلس، ومرفأ بيروت «حيث هناك 12 رافعة من أصل 16 لا تزال تعمل، وهناك بعض البواخر التي رست في المرفأ ويتم تفريغها، فيما يقوم التجار بالحصول على بضاعتهم». وقال: «نحن نعمل مع برنامج الغذاء الدولي كي يتمكن المرفأ من العودة واستقبال جميع أنواع العلف والقمح، وبالأمس كنت في مرفأ طرابلس للتأكد من قدرته على استيعاب كل الطلبات، وهو لا يعمل حالياً إلا بنسبة 30 بالمئة من قدرته الاستيعابية، ودرسنا إمكانية استقبال القمح بكميات أكبر فيه إذا لزم الأمر».

ونفى الوزير الأخبار المغلوطة الصادرة على وسائل التواصل الاجتماعي التي تزعم أن الدعم سيتوقف، مؤكداً أن الدعم لم يتوقف، وما زلت يومياً أوقع طلبات الدعم التي تذهب إلى مصرف لبنان. وأشار إلى أن برنامج الغذاء العالمي سيؤمن نحو 17 ألف طن من الطحين على أن يتم توزيعها بمساعدة الجيش إلى المتضررين في المناطق المنكوبة.

استحقاق حكومي

وفي يومه الثاني، غداة استقالة حكومة حسّان دياب، وبدء مرحلة تصريف الأعمال، بدا الاستحقاق الحكومي كأنّه لا يزال يتلمّس خريطة طريق سياسيّة مفقودة، نظراً إلى التصدّع الهائل الذي أصاب العلاقات السياسيّة بين العهد والكثير من الكتل النيابيّة والقوى السياسيّة، التي لن يكون التشاور معها حول اسم المكلّف تشكيل الحكومة الجديدة سهلاً، وذلك، لكوْن الفريق الذي شكّل الحاضنة للحكومة المستقيلة لن يقبل بحكومة لا يمسِك بمفاصلها، في حين لن يقبل الفريق المعارِض بتغطية حكومة تكون نسخة طبق الأصل عن الحكومة المستقيلة.‏‏

إلى ذلك، بدا واضحاً أنّ الرئيس عون لن يدعو إلى استشارات التكليف قبل أن تبلغ الاستشارات السياسيّة مداها، فيما شهدت الساعات الأخيرة رصْد محاولة لتسويق فكرة العودة إلى الحكومة السياسيّة، بذريعة أنّ حدّة الأزمة تستدعي حكومة سياسيّة لا «تكنوقراطيّة»، لكنّ هذا النوع من الحكومات ما زال يواجه رفضاً مطلقاً لدى المعارضة، التي تعتبر أنّ طبيعة المرحلة تتطلّب حكومة اختصاصيّين مستقلّين. ‏

معطيات واحتمالات

وأشارت أوساط لـ«البيان»، إلى أنّ ما من أحد، حتى الآن، يملك توجّهاً واضحاً لما ستؤول إليه الأمور حكوميّاً، والكلّ أخذ وضعيّة الاستعداد والتأهّب في خندقه متحصّناً بمحور من هنا وآخر من هناك، فيما جلّ ما يدور النقاش حوله، سواءً بشكل بينيّ داخل الفريق الواحد، أو متقاطع بين المقرّات السياسيّة والرئاسية، يتركّز على نقطة محوريّة وحيدة: أجندة الحكومة المقبلة وجدول أعمالها. ‏‏

زيارة مرتقبة

وعلى وقْع تقاطر الموفدين الإقليميّين والدوليّين إلى بيروت، وبينهم وزيرا الخارجية المصريّ والأردنيّ أول من أمس، والألمانيّ أمس، تتّجه الأنظار نحو الزيارة المرتقبة لوكيل وزارة الخارجية الأمريكيّة لشؤون الشرق الأدنى ديفيد هيل، لما تؤشر إليه على المستوى الأمريكي.

وفي ظلّ التعقيدات اللبنانيّة، تأتي هذه الزيارة، اليوم، متزامنة مع كوْن لبنان في مرحلة تصريف الأعمال، وفي مرحلة مشاورات تسبق موعد استشارات التكليف.

وتبعاً لنتائج المحادثات التي سيجريها هيل مع الرئيس عون، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب، يكون قد تبلور بشكل أوّلي الموقف الأمريكي لجهة الحكومة الجديدة. وذلك، وسط معلومات تردّدت، ومفادها أنّ المسار الأمريكي لن يقتصر على زيارة هيل، بل يُتوقع أن تعقبها في الأسبوع الأخير من أغسطس الجاري زيارة لديفيد شينكر، المكلّف بملفّ ترسيم الحدود. وبين الزيارتين، تكون المحكمة الدوليّة الخاصّة بلبنان أصدرت حكمها في قضية اغتيال رفيق الحريري.

وإثر هاتين الزيارتين، يتبلور الموقف الأمريكي من المساعدات، العقوبات، ترسيم الحدود والتنقيب عن الغاز. وعلمت «البيان»، أنّ الموفد الأمريكي لن يقدّم أيّ طرح يناقض مبادرة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، التي تتناول شكل الحكومة المقبلة، وإنْ كانت بلاده تؤكد أهمية تشكيل حكومة مستقلّة كما أنّه سيتناول في زيارته مجمل التطوّرات، وسيضع إمكانات بلاده في تصّرف الفريق المكلّف التحقيقات في مرفأ بيروت.‏‎‎‏

Email