لبنان يواجه كابوس الانهيار

لبنان بين مطرقة تفشي فيروس «كورونا» وسندان الاقتصاد | أ ف ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

على نحو متزامن، شهدت الساعات الأخيرة في لبنان تطوّرات على كلّ «الجبهات»، بدءاً من جبهة التمدّد الوبائي التي فرضت قرار ‏العودة إلى الإقفال شبه العام، مروراً بجبهة التدهور المالي التي قفزت مجدّداً إلى الواجهة مع التصنيف ‏السلبي الجديد للبنان الذي أصدرته وكالة «موديز»، ووصولاً إلى الجبهة التي التحقت بركب ‏الاحتدامات فوق المشهد اللبناني المختنق بالأزمات، وهي جبهة الحدود الجنوبيّة التي تحرّكت بخطورة ‏عالية.

وإذا كانت الأزمة المالية قد حفرت بانهيارها عميقاً في إفلاس ‏الناس، فإنّ الانهيار الأكثر من مريع هو الذي يطرق باب كلّ لبناني من ‏وكْر الوباء الخبيث، الذي يوشِك على التفشّي المجتمعي وفقدان ‏السيطرة عليه، خصوصاً أنّ القفزات الخطيرة التي يسجّلها عدّاد ‏الإصابات بوباء «كورونا» يوميّاً توحي وكأنّ لبنان ‏قد دخل فعلاً مرحلة العدّ التنازلي نحو المصير الكارثي الموبوء.

‏وفي المقلب الآخر للأزمة الداخليّة، فإنّ السلطة تتحضّر ‏للدخول في عطلة عيد الأضحى، ما يعني أنّ الأسبوع الجاري «ميّت» ‏بالمعنى الحكومي. ووفق تأكيد مصادر سياسيّة لـ«البيان»، لا يُنتظر أن تحمل مرحلة ما بعد العيد أيّ ‏تطوّر نوعي على صعيد الإصلاحات التي قالت الحكومة إنّها ستمضي ‏بها.

كما لا يُنتظر أن تحمل أكثر من المراوحة نفسها في دائرة السلبيّة ‏نفسها المعطّلة للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، الذي تؤكد ‏معلومات «البيان» أنّه يواصل إرسال الإشارات السلبيّة إلى ‏الجانب اللبناني بأنّه لن ينتظر طويلاً وأنّ القرار بتعليق المفاوضات ‏مع لبنان أصبح على الطاولة، فيما إعلانه أو تجميده وصرف النظر عنه ‏رهن بمبادرة السلطة اللبنانيّة إلى خطوات مقنعة للصندوق، أقلّها ‏المقاربة الموحّدة لأرقام خسائر لبنان.

وفي ضوء هذا الواقع، لخّص مصدر سياسي بارز لـ«البيان» المشهد الداخلي بعبارة «من الانهيار إلى الاحتضار، وليس من خيار سوى الانتظار»، ذلك أنّ «البلد الصغير متروك لمشاكله الكبيرة»، وهو يقف أمام لوحة لاءات: لا للدولار، لا للاستقرار، لا للتنقيب عن النفط ولا لعودة النازحين. وفيما الدولة في سباق متعثّر مع فيروس «كورونا»، الذي سجّل أرقاماً قياسيّة مثيرة للهلع.

فإنّ التدابير التي تسعى الحكومة إلى أخذها لمواجهة توسّع الوباء عكست حيرةً وتردّداً تنازعتا المرجعيات الوزاريّة الصحيّة والاقتصاديّة. وبعد الارتفاع الكبير في عدد الإصابات اليوميّة والمستمرّة منذ نحو أسبوعين، تقرّر إقفال البلد على مرحلتين، في محاولة لوقْف التفشّي في مرحلته الرابعة التي دخل ‏فيها لبنان، وللسيطرة على انتشاره.

Email