قصة خبرية

عائلات مزّقتها الحرب على ضفتي الفرات

ت + ت - الحجم الطبيعي

أحلام السوريين لا تنتهي بنهاية الحرب، وانتهاء القتال على الجبهات، فمفعول عشر سنوات من التشتت والتمزق الاجتماعي يحتاج إلى وقت طويل، لكي يلتئم الجرح الاجتماعي، الذي كان للجغرافيا دور مهم في ترسيخه، خصوصاً لجهة التباعد وانقطاع التواصل.

ريفا دير الزور الشرقي والغربي، يفصل بينهما النهر فقط، لكن الأرواح والعلاقات، التي تقفز فوق النهر ما زالت مستمرة من دون تواصل فيزيائي، هذا الحال المؤلم لكثير من السوريين ما زال أحد إفرازات الحرب السورية.

في قرية الشعفة على الضفة الشرقية من نهر الفرات، التي تسيطر عليها قوات التحالف الدولي، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، تتشظى العشيرة، ففي الطرف المقابل من الضفة الغربية، تمزّقت صلات التواصل بين الطرفين، فأهالي المنطقتين من قبيلة العقيدات، وينتمون إلى العشيرة ذاتها وهي المريح.

تنتشر هذه القبيلة على ضفتي النهر بشكل أساسي، وتتموضع في منطقتي الشعفة الشرقية، والسيال الغربية، وما بينهما النهر فقط، طول السنوات الماضية كانت صلات التواصل عميقة بين الطرفين، حتى في الكثير من حالات المصاهرة، لكن بعد أن تقسّمت المناطق النهرية في دير الزور ذهبت كل هذه العلاقات أدراج الرياح، إذ إن الطرفين لا يمكنهما العبور إلى الطرف الثاني، بسبب اختلاف طبيعة السيطرة.

ثمة عائلات يفصل بينها أقل من 200 متر، لم تلتق وجهاً لوجه منذ ثماني سنوات، حتى العبور على ضفتي النهر بات من المستحيل في ظل الوضع الراهن، ففي السابق اعتاد الأقارب على التواصل على قوارب صغيرة، يعبرون طرفي النهر، من أجل التواصل الاجتماعي، لكن هذا الأمر أيضاً انتهى، بسبب الظروف غير الآمنة في الطرفين.

يقول أحد وجهاء الشعفة من عائلة الفنار، نحن على ضفتي النهر من ذات العشيرة، وهناك علاقات تاريخية واجتماعية وعائلية قديمة بيننا وبين السيال المنطقة المقابلة، لكننا منذ فترة طويلة لم نتمكن من لقاء الجانب الآخر، سواء عبر القوارب أو الجسور، التي دمرتها الحرب.

يضيف لـ«البيان» هاتفياً: تغير الوجه الاجتماعي بين العائلات، وهناك عائلات على مدار السنوات العشر الماضية كبر أبناؤها، ولم يتمكنوا من التعارف في ما بينهم، وهناك أطفال ولدوا أيضاً، ولا يعرفون أقاربهم على الطرف الآخر. يقول عزام الفندي من قرية السيال، وهو أحد المغتربين، إن الأوضاع الاجتماعية في المنطقة الشرقية السورية تمزقت بالكامل على طرفي الفرات.

ويضيف: ثمة عائلات متزاوجة على الطرفين، وبعد اندلاع الأحداث الأخيرة بقي جزء من العائلة على هذا الطرف، والجزء الآخر في الطرف الثاني، واستمرت هذه الحالة على مدار سنوات، لافتاً إلى أن الصراعات هي التي فرقت العائلات رغم المسافات القصيرة، فما يفصل بينها النهر فقط، واختلاف التوجّهات السياسية.

Email