«كورونا» يستنفر نخوة العراقيين فيما تعجز الدولة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يرفع أبو هاشم، رجل الأعمال العراقي الخمسيني، دشداشته إلى ركبتيه، وهو يشرف على إعداد حصص غذائية عند مدخل أحد المتاجر الكبيرة في بغداد، ضمن حملة تعاضد أطلقها العراقيون لمساعدة العائلات «المتعففة»، في ظل تفشّي وباء «كورونا» الذي قطع أرزاق كثيرين. يقول أبو هاشم: إن «ما نقوم به واجب إنساني تجاه المجتمع ويجب على كل ميسور أن يقوم بهذا العمل».

وتفرض السلطات حظراً شاملاً للتجوّل في عموم البلاد منذ نحو 20 يوماً، أرغم العديد من أصحاب المصالح على تعليق أعمالهم، وبالتالي انعدام الدخل، في بلد يعيش فيه واحد من خمسة أشخاص تحت خط الفقر.

وبات المياومون وموظفو القطاع الخاص بلا دخل. فقط موظفو الخدمة المدنية يتلقون أجورهم اليوم. لذلك، تتوزع مجموعات من الشبان في أحياء عدة من بغداد، قررت أن تمد يد العون للأسر التي انعدم دخلها. يقول مصطفى العيسى (31 عاماً)، وهو منسق حملة «منتظرون» في بغداد: «قررنا جمع مبالغ وتوزيع المؤن على العائلات. يوزع هؤلاء أكياساً بلاستيكية معبأة بمواد أساسية، كالسكر والعدس والفاصولياء، إضافة إلى الأرز.

الأسوأ قادم

يقول مصطفى العيسى (31 عاماً)، وهو منسق حملة «منتظرون» في بغداد: «قررنا جمع مبالغ وتوزيع المؤن على العائلات. وزعنا لأكثر من 450 عائلة حتى الآن». ويضيف: «بغداد متروسة (مليئة) بالطعام، لكن الناس غير قادرة على الشراء. هناك عامل ورشة لديه عائلة مكونة من ثمانية أشخاص، وآخر اضطر لبيع جرة غاز ليشتري طعاماً، وأخرى تطلب مساعدة في غير حيها لخجلها من أبناء منطقتها!».

 يشير مسؤول حكومي إلى أن الأسوأ لم يقع بعد، إذ إن «انعدام الغذاء قد يطال 50 في المئة من السكان بحلول مايو».

ويتوقع العيسى أن تطول الأزمة، لذلك هناك خطط «للشهر السابع (يوليو). لدينا أشخاص تخزن الآن كي نوزع في وقت لاحق إذا استمر الأمر (...) لأن هذا الخطر أكبر من داعش».

وحوّل أسعد الساعدي (40 عاماً) منزله ببغداد، إلى ورشة لتصنيع الكمامات الطبية وتوزيعها مجاناً. يقول الساعدي الذي ترك ألمانيا التي يقيم فيها منذ سنوات، وعاد إلى العراق منذ أكثر من ستة أشهر: «أدركت أن الوباء ينتشر بسرعة وأبسط مقومات مواجهته غير متوفرة». بادر مع أفراد عائلته إلى شراء ماكنتي خياطة وأقمشة تصنع منها عادة الكمامات، ويتناوبا عليها هو ووالدته، قبل إيصالها عبر دراجات هوائية أو نارية إلى المنازل بمعدل عشر كمامات للعائلة الواحدة.

محافظات

تصل يد العون حتى إلى مدينة البصرة، في أقصى الجنوب العراقي، حيث يتولى الموظف الحكومي أحمد الأسدي إدارة فريق من سبعة أشخاص بينهم أربع فتيات، لجمع التبرعات لشراء وتوزيع مواد غذائية. يقول الأسدي: إن «كل شيء بمبادرة شخصية من المتبرعين والمتطوعين، وبدون أي دعم من الأحزاب أو جهات حكومية».

ومن الحلة إلى النجف والناصرية، جنوبي بغداد، هي المبادرات نفسها، من مساعدات وحسومات وتخفيضات، وحتى رفض بعض المؤجرين استيفاء الدفعات الشهرية من المستأجرين. ووصولاً إلى سامراء، شمال العاصمة، تسارع متبرعون بينهم سيدات للمساعدة في تخطي الأزمة.

وفي انتظار أن تنجلي غيمة المرض الذي اجتاح العالم، يقول الخمسيني محمد الجبوري، صاحب مزرعة في محافظة بابل الجنوبية: إن «واجبنا اليوم مساعدة المحتاجين، حتى يرحمنا الله ويخلصنا من هذا الوباء».

Email