في زمن الوباء الذي يحاصر لبنان، أسوةً بجل دول العالم، يبدو المشهد الداخلي مأزوماً، بفعل هزّات وصدمات مجانيّة، من شأنها زيادة الكلفة السياسيّة والاقتصادية والمالية العقيمة، ذلك أنّ العهد والحكومة حمّلوا الخصوم، الذين كانوا شركاء الأمس، تبعات الانهيار والرجوع المتكرّر إلى معزوفة السياسات السابقة.

وفيما الوضع في لبنان مستمرّ على تراجعه، على ما يشهد أرض الواقع يومياً، لا تزال الأنظار مشدودة نحو تتبّع ما يمكن أن تقوم به الحكومة، لإيجاد حلول فوريّة وسريعة للأزمات المتراكمة والمتفاقمة على كلّ المستويات، في ظلّ التكاليف الكبيرة الناتجة عن شلل الحركة الاقتصادية، بفعل إجراءات التعبئة العامّة والحجْر المنزلي الاضطراري والإلزامي.

إلى ذلك، لا يستسيغ اللبنانيون أن يتحوّل المشهد الدراماتيكي هذا إلى مكان آخر، يجد فيه القيّمون على البلاد متّسعاً من الوقت لتصفية الحسابات السياسيّة مع الخصوم. وذلك بالتزامن مع قيام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومن ثم رئيس الحكومة حسّان دياب، بالهجوم على الخصوم، من زاوية تبرئة الذمّة وغسْل أيدي العهد والحكومة من تبعات الانهيار الحاصل والمتفاقم، حتى لو صحّ الكثير في مسؤوليات هؤلاء الخصوم يوم كانوا شركاء مع أهل السلطة الحاليّين.

قيود حجر

ووسط الفرْز السياسي الذي بدأ يتشكّل، وبدأت تتضح معالمه أكثر فأكثر، من جهة سلطة تهاجم كلّ من يقف في درْب سطوتها، ومن جهة أخرى معارضة مشرذمة تحاول لملمة شتاتها وتوحيد جبهاتها في مواجهة الحكومة القائمة، يبدو اللبنانيون مكبّلين بقيود الحجْر، إذ زاد الوباء من متاعبهم، حتى يكاد بين لحظة وأخرى يعود إلى شوارع الثورة، مفضّلاً مواجهة كورونا على ذلّ الجوع والعوز وفقر الحال، وفق تعبير أحدهم لـ«البيان».

وفي السياق، برز كلام للرئيس اللبناني ميشال عون، في معرض توعّده «بعض السياسيّين الذين ينتقدون عمل الدولة ومؤسّساتها»، تضمّن تهديداً مفاده:

«بعد اليوم، لن نسكت، والنقد العشوائي غير مقبول والإساءات مرفوضة»، ملوّحاً في المقابل بتحريك النيابات العامة وهيئة التحقيق الخاصة وكلّ الهيئات القضائية والرقابيّة، في وقت أكد فيه الرئيس دياب جهوزيته السياسيّة للتصدّي لمعارضيه ممّن وصفهم بأنّهم يطلقون قنابل دخانيّة فاسدة، لم تعد تُغطّي رغبة البعض بالاستمرار في نهج العصبيات والمحسوبيات والحسابات الشخصية والمصرفية، متوعّداً، تحت عنوان ضرورة «صمْت الأحقاد»، باتخاذ الحكومة إجراءات متسارعة لمحاسبة الذين ارتكبوا الظُلم.

الوباء

وفيما لا يزال «كورونا» في صدارة المشهد، عالمياً، فإنّ مشهده على الساحة اللبنانية ليس دراماتيكياً كما في العالم، وفق تأكيد مصادر وزاريّة لـ«البيان»، ذلك أنّ عدد الإصابات لا يزال مضبوطاً، كذلك عدد الوفيّات، ما يعني أنّ الوضع لا يزال تحت السيطرة.