النازحون السوريون.. مأساة خارج التفاهمات السياسية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

توصلت تركيا وروسيا إلى تفاهمات عسكرية على الأرض السورية، فيما استبقت أنقرة هذا الاتفاق، بفتح أبواب الهجرة إلى أوروبا، في إشارة إلى إزعاج الاتحاد الأوروبي، والتخلي عن اتفاقية بروكسل 2016، التي نصت على وقف تركيا باب الهجرة، مقابل مساعدات مالية للاجئين على الأراضي التركية.

لكن المأساة المتجددة مع كل عملية عسكرية، تبقى مشكلة النازحين من مناطقهم، الذين لجأوا إلى العراء، دون من ينظر إلى حياتهم التي تحولت إلى جحيم، تحت هذه الخيمة التي بالكاد أن تتوفر في ظل الزخم القوي من النازحين.

وفي الاتفاق الأخير الذي جرى بين أنقرة وموسكو حول التهدئة في إدلب، لم يحضر ملف النازحين على طاولة المفاوضات، إذ كان التركيز على الجغرافيا، وتقاسم النفوذ، دون النظر إلى مآسي هؤلاء الناس، الذين كانوا الخاسر الأكبر من كل هذه العمليات، بل الخاسر الأكبر في كل المشكلة السورية.

وبحسب مصادر مطلعة في فريق منسقي الاستجابة السورية، كشفت لـ «البيان» أن حصيلة أعداد النازحين من منطقة خفض التصعيد منذ نوفمبر الماضي، وحتى تاريخ وقف إطلاق النار المتفق عليه الجمعة الماضي، ارتفع إلى 185 ألف و672 عائلة، يتضمن نحو مليون و42 الف نازحاً، بينهم أطفال ونساء.

ضغط كبير

ويقول المصدر في المنظمة، فضل عدم الكشف عن اسمه، إن مأساة النازحين الجدد بعد العمليات العسكرية الأخيرة، شكلت ضغطاً على المنظمات الدولية والمحلية، مشيراً إلى أن المساعدات التي تتدفق إلى هذه المخيمات، لا تكفيهم، بسبب الأعداد المتزايدة، نتيجة العمليات العسكرية في الآونة الأخيرة.

وأضاف أن المشكلة ليست في هذا العدد فقط، وإنما في عدم القدرة على عودة هؤلاء الأهالي إلى منازلهم المدمرة، مبيناً أن الأزمة الإنسانية، ستكون مفتوحة أمام هذا الجيش من النازحين، ذلك أن حلم العودة إلى المدن والقرى، تبخر مع العمليات العسكرية التي أخذت كل حجر.

وذكر الفريق أن النازحين يتجهون إلى مخيمات منظمة وغير منظمة، والبعض منهم توجهوا إلى قرى وبلدات شبه آمنة، بينما قصدت عائلات أخرى العراء وتحت الأشجار، في ظل النقص الحاد في الإمكانات المادية لتوفير احتياجات هذا العدد الكبير من النازحين.

النازح عمر الخير من معرة النعمان، يقول إن العودة إلى معرة النعمان اليوم، أصعب خيار نتخذه، صحيح أن المخيمات لا يمكن العيش فيها، إلا أن ما كان يسترنا من سقف في معرة النعمان، تم تدميره بسبب القتال، ومع ذلك، يفكر عمر في العودة إلى معرة النعمان.

أما حسن الياسين، الذي نزح من بلدة باب النيرب، واستقر على الحدود السورية التركية في أحد المخيمات، يقول كنا نتوقع أن يكون هناك حل مرافق للاتفاق التركي الروسي، والنظر إلى موضوع النازحين، لكن خاب أملنا، إذ سقطت أهميتنا في كل الاتفاقات.

نقمة النازحين على ما وصلوا إليه، كان صدمة كبيرة بالنسبة لهم، إذ خسروا كل شيء يملكونه بسبب هذا الصراع، وبعد أن تبين لهم أنهم خارج حسابات الدول، قرر البعض الهرب إلى تركيا، وتجاوز الحدود، مهما كانت الظروف.

«البيان» تواصلت مع أحد الأشخاص الذين قرروا الخروج إلى تركيا، رغم القيود المشددة على الحدود التركية، وانتشار عناصر الشرطة الحدودية.

مخيمات الموت

يقول أبو سلمو، كما عرف عن نفسه، كنا في مخيمات الموت، وليس مخيمات اللجوء، لم تكن هناك أدنى مقومات الحياة، خصوصاً في فصل الشتاء، وبينما تأكد لنا أن المشكلة الإنسانية، ما هي إلا أداة بين بعض الدول المعنية بالأزمة السورية، وبعد أن سمعنا بفتح الحدود التركية مع أوروبا، قررنا الخروج بطريقة التهريب إلى تركيا، ومن ثم التوجه إلى اليونان.

ويتابع أبو سلمو، الذي اصطحب عائلته المؤلفة من خمسة أشخاص معه، أنه لن يتراجع عن خيار الهجرة إلى أوروبا، ويؤكد أنه لن يقيم في تركيا، مهما كان الأمر، وسيبقى على الحدود مع اليونان، إلى أن يسمح له بالدخول.

Email