سياسة إسرائيل في الأغوار.. القضم قبل الضم

ت + ت - الحجم الطبيعي

في نهاية عام 2016 أقامت إسرائيل بؤرتي استيطان إضافيتين في الأغوار الشمالية المحاذية للأردن، وهي منجم غذاء زراعي. خطوات إسرائيل في عمليّات السلب والنهب في أنحاء الضفّة هي ذاتها، إذ تُبنى البؤر الاستيطانية على مساحة لا تتجاوز عشرات الدونمات، لكن بأفق استراتيجي، وفي سياق مخطط تدريجي قائم على القضم المتدرج للأرض، بحيث يجعل الاستيلاء على عشرات الدونمات مقدّمة لجعلها آلاف الدونمات، وهي السياسة ذاتها المتّبعة منذ اغتصاب فلسطين قبل نكبة 1948.

السياسة التي تتّبعها إسرائيل منذ سنوات عديدة في الأغوار، وتسعى من خلالها إلى تهجير التجمّعات الفلسطينية عن المنطقة، تجمع بين الأوامر العسكريّة والوسائل الإداريّة والتنظيميّة والعمليات العسكرية. المستوطنون في البؤر الجديدة يستخدمون كونهم ذراع طويلة، يهاجمون الرّعاة الفلسطينيين، ويمنعونهم من الوصول إلى الأراضي وينابيع المياه، ضمن سياسة تضييق تدفع للتهجير.

إقامة بؤر استيطانية ومناطق تدريب عسكري ومحميات طبيعية، ومنع الفلسطينيين من البناء، وتغطية عنف المستوطنين ضدّ الفلسطينيين، كلها تجري في إطار سياسة منهجية، وليست من فراغ ولا بنت تفكير آنيّ. البؤر الاستيطانية جزءٌ لا يتجزّأ من سياسة تتّبعها إسرائيل في الأغوار منذ العام 1967 مستخدمة العديد من الوسائل - الرسميّة وغير الرسميّة - بهدف تقليص الوجود الفلسطيني في الأغوار وتعميق السيطرة الإسرائيلية على المنطقة. بذلك تمنع إسرائيل الفلسطينيين من استخدام نحو 85% من مساحة الأغوار وشمال البحر الميت وتستغلّ هذه المساحة لاحتياجاتها هي. إنّها تمنعهم من المكوث في تلك الأراضي والبناء فيها ورعي أغنامهم وفلاحة أراضيهم الزراعية.

ترسيخ الضم

الاحتلال يقوم يومياً بترسيخ عملية الضم للأغوار ومناطق المستوطنات ومحيطها بشكل عملي عبر منظومة سياسات وإجراءات متتالية، هدفها جعل هذه المناطق بشكل فعلي جزءاً من دولة الاحتلال، بحيث يبقى فقط إقرار الغطاء السياسي والقانوني لعملية الضم الفعلي سواء عبر قرارات في الحكومة الإسرائيلية أو في الكنيست، وفقاً لما ينقل موقع «أمد» الإخباري عن مدير دائرة الخرائط في بيت الشرق المقدسي خليل تفكجي.

4 ركائز

قضية ضم الأغوار يجري تنفيذها على أرض الواقع منذ عام 1967، لكن إسرائيل تحاول أن تأخذ قراراً سياسياً وقانونياً، بمعنى فرض القانون الإسرائيلي عليها رسمياً، وشرعنة الأمر الواقع.

الدكتور جمال البابا الباحث في مركز التخطيط الفلسطيني قال إن إسرائيل ترتكز في الحصول على قانونية الضم على أربع ركائز أساسية هي:

-    أن الأراضي الموجودة من البحر إلى النهر هي «أراضي دولة إسرائيل».

-    أن مناطق الغور والبؤر الاستيطانية والقدس والبحر الميت هي مناطق حيوية ولا يمكن لإسرائيل التنازل عنها.

-     أن المنطقة بين البحر والنهر يجب أن تظل تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة وحق تقرير المصير فيها حصري لليهود.

-    لن يكون لأي كيان فلسطيني مهما كان حجمه أن يتواصل مع الخارج، وأن تبقى المناطق خاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية،

لكن، وحسب تفكجي، فإن الفلسطينيين الموجودين في الأغوار لن يحصلوا على الجنسية أو الهوية الإسرائيلية كما هو في فلسطينيي مناطق الـ48، في حال إعلان الضم الرسمي لتلك الأراضي، وإنما سيتم اعتبارهم «رعايا أجانب داخل حدود الدولة الإسرائيلية».

Email