يوم الأم يحمل الآلام للسوريات

ت + ت - الحجم الطبيعي

على باب أحد المستشفيات تقف أم عادل تنتظر دور ابنها الصغير ليأخذ جلسة معالجة جديدة، بعد إصابته من حوالي العام في حلب نتيجة سقوط قذائف هاون من مناطق الفصائل المسلحة على المناطق الآهلة بالسكان.

رحلة عادل صاحب السنوات السبع لم تنته رغم أن علاجه استمر لأكثر من عام فهو بحاجة لعمليات تجميلية وجلسات معالجة فيزيائية، تساعده على استعادة حركته بشكل صحيح كما كان سابقا، أما الأم فهي بحاجة لشهور جديدة من رحلة العذاب والانتقال ما بين دمشق حلب والتواصل مع الجمعيات الخيرية لمساعدتها في تأمين مصاريف العلاج.

تخبرنا أم عادل بحرقة أن الحرب سلبتها فرحتها وحرمتها من التمتع بأمومتها، فالحادث الأليم الذي أصاب عادل أصاب أيضاً أخته الصغيرة التي قضت على الفور، وتتابع أنها لن تنسى ذاك اليوم وما زال صراخ أولادها وألمهم يدوي في أذنيها وكأنه وقع للتو، وتضيف بأن ما بقي لها في هذه الحياة هو عادل وهي مستعدة أن تخدمه لآخر يوم في حياتها، وأن يستعيد طفولته التي سرقها المرض والتعب منه.

نساء في العمل

حالات وأوجه أخرى تهيمن على الأم السوري، فمع استمرار تراجع الوضع الاقتصادي في سوريا وحاجة الأسر للبحث عن مصادر دخل جديدة، دخلت الكثير من السيدات السوريات ميدان العمل، وبعضهن امتهنّ أعمالاً متعبة لعدم امتلاكهن شهادة جامعية أو خبرة مسبقة، وغالبية هذه النسوة يعملن لساعات طويلة ويتقاضين أجورهن باليوم؛ لهذا لا يستطعن التغيب عن العمل كي لا يتناقص دخلهن.

شادية من طرطوس، تقول إنها اضطرت لترك أولادها يوم عيد الأم، كي تذهب للعمل ولم تتمكن من الاحتفال بهذه المناسبة رغم أن صغارها في إجازة، ولكنها مجبرة على الذهاب للفرن والعمل على تجهيز أرغفة الخبز.

وتخبرنا شادية أنها تعمل في الفرن بدوامين صباحي ومسائي كي توفر جزءاً من مصاريف المنزل، خاصة وأنها المعيل الوحيد بعد وفاة زوجها خلال الحرب، ولأنها غير مثبتة ولا تملك أي حقوق في عملها فهي محرومة من الإجازات، لأن أي يوم عطلة سيقابله حسم في مستحقاتها آخر الشهر وبالتالي يعني حرمان أولادها مبلغا بسيطا يسهم في تأمين طعامهم ومستلزماتهم.

أمهات الشهداء

وجه آخر لمأساة الأم في سوريا، فعيد الأم الذي مر قبل أيام قليلة، لم يمر على أم الفوز وهي والدة الشهداء الخمسة، فذكراهم في المنزل وصورهم لن تفتح الباب أمام الأعياد ثانية، وتتحدث السيدة المقيمة بالسلمية بأنها خسرت في البداية ابنها نمر وحينما وصلها الخبر حبست دموعها وصراخها، فهو بنظر الجميع شهيد وعلى أم الشهيد أن تزغرد، وتضيف: سقطت يومها خزانة «المونة» (وهو مكان للمواد الغذائية الشتوية)، وتفتت الزجاج بداخلها، وكأنه عكس الحزن وقلبها المكسور، ثم استشهد ابنها فرج بانفجار وتبعه أخوه محمد وهو يستعد لخطبة الشابة التي يهواها، وبعد الشهداء الثلاثة فقدت أم الفرج ابنها رحيم وهو في السادسة عشرة ومن ثم خسرت خامس أولادها ضيغم.

Email