هدوء في سرت ومبادرة دولية ترسم ملامح المرحلة الانتقالية

ت + ت - الحجم الطبيعي

على الرغم من انقضاء ما يقارب الشهر على التصعيد الأخير الذي شهدته تخوم العاصمة الليبية، إثر محاولة ميليشيات حكومة الوفاق التقدم باتجاه محاور سرت والجفرة، مدعومة من أنقرة بالطائرات المسيرة والمرتزقة، يستمر الهدوء الحذر مسيطراً على غرب سرت ووسط ليبيا فيما تتواصل المشاورات الإقليمية والدولية لتجاوز الأزمة الليبية من خلال إرساء حل سياسي على ضوء مخرجات مؤتمر برلين وإعلان القاهرة المنبثق من مبادرة رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، وذلك ضمن ما بات يسمى باتفاق «الصخيرات 2».

وجددت قيادة الجيش الليبي، أمس، التأكيد على جاهزيتها للتصدي لأي هجوم بعد إكمال استعداداتها بحرياً وجوياً وبرياً. وسط هذا الترقب المستمر، تتجه الأنظار نحو المساعي السياسية الأخيرة، لا سيما تلك التي تجلت إثر زيارة غير معلنة لوفد أمريكي إلى بنغازي ولقائه قيادات في الجيش الليبي، فضلاً عن الاجتماع التركي الروسي المتوقع عقده في موسكو خلال الأيام المقبلة من أجل نزع فتيل الحرب الوشيكة وسط ليبيا.

مشاورات مستمرة
تتواصل المشاورات الإقليمية والدولية لتجاوز الأزمة الليبية من خلال إرساء حل سياسي على ضوء مخرجات مؤتمر برلين وإعلان القاهرة المنبثق من مبادرة رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، وذلك ضمن ما بات يسمى باتفاق «الصخيرات 2».

وتنص مبادرة الحل على تشكيل مجلس رئاسي جديد يتكون من رئيس وعضوين، يمثلون الأقاليم التاريخية للبلاد (طرابلس وبرقة وفزان)، وتكوين حكومة وحدة وطنية، يكون رئيسها من خارج الإقليم الذي ينتمي إليه رئيس المجلس الرئاسي.

وقالت مصادر دبلوماسية لـ«البيان» إن هناك تحركات سرية تجرى على أكثر من صعيد لفسح المجال أمام المبادرة وتطبيقها على أرض الواقع، وأن هناك اتفاقاً دولياً على عدد من الشخصيات المهمة التي سيكون لها دور خلال الفترة الانتقالية المقبلة، ومن بينها محمد معين الكيخيا الذي ترجح المصادر أن يتم تكليفه بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية.

ويعد الكيخيا المقيم منذ سنوات في الأردن وهو من أبناء المنطقة الشرقية ونجل السياسي الراحل منصور الكيخيا، من الشخصيات المعروفة، وكان مقرباً من تحالف القوى الوطنية بقيادة الراحل محمود جبريل.
يشار إلى أنه خلال الأسابيع الأخيرة، حشدت ميليشيات الوفاق مقاتليها وآلياتها للتوجه نحو مدينة سرت، في حين نفذ الجيش الليبي عمليات استطلاع بحري قبالة سواحل المدينة الاستراتيجية، التي وصفتها مصر بخطها الأحمر، ملوحة بالتدخل في حال نفذت ميليشيات الوفاق المدعومة من أنقرة تهديداتها باقتحامها.

تظاهرات واحتجاجات
في غضون ذلك، خرجت مظاهرات في طرابلس، احتجاجاً على وجود المرتزقة الأتراك وتواصل الانفلات في العاصمة من جراء نفوذ الميليشيات التي تحظى بدعم بأنقرة.
وأورد مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني الليبي، العميد خالد المحجوب، أن الصورة بدأت تتضح في طرابلس، كما أضحى الناس يدركون الخطر الذي يشكله المرتزقة، «وهذه الأمور يراها المواطن الليبي». وتعاني العاصمة طرابلس تردياً يوصف بالمهول في الخدمات العامة، وتواصل انقطاع الكهرباء لمدة تزيد على 16 ساعة في بعض الأحيان، وسط تساؤلات حول سبب هذا «التعثر» رغم وجود موارد مالية مهمة.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن عدد المرتزقة الذين ترسلهم تركيا للقتال في ليبيا، ارتفع إلى 17 ألفاً، من بينهم 350 طفلاً.

وتتمتع مدينة سرت الساحلية، مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي ولاحقاً معقل تنظيم «داعش» لفترة مؤقتة قبل تحريرها، بموقع استراتيجي بين الشرق والغرب في ليبيا، وتقع على بعد 300 كلم من الساحل الأوروبي وفي منتصف الطريق بين العاصمة طرابلس في الغرب وبنغازي المدينة الرئيسة في إقليم برقة في الشرق.
 

Email