اكتشف أغلب مرتزقة أردوغان المستقدمين من شمال غرب سوريا إلى شمال غرب ليبيا، أنهم وقعوا ضحية عملية نصب أعدها ونفذها نظام أنقرة، عندما دفع بهم للقتال ضد قوات الجيش الوطني الليبي، تنفيذاً لمذكرة التفاهم الممضاة في 25 نوفمبر الماضي، بين الرئيس التركي طيب رجب أردوغان ورئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج، والتي تعلقت بالتنسيق الأمني والعسكري.

وخلال الأيام الماضية، تطابقت التقارير الصادرة من طرابلس، حول ما وصفته بحالة تململ في صفوف المرتزقة، لأسباب عدة، من بينها الخسائر الفادحة التي تكبدوها في محاور القتال، وعدم حصولهم على مستحقاتهم المالية، واكتشافهم أنهم وقعوا ضحية عملية خداع، عندما أكد لهم النظام التركي أنهم ذاهبون إلى ليبيا للإنتقام من القوات الروسية التي شتتت صفوفهم ودمرت مواقعهم وضربت طموحاتهم في سوريا.

وبينما قالت الصحفية الأمريكية المتخصصة في تغطية الأزمات الإنسانية والصراعات، ليندسي سنيل، إن عناصر المرتزقة تريد الفرار من ليبيا بعد تكبدها خسائر فادحة في مواجهاتها مع الجيش الوطني، أبرز مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إنّ المقاتلين السوريين الذين دفعت بهم أنقرة إلى ليبيا يواجهون الموت، مشيراً إلى وجود حالة تمرد غير مسبوقة في صفوفهم بعد أن شعروا أنه قد تم التخلي عنهم.

خدعة تركية

اعتمد النظام التركي على الخداع لاستقطاب وتجنيد المرتزقة في شمال غرب سوريا والدفع بهم إلى ليبيا، وقال أحد المسلحين، إن أتباع أردوغان أقنعوهم بأن الجيش التركي سيحارب إلى جانبهم، لكنهم فوجئوا بأن الأمر لا يعدو إلا أن يكون خدعة اعتمد فيها مجندوهم على جهلهم بطبيعة ما يدور على الأراضي الليبية، كما أن الجيش التركي لا يشارك معهم في المعارك، باستثناء بعض الخبراء والضباط الذين يتحصنون بغرف عمليات بعيدة عن جبهات القتال.

تأخير الرواتب

الأمر الثاني الذي دفع بالمرتزقة إلى التململ، هو إخلال الأتراك بوعودهم فيما يتعلق بالرواتب الشهرية، فقبل مغادرتهم شمال سوريا وقّع المسلحون على عقود تنص على حصولهم على رواتب شهرية تقدر ب2000 دولار شهرياً، مع تعويضات ب50 ألف دولار لمن يتعرضون لإصابات بليغة، و100 ألف دولار تدفع لأسرة من يُقتل منهم في الجبهات، ولكنهم لم يحصلوا إلا على راتب شهر يناير الذي وصلهم في أواخر فبراير، ليتم إعلامهم لاحقاً بأنه تم التقليص في تلك الرواتب إلى 1500 دولار، ولكن دون الحصول عليها، وهو ما زاد من حالة القلق والتوتر بين صفوف المرتزقة.

وفي أواخر مارس الماضي قال أحد المرتزقة في تسجيل صوتي على مواقع التواصل الاجتماعي إن: «تركيا دفعت راتب شهر واحد فقط ثم لم تقدم لنا أي شيء، نقيم في المنزل وحتى السجائر لا نحصل عليها في غالب الأوقات».

ووفق مصادر مطلعة فإن الرواتب يفترض أن تصل للميليشيات عن طريق شركة «صادات» الأمنية التركية المرتبطة بحزب العدالة والتنمية الإخواني، والمكلفة بالإشراف العام على وضع المقاتلين السوريين في ليبيا، بعد أن تحصل عليها من حكومة فائز السراج، عبر اعتمادات خاصة، وهو ما يثير الكثير من الأسئلة، أولها: هل وقع المرتزقة ضحية نصب من الشركة ؟.

الهجرة السرية

دافع ثالث لتململ المرتزقة، هو انقطاع أمل الكثيرين منهم في الهجرة السرية إلى الضفة الشمالية للمتوسط، سواء بسبب الخوف من فيروس كورونا المستجد المنتشر في إيطاليا، أو بسبب إطلاق عملية «إيريني» الأوروبية لمراقبة تنفيذ قرار الأمم المتحدة بمنع توريد السلاح إلى ليبيا، والتي تدار من قبل اليونان، بعد قبولها بنقل من يتم القبض عليهم من المهاجرين غير الشرعيين في المتوسط إلى أراضيها، وتحديداً إلى جزيرة كريت حيث تم إعداد مخيم لإيوائهم.

وكان ما لايقل عن 150 مرتزقاً وصلوا بالفعل إلى إيطاليا في يناير الماضي، وأعلنت تونس في مارس الماضي عن تفكيك شبكة لتهريبهم إلى أوروبا يتزعمها أحد عناصر تنظيم داعش، بينما أكد أحمد المسماري الناطق باسم القائد العام للجيش الليبي أن من أهداف المرتزقة التسلل إلى الدول الأوروبية عبر السواحل الليبية، لكن الأوضاع المستجدة صحياً واجتماعياً جعلت أغلبهم يرغب في العودة إلى بلاده بدل الاستمرار في تنفيذ أجندات أردوغان في ليبيا.