سوريا .. مدارس العرقوب ضحية الإرهاب والإهمال

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعاني قرى سورية على أطراف نهر الفرات في دير الزور، كل أنواع المعاناة عندما ترسل أبنائها إلى مدارس القرى المجاورة، إذ إن التعليم في القرى السورية النائية أمر شاق ومكلف على أطفال يتكبدون العناء كي يصلوا إلى مدرسة تبعد عنهم 5 كيلومترات مشياً على الأقدام وسط الأراضي الزراعية.

ومع استمرار معاناة أهالي قرية العرقوب، وازدياد عدد التلاميذ وعدد السكان، قرّر الأهالي بناء مدرسة إلّا أنّ العائق كان في الأرض والتمويل، بعد عجز الدولة السورية عن بناء مدرسة في المكان، ونصحها الأهالي بالصبر عامين، نصيحة لم تجد آذاناً صاغية من الأهالي الذين ضاقوا ذرعاً بمعاناة أبنائهم ليقرروا جمع الأموال من مدخراتهم الشخصية، والمضي في بناء المدرسة.

تمكّن الأهالي خلال عام واحد من جمع المال، منهم من باع الأغنام ومن باع الذهب، وآخرون باعوا الأبقار التي يملكونها من أجل تشييد المدرسة، واتجهوا لمؤسسات التربية والتعليم وانتزعوا الموافقة وشرعوا في البناء، ولم يكد يمر عامان حتى نهض البنيان.

تحوّل

لم تكد تنشب الأزمة السورية حتى تحوّلت المدرسة إلى مقر لتدريب المقاتلين بدلاً من تخريج التلاميذ المتفوقين، إذ اتخذها في البداية ما يسمى الجيش الحر مقراً، ومن ثم سيطرت عليها جبهة النصرة لتكون مقراً للتدريب العسكري وتخريج المقاتلين، ليستولي عليها تنظيم داعش بعد مغادرة جبهة النصرة، متخذاً منها مقراً للتنظيم.

في كل يوم يصحو الأهالي على هذه المدرسة يتذكرون لحظات العمل الجماعي الذي أدى إلى بناء المدرسة، فيما يستذكرون أولادهم في هذه المدرسة، أما وقد سيطر عليها التنظيم فهي باتت وكراً لتصدير الإرهاب.

بقيت المدرسة مهجورة بعد هزيمة التنظيم وخروجه من البلدة، فلا الإمكانات المتاحة تسمح بعودة الدراسة، ولا عودة الأهالي إلى قرية العرقوب تؤهلهم لجب كادر تعليمي بسبب قلة التلاميذ.

يقول أبو أشرف أحد المشرفين التربويين في المدرسة لـ «البيان»: «لا يوجد لدينا أدنى إمكانيات، فضلاً عن المدرسين، نحتاج كل شيء من أجل البدء بالعملية التعليمية، ونحتاج كادر معلمين، هذه المدرسة كانت من أفضل مدارس البلدة، أما الآن فهي جدران فقط لا يوجد فيها شيء سوى هذا البناء الخاوي».

فقدان أمل

يسيطر الألم على معمر الحسين أحد المدرسين المؤسسين، وهو ينظر إلى المدرسة قائلاً: «قدم أهالي القرية كل أنواع الدعم للمدرسة، بنوها بعد بيع ممتلكاتهم، لكن الأزمة أوقفت المدرسة تسعة أعوام ولا تزال حتى الآن، الأهالي فقدوا الأمل في عودة التعليم إلى المدرسة وهم يبحثون الآن عن مدرسة أخرى تكون قادرة على استيعاب أبنائهم، بسبب نقص العدد اللازم لإكمال عمل المدرسة ونقص الإمكانات».

Email