العزل الصحي.. قسوة الوحدة في زمن كورونا

أم فيصل

ت + ت - الحجم الطبيعي

تجلس أم فيصل وزوجها لا سمير لهما سوى إبريق الشاي، ومنقلة جمر تختفي بقايا جذوته تحت الرماد والذي يكاد يشبه رماد الزمن الذي مضى أيام كانت الدنيا بخير. تفتقد أم فيصل وزوجها تجمع الأبناء والأحفاد، وليالي الأنس التي لم تنقطع حتى في أحلك الظروف، فلن تعوّض التكنولوجيا عبر شاشة صغيرة، عن اللقاء وجهاً لوجه، لن تعوض سوى عن نذر يسير جداً من تجمّع الأهل حول طاولة واحدة.

تقول أم فيصل، إنّها عايشت الكثير من حالات حظر التجوال، إلّا أنّ الحظر كان في أغلب تلك الحالات يشمل الانتقال من منطقة إلى أخرى، إلّا أنّ الحظر المفروض الآن يتمثّل في عدم الانتقال من بيت لآخر حتى ولو كان مجاوراً، خوفاً من تفشي فيروس كورونا الذي ملأ قلوب الناس خوفاً.

نعم.. لقد دفعت أجواء الخوف والرهبة ومنذ الإعلان عن الوباء لتخزين الكثير من الأغذية والمواد الضرورية، إلّا أنّ الأغلبية لم تتوقع الحظر شبه الكامل الذي يعيشونه الآن، وإغلاق المخابز ومحال بيع الخضروات والحاجيات المنزلية وحتى الصيدليات.

فقدان ألفة

وفرّ أبناء أم فيصل كل ما تحتاجه الأسرة من مستلزمات لفترة قادمة، إلّا أنّ أحداً لن يتمكّن من توفير أجواء الألفة والأنس الذي كانوا يعيشون قبل ظهور فيروس كورونا. وعلى الرغم من القيود التي فرضها الفيروس، تشير أم فيصل إلى أنّ السلطات الأمنية والصحية على حق وفعلت الصواب باعتبارها الأدرى بخطورة الأوضاع، لافتة إلى أنّ من المعيب قيام أشخاص أو مجموعات من الناس بتحدي السلطات والانجرار وراء دعوات الجهلاء بإقامة التجمّعات وتعريض أرواح الناس للخطر.

نصائح

وتضيف: «لدينا ما يكفي، فنحن الاثنين اعتدنا على البساطة والاكتفاء بالمقسوم، وما ينقصنا هو نفاد الكلام بيننا فقط، لذلك نلجأ لهواتفنا لمتابعة أخبار العائلة والأقارب، وكذلك الأخبار العامة، كل شيء يهون أمام سلامة العراق والعراقيين، وعلى من لم يلتزموا بقرارات الحظر أن يتفهموا الواقع الذي تمر به البلاد، وألّا يسمحوا لهذا الوباء الخطير أن ينتقص من غيرتهم وشهامتهم التي عرفوا بها». تقيم أم فيصل مع زوجها في إحدى ضواحي بغداد، ولديهما ولدان وبنتان ونصف دزينة من الأحفاد، وكل ما ينقصهما في هذا الظرف الصعب، هو الضحكات والأحاديث الحلوة التي لم يكن البيت يخلو منها.

Email