انهيار الليرة يخنق السوريين

ت + ت - الحجم الطبيعي

عبر أكثر من تسع سنوات من الحرب، بقيت أم أحمد وعائلتها، بمنأى عن المعارك والقصف، إلّا أنّها تخشى اليوم على أطفالها الخمسة من الجوع، مع تآكل قدرتها الشرائية جراء الهبوط الحاد في قيمة الليرة السورية. وتقول أم أحمد «39 عاماً» المقيمة في بلدة بنش في شمال غرب سوريا: «منذ أن بدأت الحرب، ذقنا كل أنواع الألم والعذاب، وأعتقد أنّ المجاعة هي التي سنذوقها في الفترة المقبلة». ومع ارتفاع الأسعار، تفكّر أم أحمد بشراء كيس من الطحين وإعداد المؤونة تحسّباً للمرحلة المقبلة، مضيفة: «إذا استمر انهيار العملة، فنحن أمام مجاعة كبرى ولن يستطيع أحد شراء حاجاته، هذه أمور كنا نسمع عنها في التلفاز». وتتابع أم أحمد مشيرة إلى أن زوجها يعمل بشكل متقطع: «نعيش الآن على بعض المدّخرات، وقمنا كذلك ببيع أرض ورثناها، لكن لا أعتقد أن المال سيدوم كثيراً في ظل الغلاء الفاحش».

وتبحث أم علاء «55 عاماً» في سوق القامشلي، عما يمكنها شراؤه بأقل سعر ممكن. وتقول الأم لثلاثة أولاد، أحدهم لا يزال يعيش معها، إن تكلفة الوجبات باتت مرتفعة جداً، مضيفة: «أليس حراماً أن يصل سعر زجاجة الزيت إلى 3500 ليرة بعدما كان 500 ليرة فقط؟! هذا الانخفاض في سعر الصرف يقتلنا». ومن داخل متجره للمواد الغذائية، يدقّق راشد أومري «50 عاماً» في فواتير، مبدياً امتعاضه من وجود سعر صباحاً وآخر بعد الظهر. ويضيف: «عندما نبيع البضائع نخسر وعندما نشتريها نخسر، كل ما يحصل خسارة بخسارة».

ويرى الخبير الاقتصادي والباحث لدى «تشاتام هاوس» زكي محشي، أنّه لا يمكن للحكومة السورية أن تسمح بمزيد من الارتفاع في الأسعار، لأنه يعلم أن هذا سيؤدي إلى اضطرابات اجتماعية لا يمكن احتواؤها، لافتاً في الوقت نفسه إلى عوامل عدة تشير إلى أن الليرة السورية ستستمر في التراجع مقابل الدولار. ويعيش الجزء الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمعدل 133 في المئة منذ مايو 2019، وفق برنامج الأغذية العالمي.

Email