مها.. قصة نجاح في زمن الحرب

bm

ت + ت - الحجم الطبيعي

خلفت خمس سنوات من الحرب في اليمن ملايين من العاطلين عن العمل والباحثين عن لقمة العيش إلا أن هذه الظروف التي تسببت فيها ميليشيا الحوثي كانت حافزاً لنماذج متميزة من المجتمع اليمني التي تحدت هذه الصعاب واستطاعت أن تسجل قصص نجاح ملهمة للكثيرين.

وقصة مها البالغة من العمر 19 عاماً لأبوين يعملان في قطاع التعليم تمثل نموذجاً لهذا النجاح، إذ إن الشابة خاضت معركة تحدي الظروف التي أوجدتها الحرب وتتغلب عليها وتصبح واحدة من محترفي التصوير في اليمن، ذلك أن الشابة كانت وحيدة أبويها وحظيت طوال سنوات عمرها بدلال كبير.

ومنذ طفولتها كانت مغرمة بالإعلام والأضواء، وزاد من تنامي هذه الميول تشجيع والديها، ورغبتهما في أن تكون وجهاً إعلامياً يزاحم مشاهير الشاشة رغم النظرة المجتمعية القاصرة التي تحيط بها، حتى أكملت الثانوية العامة وكانت عيناها نحو كلية الإعلام في جامعة صنعاء، لكنها لم تتمكن من الالتحاق بالكلية رغم انتظارها عاماً كاملاً بعد الثانوية.

ولأنها لم توفق في الالتحاق بكلية الإعلام فقد ساقها قدرها نحو كلية التجارة، إلا أن الوضع الاقتصادي وتوقف الحوثيين عن صرف رواتب الموظفين، ومنهم والداها، اضطراها إلى الالتحاق بدورات للتدريب على التصوير ومن ثم مساعدة أسرتها في مواجهة المتطلبات اليومية، ومع طول أمد الحرب وتفاقم الأوضاع المعيشية زادت الاحتياجات وزاد انغماس مها في العمل.

في العام الرابع من الحرب، اضطر والدها للعمل في الدروس الخصوصية، واتجهت الأم نحو عمل الحلويات الخاصة بحفلات الزفاف وأعياد الميلاد وغيرها من المناسبات، فيما كانت الابنة تحترف في تصوير ما تصنعه يدا والدتها، والترويج لها لكسب المزيد من الزبائن لأن المردود لم يكن يغطي كل الاحتياجات.

ثم فقدت مها والدها الذي أنهكته الأمراض المزمنة والالتزامات المادية بعد انقطاع راتبه لثلاثة أعوام متتالية، إلا أنها امتلكت إرادة إضافية للتحدي فقدمت عروضاً مخفضة لتصوير الحفلات والمناسبات وبسعر أقل مما تقدمه محلات التصوير والتحقت بدورة إضافية في التصوير الاحترافي وحققت المركز الأول بين المتدربين، ومع أن الظروف أجبرتها على وقف دراستها الجامعية إلا أنها أبدعت في مجال التصوير.

فبعد انتهاء الدورة التدريبية وتفوقها استقطبتها إحدى شركات التصوير للعمل معها وبمقابل مادي يغطي احتياجاتها هي وأمها ويسدد بعضاً من دين أبيها. واليوم أضحت مها حاضرة في كل حفلات التخرج والأفراح وجميع المناسبات بابتسامتها الطفولية توثق للجميع سعادتهم وتخفف ما بداخلها من الآلام.

Email