«ضم الضفة» جزئية صغيرة في معركة أوسع

ت + ت - الحجم الطبيعي

سواء صدر إعلان إسرائيل عن مخططها ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة اليوم أو غداً أو تأجل لبضعة أيام أو أسابيع، فإن الضفة محتلة والاستيطان فيها مستمر والاعتقالات في صفوف الفلسطينيين وهدم منازلهم واغتيال ناشطيهم، كلّها سياسة ثابتة ومستمرة، رغم بعض الانتقادات الدولية، الصادق منها والخجول.

يجري ذلك فيما وصلت ما تسمى عملية السلام التي دارت حول نفسها لأكثر من ربع قرن، إلى نقطة الحقيقة، وهي أن إسرائيل متمسّكة بالمخطط الصهيوني بحذافيره، وهو مخطط يجاهر بـ«دولة من الفرات إلى النيل». ولا شك أن الأسلوب التفاوضي لم يمنع الشق المتعلق بالأرض في هذا المشروع، إذ إن من الواضح أن إسرائيل أتاحت المجال فقط لمسار لا يتجاوز «الحكم الذاتي لأقلية».

وهو المسار الذي أنشأ السلطة الفلسطينية، لكن بعد ذلك، لا تريد إسرائيل رفع السقف إلى أي مستوى، حتى بمستوى «دولة فلسطينية منزوعة السلاح ومجرّدة من كل ملامح السيادة».

أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات قال أول من أمس «لن نجلس على طاولة المفاوضات حيث يتم اقتراح الضم أو خطة ترامب»، ووصف صفقة القرن، وبضمنها مخطط الضم، بأنها ليست خطة سلام إنما «مشروع لإضفاء الشرعية على الاحتلال».

إذن، لن يكون قرار الضم المنتظر سوى إضفاء طابع رسمي على أمر واقع فعلاً، حتى وإن وصف مسؤولون فلسطينيون هذه الخطوة بـ«نكبة ثالثة»، باعتبار أن الاحتلال بنسختيه عامي 1948 و1967 هما النكبتان الأولى والثانية.

المعركة الحقيقية

إزاء هذا الواقع الصعب، تتجه الأمور في منحى يفهم معه الفلسطينيون بأن معركتهم الحقيقية ليس منع إضفاء «الرسمية» على ما هو قائم، بل اجتراح الوسائل لمواجهة الأمر الواقع وصولاً إلى تغييره، ذلك أن العوامل الموضوعية، ومنها مواقف الدول يرتبط منسوبها بقوى العامل الذاتي الفلسطيني.

إذا أثبت الفلسطينيون أنهم رقم صعب لا يمكن تجاوزه، سيرتقي الموقف الدولي أعلى وأعلى، كما حصل سابقاً، ولا يزال خطاب الرئيس الراحل ياسر عرفات في الأمم المتحدة عام 1974 ماثلاً في الأذهان، وحينها تحدث في الجمعية العامة عن «بندقية وغصن الزيتون»، وقال عبارته الشهيرة «لا تسقط غصن الزيتون من يدي».

العنصر الفلسطيني في المعادلة الصراعية ليس وحيداً، فالأردن مهدّد على نحو مباشر بالمخططات الإسرائيلية، وبخاصة إذا وصلت الأمور إلى مستوى نسخة جديدة من تهجير الفلسطينيين، وبروز ما يسمى «الوطن البديل» في الأردن، وهو أمر وصفه الملك عبدالله الثاني قبل بضعة أيام بأنه «خط أحمر». يبقى شرط مهم لإدارة هذا الصراع فلسطينياً بفاعلية، وهو إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية ليخوض الفلسطينيون هذه المواجهة موحّدين.

Email