غضب بيروت يتفجر وشظاياه تطال السلطة وحزب الله

دعوات لإجراء تحقيق دولي غداة تفجير بيروت

ت + ت - الحجم الطبيعي

في حين أن عنوان أزمة لبنان الراهنة على الصعد السياسية والاقتصادية والمالية يُختصر بـ«فقدان الثقة»، وفق ما عبّر عنه اللبنانيون في الشارع، أكدت القوى السياسية والشارع اللبناني، أن أي تحقيق داخلي لن يكشف حقيقة الانفجار الذي حصل في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت أول من أمس.

وخلّف رماداً من دموع ودماء وغطّى لبنان بغيمة صراخ انبعثت من رحم بيروت وقلب البلد، مطالبين بتحقيق دولي، وتخليص لبنان من حزب الله»، بالإضافة إلى عدم إعطاء الأموال للحكام الذين وصفوهم بالفاسدين، فيما استقبل لبنانيون، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي دعا إلى ميثاق وطني عاجل لإنقاذ اللبنانيين.

تحقيق دولي

وبعد يوم من مطالبة رؤساء الحكومات اللبنانية السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام بتشكيل لجنة تحقيق دولية أو عربية لكشف أسباب وملابسات الانفجار، طالب الشارع اللبناني أمس خلال زيارة ماكرون بتحقيق شفاف على هذا المستوى، ودعوا إلى مشاركة دولية وخبراء دوليين ولجان متخصصة قادرة على كشف الحقيقة وتحقيق العدالة لبيروت وأهلها.

«ثورة، ثورة!»، هتفت مجموعة من اللبنانيين كانوا في منطقة الجميزة لدى وصول الرئيس الفرنسي، وقد وصل بالبعض من شدة الغضب على تدني الأوضاع المعيشية الى المطالبة بعودة الانتداب الفرنسي، كما طالبوا فرنسا بـ «تخليص لبنان من حزب الله» ، بالإضافة إلى عدم إعطاء الأموال للحكام الذين وصفوهم بالفاسدين.

وقال ماكرون بلهجة واثقة متوجهاً إلى أحدهم: «يا صديقي، أنا هنا اليوم لاقترح على السياسيين ميثاقاً سياسياً جديداً، وسأعود في الأول من سبتمبر». وأضاف إن هناك حاجة لإجراءات سياسية قوية لإخراج لبنان من أزمته. وأكد ضرورة النهوض بإصلاحات اقتصادية مثل زيادة شفافية النظام المصرفي اللبناني. وأضاف: من المهم وضع برنامج صندوق النقد الدولي للبنان موضع التنفيذ.

وكشف ماكرون إنه سيقترح على القادة اللبنانيين «مبادرة سياسية جديدة»، متعهداً بعدم ذهاب مساعدات بلاده إلى «الأيدي الفاسدة»، وذلك خلال تجوله في حي «الجميزة» المتضرر جراء انفجار مرفأ بيروت.

في تطوّرات الموقف، أعلن مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة، القاضي فادي عقيقي، توقيف 16 شخصاً بينهم مسؤولون في مرفأ بيروت على ذمة التحقيق، على خلفية الانفجار.

علم مُنكّس

ولليوم الثاني على التوالي، بقي علم لبنان منكّساً فوق أنقاض عاصمته المنكوبة، التي تغيّرت معالمها بالكامل، وفوق جثامين الموتى وآلام جرحاها وعشرات المفقودين الذين انهارت منازلهم وأصبحوا من دون مأوى في «بيروت الحزينة». ومن بوابة بيروت، التي أضحت بين ليلة وضحاها «ركام عاصمة» ردمت الطامة ناسها وبيوتها وأحياءها، دخل لبنان فعلاً موسوعة المصائب، ولم يعد التوصيف يجدي وسط الدمار الشامل الذي حلّ بأبشع صوره الكارثيّة في زلزال المرفأ.

ذلك أن صورة الانفجار انقشعت: الوضع الإنساني في منتهى الكآبة، الألم في ذروته، البلد من أدناه إلى أقصاه مصدوم، ومشهد الخراب أدمى قلوب العالم، فترفّع عن كلّ التفاصيل السياسيّة وعاد ليولّي وجهه شطر هذا البلد المنكوب لإغاثة أبنائه ومدّ جسور المساعدات الجويّة باتجاه مطار بيروت الدولي.

أما حقيقة تفاصيل النكبة التي ألمّت ببيروت، فلا تزال تتوارى خلف رواية رسميّة عن أن التدمير نجم عن انفجار كميات هائلة من «نيترات الأمونيوم»، انفجرت بسبب تلحيم لإحدى البوّابات، وخلف الكثير من الروايات التي تتوالى من كلّ حدب وصوب، وترجّح فرضية العمل التخريبي أو العدواني. وقد زاد من ضبابيّة المشهد ما ذكرته تقارير صحافية عن استهداف أسلحة لـ«حزب الله» في مرفأ بيروت. وكشفت وثائق قضائية أن مدير الجمارك اللبنانية، بدري ضاهر، حذر لسنوات من «الخطر البالغ» المتمثل في ترك نترات الأمونيوم في أحد عنابر التخزين في مرفأ بيروت.

وتظهر الوثائق القضائية اللبنانية، التي تم الحصول عليها من خلال الناشط الحقوقي اللبناني البارز، وديع الأسمر، أن ضاهر طلب نقل «الشحنة الخطرة» من الميناء في أعوام 2014 و2015 و2016 و2017.

معطيات

فيما التحقيقات تسير ببطء، وسط حال من الذهول والإرباك لدى المواطنين، وهي انعكاس لحال الإرباك الحكومي، اختصر وزير الداخلية اللبناني محمد فهمي المسار بثقة غير واضحة المعالم، إذ قال:

«إذا ما فينا نحاسب، خلّينا نفلّ عالبيت»، ولم يقرن تصريحه بتعهّد «الذهاب إلى البيت»، إذ إن النتائج الأولية، التي تسبق موعد انتهاء التحقيق الرسمي في انفجار «نيترات الأمونيوم» في مرفأ بيروت، أفضت إلى عدم وجود أيّ مسؤول. أما الوزراء المعنيون فأطلّ كلّ واحد منهم عبر إحدى الشاشات ليعلن براءته، وفريق وزارته، فيما الأجهزة الأمنية رمت الطابة في ملعب القضاء، والقضاء يتوقف أمام شكليّات المراسلة معه.

Email